عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 07-09-2003, 03:26 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي كنت آخر من رآه في هذا العالم ....

بين الألم الذي يعتصر القلب ...
والأمل الذي أرجوه في رحمة الله ...
بين الخوف من عذاب الله ...
والرجاء في عفوه ...
بين الحزن على من نفارقهم ...
والدموع التي تملأ المآقي والجفون ...
بين كل هذه المتناقضات التي جمعتها اللحظات لتضعها أمام ناظري
كنت أنظر ... ولكن إلى من ....؟؟؟
أنظر إلى من يُحملون بين الأكف وفي الراحات ليواروا في الثرى ..
أعترف أن اللحظات كانت تمر قاسية ....
فما بالك إن كنت تنظر إلى قريب لك تحمله الأكف والراحات لتنزله إلى القبر ملفوفا بكفنه الأبيض
بل ما بالك إن كان من تحمله الأكف والراحات منك بمنزلة القلب والروح ..
وكيف يكون الأمر إن كنت أنت من تحمله على كفيك وراحتيك ...
أعترف أن الأمر عندي تعجز الكلمات عن وصفه ...
لم تكن اللحظات قاسية أبدا ...
بل كانت أشد من العذاب الأليم ...
وكيف لا يكون الأمر كذلك ومن تحمله بين راحتيك هو ( عمك ) الذي أحببت
وكيف لا يكون الأمر كذلك وهذا الذي فاضت روحه كان والدك بعد والدك ...
كيف يكون الأمر وأنت تنظر إلى والد قد لحق بوالد
تحاملت على الألم والخوف والرهبه ...
وهبطت إلى داخل القبر لأسجي ( عمي ) فيه ...
لحظات ألم قضيتها داخل جنبات ذلك القبر الذي تشع من جوانبه رائحة الموت
لكم أن تتخيلوا تلك الصور التي تمر أمام ناظري في هذا المكان الموحش
هذا الذي ضم بين جنباته العديد من موتى المسلمين
أين كانوا ..؟؟
وكيف صاروا ...؟؟
عظام مهترئة ملفوفة في قطعة قماش موضوعة في أول القبر
اين المعتبرون ....؟؟
اين من جاهروا بالمعصية ..؟؟؟
اين من فرحوا بما أوتوا ....؟؟؟
والله إنها لحظات قاسية جعلت العبرة تغصُّ في الحلق منها
والعين تدمع من رهبتها ...
وكيف لا يكون الأمر كذلك ..
وقد كنت بين جنبات القبر لا يفصلني عن ظلماته إلا أن توضع تلك القطعتان على فوهته فينسد ...
ماذا تراني أقول ...
وأنا أتناول ذلك الرأس الملفوف بالأبيض لأنزله إلى القبر ...
آه ثم آه ثم آه
أليس هذا هو الرأس الذي كنت أشتاق أن أقبل هامته حيا..!!؟
سبحان الله ....
كيف لي أن أجرؤ على أن أفعل به ذلك بيدي ..؟
عبرات حشرجت في صدري ...
ودمعة فاضت من عيني ...
كنت أوصي من كان معي في القبر أن يرفق به حتى لا يتأذي ...
لم يدر بخلدي أن روحه قد فاضت إلى بارئها
أنزلته بيدي في القبر وسجيته على جانبه الأيمن
فككت عنه رباط الكفن
وأزحت الكفن عن وجهه
فكان كفلقة البدر يوم تمامه
قبلته في جبهته
وكنت آخر من رآه في هذا العالم
بل كنت آخر من قبل جبينه
وخرجت من القبر
ورأيت الحاضرون قد أسرعوا ليضعوا التراب عليه ...
وطويَتْ مع رحيله أجمل ابتسامة عرفتها
كان رحمه الله كثير الذكر
تعرف قدومه بسماعك تكبيره وتحميده وتهليله
كان رحمه الله صاحب صوت جهوري
ما فارقت الابتسامة محياه حتى وإن كان غاضبا
كان يقول دائما
ليس هناك في الفانية ما يستحق الغضب ... فلماذا تغضبون ..؟؟
رحمك الله يا عماه وأسكنك فسيح جناته
وأسأل الله العلي القدير أن يجمعني بك في مستقر رحمته
مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين
إنه ولي ذلك والقادر عليه
وإنا لله وإنا إليه راجعون ...
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }