أنــا و رمضـان . . . و شوشو
حلقات مسلسلة بقلم : إيمـان الحسيني
اعتدت الجلوس في غرفتي ليلا أمضي وقتي متصفحا للشبكة العنكبوتية ، وكانت هذه الليلة لا تختلف عن مثيلاتها في شيء ، أو هكذا اعتقدت أنا ....
نظرت إلى التاريخ واكتشفت أنه لم يتبق سوى أسبوع وحد فقط لحلول شهر رمضان المبارك ، سعدت جدا وبدأت في تصفح المواقع الدينية لأقرأ كل ما له صلة بهذا الشهر الكريم ، بالطبع لقد قرأت هذه المواضيع من قبل ولكنني مع كل رمضان أشعر بأنها جديدة كالهلال تماما ، وحمدتُ الله أن فترة زيارة الشهر الفضيل هذا العام لن تكون فترة امتحانات التيرم في الكلية حتى أستطيع أن أتفرغ للعبادة بشكل جيد .
وأثناء انهماكي في تصفح الإنترنت شعرت بحركة غريبة داخل غرفتي وتعجبت لأنني أسكن هنا وحدي نظرا لظروف التحاقي بالجامعة ... لم اُعر الأمر انتباها في البداية ولكنني أصبحت كالتمثال فوق الكرسي عندما رأيت الضوء بدأ يخفت تدريجيا في الغرفة من تلقاء نفسه ولمحت شبحا آتيا إلي من جهة الحائط المقابل لي ليجلس أمامي !!!!
أصبحت يداي كقطعة الخشب فوق ذراعي الكرسي وظللت فترة من الزمن متسمرا مكاني ، فارغ الفاه ، جاحظ العينين ، تسري القشعريرة في بدني كله ... حتى كسر هذا الشبح حاجز الصمت بسؤاله :
- إزيك يا آدم عامل إيه ؟
صرخت فزعا : مين ؟ أنت مين ؟ ودخلت هنا إزاي ؟!!!!!
أجابني بمنتهى الهدوء : إهدى بس واقعد مكانك ، ماتخافش ، أنا واحد صاحبك ... صاحبك من زماااان .
- صاحبي إزاي ومنين ؟!!!! أنت دخلت الشقة إزاي وجيت منين ؟!!!
- يا ابن الحلال إهدى كده بس واقعد مكانك وأنا هافهمك كل حاجة .
جلست وجسدي كله يرتعد خوفا وأحاول تذكر ما أحفظه من الآيات القرآنية ولكن خوفي غلبني فظللت صامتا حتى قال هو :
- أنا هأقولك أنا مين بس توعدني إنك تحافظ على هدوءك ، ومافيش داعي للدربكة اللي أنت عاملها دي كلها ... اتفقنا ؟
أجبته وأنا أتصبب عرقا من الخوف : اتفقنا .
اعتدل في جلسته على الكرسي ووضع ساقيه فوق مكتبي وقال بكل ثقة : أنا يا عم آدم أبقى إبليس ... الشيطان يعني .
شعرت أن تنفسي توقف للحظات من الصدمة والخوف ، وبدأت أحاول من جديد في تذكر أي آية قرآنية ولكن نظراته لي جعلتني عاجزا عن تذكر البسملة ، وكأنه يعرف ما أفكر فيه فظل ناظرا إلي بعينيه الحمراوتين ليشتت تفكيري عن ذكر الله ، وعندما شعرت بالعجز التام أمامه قررت خوض التجربة ومحاولة التحدث معه ، لعلي أنجو بنفسي :
- طب حضرتك بتعمل هنا إيه ؟ وعاوز إيه مني ؟!!!!
أجابني بثقة : أنا جيت أزورك واسلم عليك قبل رمضان ما يبدأ .
فسألته : اشمعنى يعني قبل رمضان ما يبدأ ؟!!!
أجابني وقد ارتسمت على وجهه نظرات الأسى والغضب : علشان هاكون محبوس في الشهر ده كله ... أنت مش في الدنيا دي ولا إيه ؟
- آه صحيح ، ده الشياطين بتتحبس في رمضان .
- سيبنا بقى من السيرة دي وخلينا في المهم .
تعجبت من كلماته قائلا : المهم ؟!!! وإيه هو بقى المهم ؟!!!
أجابني وقد عادت إليه ثقته بنفسه : " المهم " هو الأسبوع اللي فاضل ده .
- ماله الأسبوع اللي فاضل ده ؟!!!
نظر إلي بلؤم شديد قائلا : ناوي تعمل فيه إيه ؟
- عادي يعني هاعمل فيه إيه ؟!!!
- مش ناوي تستغله في أي نشاط ترويحي ؟
- نشاط ترويحي ؟!! إزاي يعني ؟
- أنت عارف إن كلها أسبوع ورمضان يدخل ومش هتبقى ملاحق ما بين صوم وصلاة وقرآن ... والمفروض إنك تكون مستعد للمجهود ده كله .
- عندك حق فعلا المفروض أستعد من دلوقتي ، لازم أبدأ أواظب على الصلاة في المسجد وأحوش مبلغ صغير من مصروفي للصدقة ولازم كمان .....
قاطعني مستنكرا وغاضبا : حيلك حيلك ... هو أنت كده تبقى بتستعد لرمضان ؟!!!
لاحظ ارتسام علامات التعجب على وجهي فبادرني بالحديث اللين : أنت كده تبقى بترهق نفسك وتحملها فوق طاقتها .
أجبته متعجبا : باحملها فوق طاقتها !!!! إزاي بقى ؟!!!
أجابني بنبرة ثقة عالية : أيوة بتحمل نفسك فوق طاقتها ، لإنك على ما هيجي رمضان هتلاقي نفسك تعبت من كتر العبادة وزهقت وهتسيب كل حاجة ... مش ده برضه اللي بيحصل معاك لما تفضل فترة طويلة تذاكر من غير ما ترتاح ؟
أجبته وأنا في حيرة من أمري : أيوة فعلا أنا لما باذاكر كتير من غير ما ارتاح في النص بآجي قبل الامتحانات وازهق وأمل وابطل أذاكر ... بس المذاكرة حاجة والعبادة حاجة تانية !!!!
- مين بقى قال كده ؟!!! هما الاتنين واحد ، وعلى رأي المثل : ساعة لقلبك وساعة لربك .
شعرت أنه على حق فقلت له : عندك حق ، طب أنت إيه فكرتك عن الاستعداد لشهر رمضان يعني ؟
ارتسمت على وجهه ابتسامة كبيرة وكأنه قد وجد ضالته بعد عناء شديد ثم قال : المفروض إنك تروّح عن نفسك وتستمتع بوقتك وتنسى شوية العبادة اليومين دول ، بحيث لما ييجي شهر رمضان وتبدأ العبادة تاني تلاقي نفسك راجعلها بشوق وقوة .
- كلام معقول ... بس أنفذه إزاي بقى ؟ ......
تـابع حلقات ( أنا و رمضان و شوشو )
http://www.egyptsons.com/misr/showth...threadid=10378
[HR]
منقول