عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 31-07-2003, 06:53 PM
ابن الوردي ابن الوردي غير متصل
السلف والخلف مؤمنون
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2003
الإقامة: أرض مباركة
المشاركات: 647
Post

قال الإمام الحافظ ابن عساكر في كتابه الذي ألّفه في الدفاع عن الإمام الأشعري وبيّن فيه كذب من افترى عليه ما نصّه :"والكلامُ المذموم كلام أصحاب الأهوية وما يزخرفه أرباب البدع المُرْدية، فأما الكلام الموافق للكتاب والسنّة الموضح لحقائق الأصول عند ظهور الفتنة فهو محمود عند العلماء ومن يعلمه، وقد كان الشافعي يحسنه ويفهمه، وقد تكلم مع غير واحد ممن ابتدع، وأقام الحجة عليه حتى انقطع". اهـ.
وقال الربيع بن سليمان: "حضرت الشافعي وحدَّثني أبو شعيب إلا أني أعلم أنه حضر عبد الله بن عبد الحكم ويوسف بن عمرو بن يزيد وحفص الفرد وكان الشافعي يسميه المنفرد، فسأل حفص عبد الله بن عبد الحكم فقال: ما تقول في القرءان، فأبى أن يجيبه فسأل يوسف بن عمرو فلم يجبه، وكلاهما أشار إلى الشافعي، فسأل الشافعي فاحتجّ عليه الشافعي، فطالت فيه المناظرة فقام الشافعي بالحجة عليه بأن القرءان كلام الله غير مخلوق، وكفّر حفصًا الفرد قال الربيع: فلقيت حفصًا الفرد في المسجد بعدُ، فقال: أراد الشافعي قتلي".اهـ.
فإن قيل: قد ذمّ علم الكلام جماعةٌ من السلف، فروي عن الشعبي أنه قال:
من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كذب. وروي مثله عن الإمام مالك، والقاضي أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة.
قلنا: أجاب الحافظ أبو بكر البيهقي عنه بقوله: "إنما يريدوا والله أعلم بالكلام كلام أهل البدع، فإن في عصرهم إنما كان يعرف بالكلام أهل البدع، فأما أهل السنّة فقلَّما كانوا يخوضون في الكلام حتى اضطروا إليه بعد".اهـ.
قال ابن عساكر: "فهذا وجه في الجواب عن هذه الحكاية، وناهيك بقائله أبي بكر البيهقي فقد كان من أهل الرواية والدراية. وتحتمل وجهًا ءاخر وهو أن يكون المراد بها أن يقتصر على علم الكلام ويترك تعلّم الفقه الذي يتوصل به إلى معرفة الحلال والحرام، ويرفض العمل بما أُمِر بفعله من شرائع الإسلام، ولا يلتزم فعل ما أمر به الشارع وترك ما نهى عنه من الأحكام. وقد بلغني عن حاتم الأصم وكان من أفاضل الزهّاد وأهل العلم أنه قال: الكلام أصل الدين، والفقه فرعه، والعمل ثمره، فمن اكتفى بالكلام دون الفقه والعمل تزندق، ومن اكتفى بالعمل دون الكلام والفقه ابتدع، ومن اكتفى بالفقه دون الكلام والعمل تفسّق، ومن تفنّن في الأبواب كلها تخلص" اهـ. وقد روي مثل كلام حاتم عن أبي بكرٍ الورّاق.
قال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في شرح الإحياء :"هذه المسائل التي تلقاها الإمامان الأشعري والماتريدي هي أصول الأئمة رحمهم الله تعالى، فالأشعري بنى كتبه على مسائل من مذهب الإمامين مالك والشافعي أخذ ذلك بوسائط فأيدها وهذبها، والماتريدي كذلك أخذها من نصوص الإمام أبي حنيفة"اهـ.
قلت [اي الحافظ] الزبيدي: وللإمام أبي حنيفة رضي الله عنه: (الفقه الأكبر) و(الرسالة) و(الفقه الأبسط) و(العالم والمتعلّم) و(الوصية)؛ أما الوصية فقد اختلف في نسبتها إلى الإمام كثيرًا، فمنهم من ينكر نسبتها للإمام مطلقًا ويزعم أنها ليست من عمله، ومنهم من ينسبها إلى محمد بن يوسف البخاري المكنى بأبي حنيفة، وهذا قول المعتزلة لما فيها من إبطال نصوصهم الزائغة وادعائهم كون الإمام منهم ـ أي في المعتقد ـ كما في المناقب الكردرية.
أبو حنيفة وصاحباه أول من توسع في كلامه عن الاصول
والإمام أبو حنيفة وصاحباه أول من تكلّم في أصول الدين بالتوسّع وأتقنها بقواطع البراهين على رأس المائة الأولى، وقد ذكر الأستاذ عبد القاهر البغدادي أن أول متكلمي أهل السنّة من الفقهاء أبو حنيفة والشافعي، ألفّ فيه الفقه الأكبر والرسالة في نصرة أهل السنّة إلى مقاتل ابن سليمان صاحب التفسير وكان مجسّمًا، وقد ناظر فرقة الخوارج والروافض والقدرية والدهرية وكانت دعاتهم بالبصرة فسافر إليها نيفًا وعشرين مرةً، وفضّهم بالأدلة الباهرة، وبلغ في الكلام ـ أي علم التوحيد ـ إلى أنه كان المشار إليه بين الأنام، واقتدى به تلامذته الأعلام.
وفي مناقب الكردري عن خالد بن زيد العمري أنه كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وحماد بن أبي حنيفة قد خَصَمُوا بالكلام الناس أي ألزموا المخالفين، وهم أئمة العلم. وعن الإمام أبي عبد الله الصيمري أن الإمام أبا حنيفة كان متكلم هذه الأمة في زمانه، وفقيههم في الحلال والحرام.
وهذه الكتب الخمسة ليست من جمع الإمام أبي حنيفة، بل الصحيح أن هذه المسائل المذكورة في هذه الكتب من أمالي الإمام التي أملاها على أصحابه كحمّاد وأبي يوسف وأبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي وأبي مقاتل حفص بن سلم السمرقندي، فهم الذين قاموا بجمعها، وتلقاها عنهم جماعة من الأئمة كإسماعيل بن حمّاد ومحمد بن مقاتل الرازي ومحمّد بن سماعة ونصير بن يحيى البلخي وشداد بن الحكم وغيرهم، إلى أن وصلت بالإسناد الصحيح إلى الإمام أبي منصور الماتريدي، فمن عزاها إلى الإمام صح لكون تلك المسائل من إملائه إلى أبي مطيع البلخي وغيره، ومن عزاها إلى غيره ممن هو في طبقته أو ممن هو بعدهم صح لكونها من جمعه، ذكره الفقيه المحدّث اللغوي محمد مرتضى الزبيدي.
وقال الفقيه الأصولي الزركشي في تشنيف المسامع: "إن الأئمة انتدبوا للرد على أهل البدع والضلال، وقد صنّف الشافعيّ كتاب (القياس) ردّ فيه على من قال بقدم العالم من الملحدين، وكتاب (الرد على البراهمة) وغير ذلك، وأبو حنيفة كتاب (الفقه الأكبر) وكتاب (العالم والمتعلّم) رد فيه على المخالفين، وكذلك مالك سئل عن مسائل هذا العلم فأجاب عنها بالطريق القويم، وكذلك الإمام أحمد".ا.هـ.
وقد صنّف سيد المحدّثين في زمانه محمّد بن إسمبعيل البخاري ه المتوفى سنة 256هـ ـ كتاب (خلق أفعال العباد)، وصنّف المحدث نعيم ابن حماد الخزاعي وهو من أقران الإمام ـ المتوفى في حبس الواثق سنة 228هـ ـ كتابًا في الردّ على الجهمية وغيرهم، وصنّف المحدّث محمّد بن أسلم الطوسي ـ المتوفى سنة 242هـ ـ وهو من أقران الإمام أحمد أيضًا في الردّ على الجهمية، وقد ردّ على المعتزلة فأجاد بالتأليف ثلاثة من علماء السنّة من أقران الإمام أحمد بن حنبل: الحارث المحاسبي، والحسين الكهرابيسهي، وعبد الله بن سعيد بن كُلاّب ـ المتوفى بعد الأربعين ومائتين بقليل ـ ويمتاز الأول بإمامته أيضًا في التصوف.
__________________
[size=3][align=JUSTIFY]قال الله تعالى: {ليس كمثله شيء}، الشرح: إن الله لا يشبهه شيء من خلقه، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وقد جاء في العقيدة الطحاوية المعتمدة عند عموم أهل السنة والجماعة: [من وصف الله بمعنى من معاني البشر –أي بصفة من صفات البشر- فقد كفر، من أبصر هذا اعتبر وعن مثل قول الكفار انزجر].
كان بطل ملوك الاسلام ومحرر الأقصى [السلطان صلاح الدين الأيوبي] أشعريا. كذلك [[color=red]السلطان محمد العثماني[/CO