الخلقة التي خُلق عليها سيدنا ءادم عليه السلام
خلق الله سيدنا ءادم عليه السلام جميل الشكل والصورة وحسن الصوت لأن جميع أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية الناس كانوا على صورة جميلة وشكل حسن وكذلك كانوا جميلي الصوت، قال صلى الله عليه وسلم: "ما بعث الله نبياً الا حسن الوجه حسن الصوت وانّ نبيّكم أحسنهم وجهاً واحسنهم صوتاً".
ولقد كان طول سيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام ستين ذراعاً، وكان وافر الشعر شبهه رسول الله في الطول بالنخلة السَّحوق، فلما خلقه الله قال: اذهب فسلم على أولئك -نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحيونك فانها تحيتك وتحية ذريتك، فقا ل: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله. وكل من يدخل الجنة يكون على صورة ءادم في الطول فقد ورد في مسند الامام أحمد باسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ أهل الجنة يدخلون الجنة على خلق ءادم ستون ذراعاً في عرض سبعة أذرع.
فائدة: روى الامام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انّ الله عز وجل لمّا صوّر ءادم تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل ابليس يُطيف به فلما رءاه أجوف عرف أنّه خلق لا يتمالك"، وعند أبي يعلى: "فكان ابليس يمر به فيقول: لقد خلقت لأمر عظيم".
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أنّ ابليس كان في الجنة لما خلق ءادم وذلك قبل أن يكفر لأنه كان مسلماً يتعبد مع الملائكة ولم يكن منهم من حيث الجنس والأصل لأن الملائكة أصلهم النور وابليس أصله من مارج من نار أي لهب النار، وفيه أن ابليس كان يدور حول هيكل ءادم وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح فرءاه أجوف أي شيئاً غير مصمت بل له جوف، فعرف أنه خلق لا يتمالك أي ليس كالملائكة ولا كالجمادات بل هو أضعف من ذلك.
ومن الكذب الظاهر ما شاع من نظرية ابتدعها بعض الكفار وهي أنّ أصل البشر قرد أو يشبه القرد وهذا تكذيب لقوله تعالى: {لقَدْ خَلقنا الانسان في أحسن تقويم(4)} [سورة التين] فسيدنا ءادم عليه الصلاة والسلام هو أول انسان خلقه الله تبارك وتعالى لم يكن أصله قرداً ثم ارتقى حتى صار انساناً {كَبُرَتْ كلمَةً مِنْ أفواههم ان يقولون الاّ كذباً(5)} [سورة الكهف]، فنظرية داروين التي يقول انّ الانسان أصله قرد ثم ارتقى بسبب العوامل المجهولة حتى صار هذا الانسان، هي نظرية باطلة لا تقوم على أساس علمي وتردها دلائل النقل وان تلقفها المفتونون بكل جديد ولو كان سخيفاً باطلا.
وما جاء في القرءان من مسخ بعض اليهود قردة وخنازير فهو حالة نادرة جعلها الله تبارك وتعالى لليهود الذين اعتدوا في السبت وعصوا الله تبارك وتعالى وموعظة وعبرة للمتقين، قال الله تبارك وتعالى: {ولقد علمتُمُ الذينَ اعتدَوا مِنكم في السّبتِ فَقُلنا لهم كونوا قِردةً خاسئين (65)} [سورة البقرة]. على أنّ أولئك الذين مسخهم الله تبارك وتعالى قردة لم يعيشوا طويلاً بل عاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتركوا نسلاً من جنس ما مسخوا منه.