نعـم هـذا الجـزء من المسـجد والذي بقي مهمـلاً فتـرةً مـن الزمـن وظـنّ الذين يـزوّرون التّـاريخ أنّ هـذا ممـراً للهيكـل أو مخـزن حتى وقـع بعـض الـذين كتبـوا عــن التسـويـة الشـرقيـّة فــي أخطـاء خطيـرة أمثـال الفنّـي الـذي قــال بـأنّ أصـل هـذا البناء هيـرودي وهـذا زعم بعيد عـن الحقيقـة لأنّ هنـاك ميـزات تؤكّـد إسـلاميّة البنـاء، حيـث يمتـاز المصلّـى المرواني بميـزة الدعـامـات والعقـود الحجريّـة وهي ميـزة معماريّـة للفـن الأمـوي، ونجـد بأنّ هـذه التسـوية التي قاموا بعملهـا لتكـون أسـاسـاً قويّـاً يحمل فوقهـا بنـاءاً ضخمـاً، والزّائـر لهـذا المكـان يشعر بالروح الإسـلاميّـة الواضحـة، حيـث نظـام الروقـة والأعمـدة التي تناسـب القبلـة والصّـلاة وهـي منتشـرة إلــى حـدّ كبيـر فـي فلسطين وبـلاد الشــام، وهــي تشـبه بشـكل كبيـر صهاريـج الرملـة التـي تعــود للفتـرة الأمويّــة.
ونلحظ أنّ البنـاء أقيـم كتسـوية فكلما انحدرنـا نحو الجنوب زاد الارتفاع ليصـل إلـى حوالي 10 أمتـار وكلما صعدنـا قـلّ الارتفاع ليصل إلـى 3 أمتـار، وقـد بلغ عـدد أعمدتـه 100 عـامود مريعة الشكل، شـكّلت مع تعاضد الأقـواس والعقـود النصـف بـرميليّـة، 16 رواقـاً فـي أبهي صـورة وأجمـل منظـر.
ويكفيـك مـن جمـال هذه الأعمـدة الدمـوع الكلسـيّة التي تشكلت علـى أعمدته وجدرانـه وكأنّـي بالمصلّـى المروانـي قـد بكـى سـنين طويلـة منـذ فارقـه صـلاح الدين ويقـول لكل المسلمين أو مـا عادت النّـساء تحمـل فـي أحشـائهـا صـلاحـاً أم أنّ فـساداً فـي الأمّـة لاح. ألا فاعلمـوا أنّ فـي الحركـة صـلاح لا محالـة، فبعـد هـذه السنين عـاد هـذا الجـزء مـن المسـجد عامـراً بفضل الله مفتوحـاً طيلـة أيّـام الأسـبوع والجمـع والأعيـاد فيـه حلقـات القرآن لا تنقطـع.
يـا أحبـاب الأقصـى هـذا جـزء لا يتجزأ من الحرم القدسـي وقـد اهتمّ بعمارتـه علـى مـدار الألف والأربعمائـة عـام ومـن أراد المزيـد فعليـه بقراءة النقش للسـلطان العالم العادل سيف الدين بـن قـلاوون الصالحي الذي رحم هـذا المكان والتحم هذا الترميم مرداراً بسليمان القانوني إلـى أن انتهـى بيـد المخلصين المتوضئين فلم يشـهـد هذا القرن عمـارة كمـا شـهدتها هـذه التسـويـة بفضـل الله ثـمّ بفضـل العاملين.
وختـامـاً..
فـإنّ الأمـل باللـه أن يعـاد لهـذه التسـويـة فتـح أبوابهـا التي هـي باتجاه بـاب الرّحمـة، وأن تصـل هـذه التسـويـة التــي تبلـغ مـن المسـاجـد حوالــي الأربعـة آلاف متـر مربّـع إلـى الأقصـى القـديـم ويـلتحـم الأقـصـى بالصخــرة معلنـةً عـن حـرم قـدســي كامـل هـو المقصـود بسـورة الإسـراء فـي لقـاء قـريـب بإذن اللــه تعـالــى.
.. يتبع ..