عرض مشاركة مفردة
  #13  
قديم 13-11-2003, 10:30 PM
النقيب النقيب غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 1,176
إفتراضي

سكنى ءادم وزوجته حواء الجنة

أمر الله تعالى سيدنا ءادم وزوجته حواء التي جعلها حلالاً له أن يسكنا الجنة، وهي جنة الخلد التي سيدخلها المؤمنون يوم القيامة.
وقد أباح الله لآدم وحواء سكنى الجنة والأكل من ثمارها والشرب من مياهها والتنعم بنعيمها من غير مشقة ولا تعب يلحقهما في الحصول على ما يريدان من طعام ومن شراب، الاّ شجرة واحدة حرّمها عليهما ونهاهما عن الأكل منها، وحذرهما من عداوة ابليس واغوائه لهما، ولم يرد في القرءان الكريم ولا في الحديث الثابت الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هي هذه الشجرة، لذلك اختلف العلماء في تعيينها فقيل: هي الحنطة، وقيل: هي التفاح، وقيل: هي النخلة، وقيل: التين، وقيل غير ذلك، فقد تكون واحدة من هذه وقد تكون من غيرها، وقال بعضهم: هذا الخلاف لا طائل تحته لأنه لا يتعلق بتعيينها حكم شرعي ولا فائدة تاريخية والاّ لعينها لنا القرءان.
وسكن ءادم وزوجه حواء الجنة وصار يتمتعان بما فيها من نعيم وما فيها من كلّ ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، فكان يتنقل بين أشجارها ويقطف من ثمارها ويتنعم بفاكهتها ويشرب من عذب أنهارها مياهها، قال الله تعالى: {وقلنا يا ءادم اسكنْ أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين(35)} [سورة البقرة].
وقال تعالى: {فقلنا يا ءادم انّا هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنّكما من الجنة فتشقى (117) انّ لك ألاّ تجوعَ فيها ولا تعرى (118) وأنّك لا تظمؤا فيها ولا تضحى(119)} [سورة طه] ومعنى رغداً: أي هنيئاً .

سبب خروج ءادم من الجنة السبب في ذلك أنّ ءادم خالف النهي الذي نهاه الله بأنّه أعلمه بالمنع من أكل شجرة واحدة من أشجار الجنة وأباح له ما سواها فوسوس الشيطان له ولحواء أن يأكلا منها فقال لهما ما أخبر الله تعالى في القرءان: {فوسوس لهما الشيطان ليبديَ لهما ما وُريَ عنهما من سوءتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين(20)} [سورة الأعراف] فأكلا منها فأخرجهما الله تعالى من الجنة وكان ذلك قبل أن تنزل عليه النبوة والرسالة لأنه انما نُبىء بعد أن خرج من الجنة فتابا من تلك المعصية، ولا تُعَدّ تلك المعصية معصية كبيرة قال الله تعالى: {ثمّ اجتباه ربه فتاب عليه وهدى(122)}. ثم بعد خروجهما من الجنة تناسلا فعلّم ءادم أولاده أمور الاسلام فكل ذريته كانوا على الاسلام، ثم نبئ بعد ءادم ابنه شيث، ثم بعد وفاة شيث نبئ ادريس ثم كفر بعض البشر بعبادة الأصنام فبعث الله الأنبياء بالتبشير لمن أطاعهم بالجنة والانذار بالنار لمن خالفهم بعبادة غير الله وتكذيبهم.
مما ابتلي به ءادم وحواء بعد أكل الشجرة أنه نزع عنهما لباسهما وانكشفت لهما سوءاتهما فطفقا يلصقان عليهما من ورق الجنة وكان لباسهما الذي كان عليهما من نور، وقد دل القرءان العظيم على أنه كان عليها لباس في قوله تعالى: {يا بني ءادمَ لا يَفتنَنَّكمُ الشيطان كما أخرجَ أبويكم من الجنة ينزعُ عنهما لباسهما ليريَهُما سوءاتهما(27)} [سورة الأعراف]. ثم بعد أن نزلا الى الأرض علمه الله تعالى أسباب المعيشة فأنزل له القمح وعلمه كيف يبذر وكيف يحصد وكيف يعمل للأكل، وعلمه النقدين الذهب والفضة فعمل الدراهم والدنانير.
فآدم عليه السلام له فضل كبير على البشر لما له عليهم من حق الأبوة وتعليم أصول المعيشة فلا يجوز تنقيصه، فمن نقصه أو أنكر رسالته فهو كافر. فلو كان الأمر كما ظنّ بعض الناس أن ءادم لم يكن رسولا لساوى البشر البهائم ولكانت ذريته كذرية البهائم.
قال الله تعالى: {وقُلنا يا ءادمُ اسكُنْ أنتَ وزوجكَ الجنةَ وكُلا منها رَغَداً حيثُ شِئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (35) فَأزَلَّهُما الشيطان عنها فأخرجَهُما مِمَّا كانا فيهِ وَقُلنا اهبطوا بَعضُكم لبعض عَدُوٌ وضلَكُمْ في الأرض مستَقرّ ومتاعٌ الى حين(36)} [سورة البقرة].
وقال الله تعالى: {فَوَسْوَسَ اليهِ الشيطانُ قالَ يا ءادمُ هل أدُلّكَ على شجرةِ الخُلْدِ ومُلْكٍ لا يَبلى(120) فَأكلا منها فَبَدَتْ لهما سوءاتُهما وطَفِقا يَخْصِفان عليهما من ورق الجنة وعصى ءادم ربَّهُ فَغَوى (121) ثُمَّ اجتباهُ ربه فتاب عليه وهدى(122)} [سورة طه].
فائدة: قال الله تعالى: {فتلقّى ءادم من ربه كلماتٍ فتاب عليه انّهُ هوَ التواب الرحيم(37)} [سورة البقرة]، وروي عن مجاهد قال: "الكلمات: اللهم لا اله الا أنت سبحانك وبحمدك، رب اني ظلمت نفسي فاغفر لي انك خير الراحمين، لا اله الا أنت التواب الرحيم"، وروى البيهقي باسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما اقترف سيدنا ءادم الخطيئة قال: "يا ربِّ أسألك بحق محمد الا ما غفرت لي، فقال الله: فكيف عرفت محمداً ولم أخلقه بعد؟ فقال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك (2)، رفعتُ رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا اله الا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف الى اسمك الا أحب الخلق اليك"، قال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه وهو ضعيف، ورواه الحاكم وصححه.
تنبيه: لا يقال طرد الله ءادم من الجنة لأن هذا اللفظ فيه تحقير لسيدنا ءادم بل يُقال أهبِط كما يفيد نص القرءان.