عرض مشاركة مفردة
  #153  
قديم 22-09-2003, 04:28 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

ومعلوم أن كثيرا من الناس قد يعالج بهذه الثلاثة ولا يحصل له الشفاء؛ لأن الله سبحانه لم يقدر له ذلك ، وهو سبحانه الحكم العدل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، وفي الصحيحين أن ركبا من الصحابة رضي الله عنهم مروا على قوم من العرب وقد لدغ سيدهم ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه ، فسألوا الركب المذكور هل فيكم راق؟ فقالوا : نعم ، وشرطوا لهم جعلا على ذلك ، فرقاه بعضهم بفاتحة الكتاب فشفاه الله في الحال ، وقام كأنما نشط من عقال ، فقال الذي رقى لأصحابه : لا نفعل شيئا في الجعل حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم - وكان أصحاب اللديغ لم يضيفوهم فلهذا شرطوا عليهم الجعل- فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه بما فعلوا ، فقال : " قد أصبتم واضربوا لي معكم بسهم " ففي هذا الحديث الرقية بالقرآن ، وقد شفى الله المريض في الحال ، وصوبهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وهذا من الاستشفاء بالقرآن من مرض الأبدان .

وفد أخبر الله سبحانه في آية أخرى في سورة يونس أن الوحي شفاء لما في الصدور ، وهي قوله سبحانه : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وكون القرآن شفاء لما في الصدور لا يمنع كونه شفاء لمرض الأبدان ، ولكن شفاءه لما في الصدور أعظم الشفائين وأهمهما ، ومع ذلك فأكثر الناس لم يشف صدره القرآن ولم يوفق للعمل به ، كما قال سبحانه في سورة الإسراء : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا وذلك بسبب إعراضهم عنه وعدم قبول الدعوة إليه .

وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاث عشرة سنة يعالج المجتمع بالقرآن ويتلوه عليهم ويدعوهم إلى العمل به فلم يقبل ذلك إلا القليل ، كما قال الله سبحانه : وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وقال سبحانه : وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ

فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان ، ولكن لمن أراد الله هدايته ، وأما من أراد الله +شفاوته فإنه لا ينتفع بالقرآن ولا بالسنة ولا بالدعاة إلى الله سبحانه؛ لما سبق في علم الله من شقائه وعدم هدايته ، كما قال سبحانه : وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ وقال سبحانه : وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ الآية ، وقال سبحانه : فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ والآيات في هذا المعنى كثيرة ، وهكذا الأحاديث الصحيحة .

وأما تأويل علي بن مشرف الحديث : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم بأنه على سبيل الاستعارة ، كما حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح عن بعضهم ، أو أن ذلك بالنسبة لبعض الموسوسين ، كما قاله علي المذكور ، فهو قول باطل ، والواجب : إجراء الحديث على ظاهره وعدم تأويله بما يخالف ظاهره؛ لأن الشياطين أجناس لا يعلم تفاصيل خلقتهم وكيفية تسلطهم على بني آدم إلا الله سبحانه ، فالمشروع لكل مسلم : الاستعاذة به سبحانه من شرهم ، والاستقامة على الحق ، واستعمال ما شرعه الله من الطاعات والأذكار والتعوذات الشرعية ، وهو سبحانه الواقي والمعيذ لمن استعاذ به ولجأ إليه ، لا رب سواه ، ولا إله غيره ، ولا حول ولا قوة إلا به .

ونسأل الله سبحانه أن يثبتنا على دينه ، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من اتباع الهوى ونزغات الشيطان ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يوفق المسلمين لكل خير ، وأن يمنحهم الفقه في الدين ، وأن يولي عليهم خيارهم ، وأن يصلح قادتهم ، إنه سميع قريب . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }