عرض مشاركة مفردة
  #13  
قديم 21-08-2003, 08:47 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

عمارة الأقصى
لا يوقفها زلزال ولا احتلال


الحمد لله الذي جعل الأقٌصى مهوى قلوب المسلمين، ومقصد الخلفاء والأمراء والعلماء والمجاهدين والزائرين إلى يوم الدين، فبعد مبادرة الفاروق عمر ـ رضي الله عنه ـ وهمة الوليد، حتى جاءت الدموع غزيرة ساخنة على الزلزال الذي هدم أجزاء واضحة من المسجد، فقد روي عن عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن ثابت عن أبيه عن جده أن الأبواب كلها كانت ملبسة بصفائح الذهب والفضة في خلافة الوليد بن عبد الملك، فلما قدم أبي جعفر المنصور العباسي وكان شرقي المسجد وغربه قد وقع، فقيل له: يا أمير المؤمنين قد وقع شرقي المسجد وغربه من الرجفة في سنة ثلاثين ومائة ولو أمرت ببناء هدا المسجد وعمارته فقال ما عندي شيء من المال. ثم أمر بقلع الصفائح الذهب والفضة التي كانت على الأبواب وضربت دنانير ودراهم وأنفقت عليه حتى فرغ.
نعم، هدا هو الترميم الأول في المسجد الأقصى في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور { 136ـ 158هـ، 754 ـ 775 م }. ولكن الفرحة لم تدم طويلاً حتى عادت دموع أركان المسجد تسيل ودياناً وأنهاراً حيث الهزة العنيفة الثانية ودلك في سنة { 158 هـ، 774 م } فتدمر معظم البناء وبقي الأقصى على حاله حتى قدم الخليفة العباسي المهدي {158 ـ 196 هـ، 775 ـ 785 م} وقام بترميمه ثانيةً وتم الترميم في سنة 163 هـ، 780 م.

ولك أن تنظر أيها القارىء إلى جمال الترميم الذي هدى الله إليه المهدي حيث كان المسجد الأقصى في عهده خمسة عشر رواقاً كما وصفه المقدسي، ويبدو أن هناك حكمة عظيمة لكثرة الهزات، فها هي الهزة الثالثة في عام 425 هـ، 1042 م دمرت ما عمره المهدي فقام الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي بترميمه في سنة 426 هـ، حيث قام باختصاره على شكله الحالي بعد أن حذف أربعة أروقة من كل جهة رمم القبة وزخرفها من الداخل، وقد ثبت دلك من خلال النقش الموجود حيث جاء فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم نصر من الله لعبد الله ووليه أبي الحسن علي الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أمير المؤمنين.

صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين أمر بعمل هذه القبة وإذهابها سيدنا الوزير الأجل صفي أمير المؤمنين وخاصته أبو القاسم علي بن أحمد أيده الله ونصره، وحمل جميع دلك إلى سلخ دي القعدة سنة ست وعشرين وأربع مائة صنعه عبد الله بن الحسن المصري المرزوق ".

وقد أشـار إلى دلك الذهبي في كتابه العبر في خبر من غبر، أيها الأحباب إن القارئ لهده الفترة، ليجد أن الزلازل قد كثرت بمصر والشام حتى بوب الحنبلي في كثرة الزلازل بمصر والشام فهدمت أشياء كثيرة ومات تحت الردم خلق كثير. وانهدم من الرملة ثلثها، وتقطع جامعها، وسقط بعض حيطان بيت المقدس، ووقع من محراب داود بالقلعة ـ قطعة كبيرة، ومن مسجد إبراهيم قطعة، وفي سنة 452 هـ سقط تنور قبة الصخرة، وفيه خمسمائة فنديل فتطير المقيمون به من المسلمين وقالوا: ليكونا في الإسلام حادث عظيم فكان أحد الزنج له سنة 492 هـ.

وننتقل من الزلزال إلى الاحتلال وأي احتلال انه احتلال دمر الأرض وهتك العرض وأصبحت الدماء تغوص إلى صدر الخيل، احتلال بدأ في 15/6/1099 ، أي قبل تسعمائة عام ليعاد الاحتلال بنفس الصيغة ولنفس الأهداف في هده الأيام ، أننـا نريد أن نؤكد أن احتلال الأقصى من قبل الفرنجة الصليبيين لم يكن مفاجئاً لحكام المسلمين أصحاب الألقاب الفخمة الضخمة في تلك الأيام ، فقد كان في مصر الخليفة المستعلي ، وقائد جيوشها الأفضل بن بدر الجمالي ، وفي القدس أميرها افتخار الدولة وأنها نفس الألقاب التي نحياها اليوم صدق فيها قول الشاعر الأندلسي : ـ
مما يزهدني في أرض أنـدلس ألقاب معتضد فيهـا ومعتمـد.
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاضا صولة الأسد.

ولك أيها القارئ أن تعرف كيف ضاع الأقصى مقابل أن يخرج افتخار الدولة في اليوم الذي دخل فيه الصليبيون، يخرج بحرسه وماله هارباً إلى الحامية الإسلامية في عسقلان سلم الأقصى ودفع المال، وترك المسلمين يقتلون ويذبحون، حتى قال المؤرخ الصليبي: لقد اقتحمنا على المسلمين الأقصى فقتلنا فيه مائة ألف إنسان، وبقيت جثثهم في أماكنها حتى عفا عليها الزمن انظر إلى ( عار الدولة ) مادا فعل، لقد حول هؤلاء المحتلون الأقصى إلى مقر لفرسان أسموهم فرسان الهيكل، وغيروا فيه كثيراً من المعالم، واستعملوه لأغراضهم الدينية والأهلية والحربية، ومستودعاً لأسلحتهم واتخذوا جانبه الشرقي كنيسة وجانبه الغربي مسكناً لفرسان الهيكل. وبقي مائة عام هدا الحال، فهدا أسامه بن منقذ ( 488 هـ ـ 584 هـ ) يصف أخلاق الفرنجة في بيت المقدس في كتابه الاعتبار بأنهم كانوا همجاً ولا يعرفون خلقاً ولا معروفاً.

وبقي الحال على ما هو عليه إلى أن أدن الله بالفتح الصلاحي المبين فقطع الله دابر القوم الدين ظلموا والحمد لله رب العالمين الذي هيأ لتحرير الأقصى وعمارته أمثال صلاح الدين، فمع الفتح الصلاحي والنور السلطاني في المسجد الأقصى بإذن الله رب العالمين

إنتهى

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }