عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 15-09-2003, 02:26 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الصلح مع اليهود لا يقتضي التمليك أبديا

س 2 : هل تعني الهدنة المطلقة مع العدو إقراره على ما اقتطعه من أرض المسلمين في فلسطين ، وأنها قد أصبحت حقا أبديا لليهود بموجب معاهدات تصدق عليها الأمم المتحدة التي تمثل جميع أمم الأرض ، وتخول الأمم المتحدة عقوبة أي دولة تطالب مرة أخرى باسترداد هذه الأرض أو قتال اليهود فيها؟

ج 2 : الصلح بين ولي أمر المسلمين في فلسطين وبين اليهود لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكا أبديا ، إنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكا مؤقتا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة .

وهكذا يجب قتالهم عند القدرة حتى يدخلوا في دين الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم- صاغرون . وهكذا النصارى والمجوس ؛ لقول الله سبحانه في سورة التوبة : قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ الجزية من المجوس . وبذلك صار لهم حكم أهل الكتاب في أخذ الجزية فقط إذا لم يسلموا .

أما حل الطعام والنساء للمسلمين فمختص بأهل الكتاب ، كما نص عليه كتاب الله سبحانه في سورة المائدة . وقد صرح الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى سورة الأنفال : وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا الآية . بمعنى ما ذكرنا في شأن الصلح ما تقضيه المصلحة يعمل به من الصلح وعدمه .

س 3 : هل يجوز بناء على الهدنة مع العدو اليهودي تمكينه بما يسمى بمعاهدات التطبيع من الاستفادة من الدول الإسلامية اقتصاديا وغير ذلك من المجالات ، بما يعود عليه بالمنافع العظيمة ، ويزيد من قوته وتفوقه ، وتمكينه في البلاد الإسلامية المغتصبة ، وأن على المسلمين أن يفتحوا أسواقهم لبيع بضائعه ، وأنه يجب عليهم تأسيس مؤسسات اقتصادية ، كالبنوك والشركات يشترك اليهود فيها مع المسلمين ، وأنه يجب أن يشتركوا كذلك في مصادر المياه كالنيل والفرات ، وإن لم يكن جاريا في أرض فلسطين؟

ج 2 : لا يلزم من الصلح بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اليهود ما ذكره السائل بالنسبة إلى بقية الدول ، بل كل دولة تنظر في مصلحتها ، فإذا رأت أن من المصلحة للمسلمين في بلادها الصلح مع اليهود في تبادل السفراء والبيع والشراء ، وغير ذلك من المعاملات التي يجيزها شرع الله المطهر ، فلا بأس في ذلك وإن رأت أن المصلحة لها ولشعبها مقاطعة اليهود فعلت ما تقتضيه المصلحة الشرعية ، وهكذا بقية الدول الكافرة حكمها حكم اليهود في ذلك .

والواجب على كل من تولى أمر المسلمين ، سواء كان ملكا أو أميرا أو رئيس جهورية أن ينظر في مصالح شعبه فيسمح بما ينفعهم ويكون في مصلحتهم من الأمور التي لا يمنع منها شرع الله المطهر ، ويمنع ما سوى ذلك مع أي من دول الكفر ، عملا بقول الله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وقوله سبحانه : وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا الآية .

وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مصالحته لأهل مكة ولليهود في المدينة وفي خيبر ، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالأمير راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والعبد راع في مال سيده ، ومسؤول عن رعيته ثم قال صلى الله عليه وسلم : ألا فكلكم راع ومسؤول عن رعيته وقد قال الله عز وجل في كتابه الكريم : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

وهذا كله عند العجز عن قتال المشركين ، والعجز عن إلزامهم بالجزية إذا كانوا من أهل الكتاب أو المجوس ، أما مع القدرة على جهادهم وإلزامهم بالدخول في الإسلام أو القتل أو دفع الجزية- إن كانوا من أهلها فلا تجوز المصالحة معهم ، وترك القتال وترك الجزية ، وإنما تجوز المصالحة عند الحاجة أو الضرورة مع العجز عن قتالهم أو إلزامهم بالجزية إن كانوا من أهلها ؛ لما تقدم من قوله سبحانه وتعالى : قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

وقوله عز وجل : وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ إلى غير ذلك من الآيات المعلومة في ذلك . وعمل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة يوم الحديبية ويوم الفتح ، ومع اليهود حين قدم المدينة يدل على ما ذكرنا .

والله المسؤول أن يوفق المسلمين لكل خير ، وأن يصلح أحوالهم ، ويمنحهم الفقه في الدين ، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم ، وأن يعينهم على جهاد أعداء الله على الوجه الذي يرضيه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }