الخاتمة : هل صوم رسول الله صلى الله عليه و سلم الثالث و الرابع و الخامس عشر من كل شهر معجزة نبوية ؟
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ .
رواه النسائى
رأينا الاراء المختلفة .. و نحن جميعا أيها المسلمون نؤمن أن كل ما يفعله سيدنا محمد له حكمة .. و أنه سيد الخلق و سيد البشر .. علينا ان نتفق إذا على بعض الأشياء الأساسية عندما نريد أن نقول أن صيام المعصوم صلى الله عليه و سلم للثالث و الرابع و الخامس عشر من كل شهر عربي معجزة من المعجزات العلمية.
علينا أن نرى أن العلماء مختلفون في سبب تأثير البدر على الإنسان ليلة اكتماله .. و لا يجوز لنا ان ناخذ برأي البعض لنؤكد غاية ما في نفوسنا و نهمل رأي البعض الاخر .. و لكن كما هو واضح أن كلام الدكتور راج بيرسود، الطبيب النفسي الاستشاري في مستشفى مودسلي، كان الاكثر وسطية .. حيث اعترف بوجود تأثير للبدر في تلك الليلة .. و هو ما نراه جليا وواضحا من كل ما قرأناه .. و لكنه يفند فكرة جذب القمر لماء الجسم .. بينما يؤكدها البعض الاخر ..
إذا الشيء المتفق عليه اولا هو حدوث أشياء عجيبة في ليلة البدر .. أقلها المزاج العصبي المتغير .. و أكثرها حالات القلق و التوتر و العمليات الإجرامية و الانتحار .. و نحن نرى ان أغلبها يرجع للعامل النفسي .. فإذا وجدنا سيدنا محمدا يصوم الثلاث ليالي التي تسبق انتصاف الشهر العربي و كمال البدر - و لا بد انه ليس على سبيل المصادفة - لكان علينا أن ننظر إلى ما يتركه الصوم من أثر في النفس قبل الجسم:
1- فالصوم جنة .. (وردت هذه الجملة في عدة أحاديث عن عدد من الصحابة منها: عن أبي هريرة في الصحيحين). أي درعًا واقية من الإثم في الدنيا، ومن النار في الآخرة، تقي الإنسان من المرض النفسي لأنه يعود الانسان على الصبر .. ولا غَرْو أن سَمَّى النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان: (شهر الصبر)، وجاء في الحديث: "صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، يذهبن وحَر الصدر" (رواه البزار عن علي وابن عباس، والطبراني والبغوي عن النمر بن تولب، كما في صحيح الجامع الصغير -3804. ومعنى "وَحَر الصدر": أي غِشَّه ووساوسه، وقيل: الحقد والغيظ وقيل غيره)..
سيدنا محمد أمر الرجل الذي لا يملك مالا للزواج بالصوم .. لكي يعوده الصبر على الاحساس بالحرمان من النساء .. و أنه لا بد و ان ياتي يوم ما يتزوج كما يأتي الطعام وقت أذان المغرب .. وهو الان في سنته الشريفة يعودنا الصوم قبل ليلة انتصاف البدر ليحيي فينا خلق الصبر الجميل .. فنصبر على التغير العصبي و النفسي .. و نصبر ليلتها على أولئك الذي سيتأثرون عصبيا و يصبحوا من الفظاظة و الغلظة القلبية بشكل من الأشكال .. و قد رأينا في مقال دكتور لافالادي أنه يأمر المديرين أن يكونوا أكثر ليونة و صبرا على الموظفين في ذلك اليوم لأن تغير الحالة المزاجية العامة ليس بأيديهم. و هذا هو الاعجاز النبوي الشريف
2- لاحظنا وجود تقارير مؤكدة عن زيادة الأكل و الشرب في تلك الليلة .. الأكل معدله يزيد بنسبة 8 في المائة .. و الشرب يزيد بنسبة 25 في المائة !
.. فالمعجزة الأولى هنا هو كون رسول الله أفطر في تلك الليلة .. و الثانية هو كون سيدنا محمد قلل من مخزون جسمه من الأكل و الشراب بشكل تدريجي خلال ثلاث ايام ليتيح مساحة للزيادة التي ستحدث في نظام اكله و شربه ليلة الخامس عشر . و هذا السلوك سيحافظ على وزن الجسم أولا .. ثم أنه سيجعل الفعل النبوي الشريف لا يتناقض مع قوله صلى الله عليه و سلم فثلث لطعامك و ثلث لشرابك و ثلث لنفسك .. فحصيلة الثلاث أيام تكون الثلث.
3- لاحظنا ان الفريق الطبي أوضح انه يحدث قلق وعدم نوم في تلك الليلة .. و سهر الليل عند المسلم المؤمن يكون على أحلى حال مع الزيادة في قراءة القرآن . و قيام الليل .. مناسبة تماما .. لأن زيادتك في الأكل في هذا اليوم سيقوي جسدك و يتيح له الفرصة ليضيع ما بقي من زيادة في قيام الليل. ففكر في ان صيام الثالث و الرابع و الخامس عشر من كل شهر مع قيام الليل أصبحوا وجبة إيمانية كاملة حتى و إن كان الحديث النبوي لم يذكر مسألة قيام الليل هذه ضمنا في ليلة الخامس عشر .. و لكنا نقول إذا حدث أن وقع احد المسلمين في مسألة الأرق فالمتوقع منه القيام او قراءة القرآن لكونه في الأصل مجبول على العبادة و لا سبب لوجوده في الأرض او في الحياة إلا العبادة .. فإذا حدث هذا فقد أعد رسول الله صلى الله عليه و سلم البرنامج الغذائي المناسب دون أن تشعر.
4- قال ابن سينا في القانون : " ويأمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت وهاجت ، ولا في آخره لأنها تكون قد نقصت بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة بالغة في تزايدها ، لتزايد النور في جرم القمر " .
5- المعجزة في بلاغة الرسول: فالحديث حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ .رواه النسائى
إذا كان المفهوم عن الصوم هو المنع عن الطعام صباحا و الافطار ليلا فلماذا يقول هنا الحديث كلمة ( صبيحة ) و هي مفهومة من فعله و من معرفة الصيام .. نقول أنه توكيد و تخصيصي للصبيحة دون الليل .. ففي ليلة الخامس عشر يفطر و الباقي مفهوم .
و إذا كان العلم لم يصل إلى سبب ما يفعل القمر بالناس فأنا اعتقد ان المعصوم عليه الصلاة وا لسلام الذي علم كيف يشق القمر هو الاعلم بهذا السبب من غيره.
فسبحان من خلق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم على هذا الكمال النوراني.
هذه المعجزة النبوية كما رايتها مما ترائى لي من كلام علماء الدنيا عن حال الناس وقت اكتمال البدر .. و لمن أراد قول رأيه فيه فأرجو ان اكون مهدت له تمهيدا جيدا للكلام بالمديح و الثناء على سيد البشر و سيد الخلق المعصوم الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم. و لله الحمد و المنة
هذا و الله تعالى اعلى و أعلم
__________________
سيدي البعيد جداً من موقعي,,
القريب جداً من أعماقي,,لا أعلم
هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود
أم ضاق بي الوجود.. فأصبح أصغر من حزني
النتيجة واحدة يا سيدي
فبقعة الأرض هذه، ماعادت تتسع لي
فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها,,أصبحت الآن تقف علّي
|