عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 15-11-2003, 08:06 PM
النحلة النحلة غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 89
إفتراضي تكملة المقابلة


كيف لك ان تعرف ذلك وقد قلت من قبل بأنك لم تحضر اجتماعاته مع عراقيين

علي اعتبار انها لا تحتاج لوجود مترجم؟
كما أسلفت فقد كان عماد عملي هو في مكتب السكرتير الصحافي الذي يحضر مع الرئيس اجتماعاته اليومية مع المسؤولين. كانت احدي واجبات السكرتير الصحافي هي تسجيل وقائع الاجتماعات علي اشرطة وليصار الي اعداد تقارير حول فحوي كل اجتماع. كنت من بين الذين يستلمون تلك الاشرطة ويستمعون اليها ويعدون تقارير حول موضوعات الاجتماعات. من هنا استقيت معلوماتي وانطباعاتي حول طريقة تعامل الرئيس صدام مع المسؤولين والوزراء العراقيين. كان يبدأ الموضوع بتلاوة حيثياته ثم يقول للموجودين أسمع رأيكم في هذا الموضوع . ينطبق ذلك علي الموضوعات السياسية الحساسة مثل الموافقة علي عودة المفتشين الدوليين الي العراق وقضية السماح لطائرات التجسس يو 2 بالتحليق فوق العراق، لم يكن يضع الامر بصيغة قررنا الآتي ابدا، كان دائما يقول هذا الموضوع مطروح للنقاش، وأود أن اسمع وجهة نظركم . حاول صدام حسين ان يكون ديمقراطيا ولكني اقولها للحقيقة والتاريخ ان الآخرين لم يساعدوه. هل كانوا علي حق في مواقفهم المواربة ام لا! هذا ما أجبت عليه بالتفصيل في كتابي الذي صدر في اواخر تشرين الاول (اكتوبر) الماضي.

صدام والطائفية

هل كان صدام حسين طائفيا؟
كلا علي الاطلاق. تحليلي الشخصي بان صدام حسين كان يريد ان يكون قائدا عظيما لعراق عظيم. كان يريد ان يصنع كل ما يضمن أن تنظر له الاجيال القادمة كقائد عظيم كما ننظر في يومنا هذا لقادة من أمثال خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب (رض) وصلاح الدين الايوبي. كان يريد بناء دولة عظيمة ليكون هو رئيسا لها، لأنك عمليا لا تستطيع ان تكون قائدا عظيما الا اذا بنيت دولة عظيمة، وبالتالي كان فكره وتطلعاته أوسع من أن تضيق عند مسألة الطائفية. كان المحك عند الرئيس صدام حسين هو الولاء ، هل هذا الشخص او ذاك يدين لنا بالولاء ام لا؟ قد يكون شخصا ما تكريتيا سنيا ولكنه لا يدين بالولاء لصدام حسين، فلا يقرب. وعلي العكس من ذلك قد يكون هناك شخص شيعي ولكنه يؤمن بالمسيرة ويدين بالولاء لها، فيُقرّبْ. ومثال علي ذلك ان المرافقين له والمكلفين بحمايته في بداية حياته كان بينهم غير عرب سنة، مثل صباح مرزة الذي كان كرديا شيعيا علي ما اظن...
نعم كردي فَيلي. (الاكراد الفيليون هم اقلية شيعية بين اكراد العراق، بينما الغالبية العظمي من الاكراد في العراق والمنطقة هم من المسلمين السنة).
ان يكون المسؤول عن حمايته من الطائفة التي تكن له الكثير من عدم الارتياح يثبت بأنه لم يكن يهتم بمسألة الطائفية، هذا بالاضافة الي وزير خارجيته ثم اصبح وزيرا للإعلام محمد سعيد الصحاف فهو شيعي... سكرتيره الصحافي والذي كنت اعمل في مكتبه هو شيعي، الاستاذ علي عبد الله سلمان وهو معتقل الآن لدي الامريكيين.
نعم ووزير الصحة كان تركمانيا، هذا بالاضافة الي ان الكثير من المسؤولين الخمس والخمسين الذين طاردتهم وتطاردهم الولايات المتحدة هم من الشيعة.
حقيقةً ان هذا كلام يتداول في الوقت الحاضر لتبني عليه اشياء معينة ...

رئيس متدين

هل كان الرئيس صدام شخصا متدينا؟
منذ بداية عملي معه عام 1987 لمست في كلامه وتصرفاته شيئاً من التقوي وكانت كلمة الله لا تنزل عن لسانه هذا ما أراده الله و ان شاء الله وعبارات مشابهة كان يرددها بشكل دائم. في السنين الاخيرة ازداد التصاقه بالدين اكثر فأكثر، واصبح يقرن كلامه بآيات قرآنية بشكل دائم، وهذا واضح حتي في خطاباته الرسمية. واذكر انه رد علي الصحافي دان راذر من قناة سي بي أس الامريكية باننا قد فعلنا كل ما في وسعنا لتجنب الحرب وافقنا علي عودة المفتشين الي العراق ووافقنا علي تحليق طائرات التجسس (يو 2) ووافقنا علي كل شيء، فإذا وقعت الحرب فستكون تلك مشيئة الله ولا راد لقضائه. من جهة اخري نري الطابع الديني واضحا عليه في بعض القرارات مثل منع الخمارات والنوادي الليلية قبل الحرب بأشهر أصدر قرارا بأن كل مسؤول عراقي يشاهد وهو يلعب القمار يفصل من منصبه ويعاقب بالحبس. نستطيع ان نلمس من هذه التصرفات اتجاها دينيا.
كوني عراقيا ايضا كنت اسمع من الناس ان صدام حسين يحب شرب الويسكي ولا يتناول الا افخر الماركات؟
علي حد علمي كان تناول الخمور عنده شيئاً ممقوتا وغير وارد اطلاقا ولم اشاهده في حياتي يتناول خمرا.
كان يقيم الصلاة في مواعيدها؟
نعم وحتي في وجود ضيوف اجانب كان يعتذر منهم عندما يحين وقت الصلاة ويذهب الي غرفة اخري ويعود بعد عشر دقائق.
ينتقد الكثير من العراقيين منح صدام حسين كثيرا من الدول الدول العربية ودول العالم الثالث معونات مالية، ويقولون بأن ذلك ساهم في إفلاس العراق وتبديد ثرواته، فهل اطلعت انت علي شيء من هذا القبيل في لقاءات الرئيس مع الضيوف العرب والاجانب؟
نعم كان يساعد الدول الفقيرة، فعندما استقبل مثلا الرئيس التشادي حسين حبري عام 1987، كانت المفاوضات حول تعاون اقتصادي بين العراق وتشاد، واذا نظرنا الي وضع العراق كبلد نفطي ثري وتشاد البلد الفقير سنجد بأن التعاون الاقتصادي ما هو الا كلمة دبلوماسية لمنح المساعدات والمعونات المادية.
هل كان يمنح المعونات بشكل تطوعي ام تلبية لطلب مباشر من قبل قادة الدول الفقيرة؟
كان يمنحها تطوعا، اريد القول هنا بأن صدام حسين رجل يؤمن بشدة بمبدأ التكافل الاجتماعي، وقد طبق ذلك في العراق ايضا في سنين الحصار علي العراق. كان يؤمن بشدة بان علي كل دولة اسلامية غنية ان تساعد الدولة الافقر، وقد دعا في قمة عمان الي انشاء صندوق رسمي لمساعدة الدول العربية والاسلامية الفقيرة، واقترح أن لا يكون دفع الاموال الي هذا الصندوق بشكل مزاجي، وأن يتم الاتفاق علي المبلغ الواجب دفعه من كل دولة الي الصندوق.
هل تعتقد بان حياة الضنك والعوز التي مر بها صدام حسين في طفولته قد أثرت في شخصيته بحيث أصبح يحس بمعاناة وعوز الآخرين؟
في الحقيقة كان صدام حسين يري نفسه رجلا ذا مكانة كبيرة. كان يتصرف مثل رب اسرة عليه أن يوفر احتياجات ابنائه بأي شكل. أذكر في احدي السنين تم الاتفاق علي منح مساعدات لدول الطوق، وقال يومها قال ملك الاردن الراحل حسين بن طلال لصدام حسين انه لا يريد من العراق مساعدات في الوقت الحاضر نظرا لانشغاله بالحرب مع ايران، فرد عليه صدام بعبارة كان يكررها باستمرار العراق مركب كبير محمل بالخير لو اخذ منه المرء مكيالين او ثلاثة فإن ذلك لن يؤثر به . من هذا المنطلق كان يكرم كل من يطرق بابه، أعود مثلا الي زيارة حبري فقد اعطي صدام حسين لحبري مبلغا نقديا كمعونة شخصية، وكان يحرص علي ان كل من يطرق بابه يجب ان يعود مجبور الخاطر.
كنتَ المترجم الذي جلس بين الرئيس صدام حسين والامين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان، كيف بدا صدام حسين؟ كيف كانت نبرات صوته وعباراته وتصرفاته؟ هل كان منفتحا علي الوصول الي حل سلمي ام كان متعنتا ويتصرف علي اساس ان الضربة قادمة لا محالة؟
لم يكن متعنتا بل كان رافضا لما قَدِمَ كوفي عنان من اجله، وهو فتح المواقع الرئاسية للتفتيش.
هل قدم تبريرا لرفضه؟
كانت اسباب الرفض معلنة علي الملأ، كان صدام حسين يري بأنه من غير المعقول أن يضع المرء مصنعا للأسلحة الكيمياوية في قصر رئاسي، ثم ان هي مسألة سيادة. من الواضح ان كوفي عنان كان قد درس عادات العرب جيدا قبل مجيئه الي العراق، لذلك دخل مدخل العارف بالأمور. كان مؤدبا الي ابعد الحدود، وكان يتحدث بمنطق او بما معناه بأنه لم يأت ليفهم صدام حسين ما هو الصح وما هو الخطأ بل هدف زيارته هو تجنيب البشرية والعراقيين ويلات الحرب. اتبع طريقة اقناع ذكية علي اساس انه جاء ودافعه الحرص علي السلام وليس لأن امريكا تريد فعل شيء معين وان علي العراق تطبيقه، اضافة الي تقديمه طلبه بطرح مقنع، طالما ان المجتمع الدولي يريد شيئا من العراق (تفتيش القصور الرئاسية) فبغض النظر عن كون المطلب شرعيا ام لا، فان الامين العام للأمم المتحدة يلتمس من العراق الموافقة.
ماذا كانت اجابة صدام حسين عن هذه التفصيلة بالذات تجنيب العراقيين الحرب ؟
كانت لديه قناعة بأنه مهما فعل العراق ومهما قدم العراق فهناك اصرار علي ضربه، وان الولايات تسعي لإيجاد مبررات لضرب العراق. لذلك كان يقول بانه حتي لو أتي المفتشون فلن يحمي ذلك العراق، لا بل كان يقول بأنه لا يستبعد ان يضع المفتشون عنصرا كيمياويا معينا ويدعون بانهم وجدوه في العراق، ويتخذونه ذريعة لضرب العراق. لذلك كان جوابه الاساسي لعنان بأنه لا جدوي من الموافقة، ولو عرفنا بان الموافقة ستحل الامور لوافقنا. وقد تحدث الي كوفي عنان كثيرا محاولا اقناعه بالعمل علي تغيير السياسة الامريكية تجاه العراق، واستشهد بالتاريخ كثيرا ـ كما هي عادته دائما ـ مذكرا ضيفه بأن العراق بلد عظيم ذو تاريخ مجيد لا يجوز ان يعامل بهذه الطريقة، وكان يصر علي ان العراق هو من علم البشرية القراءة والكتابة وان حمورابي هو من وضع القانون في العالم. كان يركز علي ان الحضارة بدأت من العراق وانه ارض الانبياء نوح وابراهيم عليهما السلام وعليه يجب ان يعلم الجميع ان العراق بلد غير عادي لا يمكن أن يذل او يهان. ابدي عنان موافقته واعجابه بكل ما قاله الرئيس، ثم طلب ان يكون الاجتماع سريا فانصرف الوزراء الحاضرون وبقيت انا والرئيس وعنان فقط. توقعت أن يكون لدي عنان شيء جديد يريد قوله علي انفراد ولكنه لم يزد علي موافقته علي كل ما قاله الرئيس ثم عاد وأكد بأنه لا يريد سوي حقن الدماء. لكن ما ميز الجلسة السرية هو أن عنان بدأ يتحدث بصفة شخصية اكثر من كونه الامين العام للأمم المتحدة. قال للرئيس بأنه يحب الشعب العراقي ويريد ان يجنبه ويلات الحرب، وانه يلتمس من الرئيس الموافقة علي مطالب المجتمع الدولي. لم يستخدم ابدا لغة القانون او ان هناك امرا علي العراق تنفيذه وإلا! الا انه قال للرئيس اكثر من مرة يا سيادة الرئيس انت رجل قانون وتعلم بأنه عندما يصدر قرار للأمم المتحدة فهو واجب التنفيذ علي اعتبار ان صدام حسين يحمل دبلوما في القانون ـ لكن الرئيس رد عليه بشيء من التهكم ـ ارجو ان لا يتكرر موضوع رجل القانون فأنا لم امارس المحاماة قط .

صدق ما قاله العسكريون

نأتي الي الحرب الاخيرة... متي التقيت الرئيس صدام حسين آخر مرة؟
في 25 شباط (فبراير) 2003 عندما ترجمت له مقابلته مع الصحفي الامريكي دان راذر من قناة سي بي اس الامريكية. بالنسبة لموضوع اللقاء فقد بث في وسائل الاعلام، لكن ما لم يبث هو ان راذر قال للرئيس ارجو ان تعيد النظر في كل شيء والا فقد تكون هذه آخر مرة نلتقي فيها، فضحك الرئيس وقال له قلت لي هذا عام 1990 وها نحن التقينا مرة اخري رد عليه الصحافي بأن هذه الحرب تختلف عن عام 1990 فالعدد والعدة أكثر والتصميم علي اتمام ما لم يتم في الحرب السابقة اكبر، لكن الرئيس ابتسم وقال له سنبقي. كان صدام حسين واثقا من ان العدوان سيدحر، كان يعتقد بحدوث مقاومة كبيرة اذا بدأ الغزو.
.
__________________



ما رأيت أصدق من
المجاهد صدام حسين
بين حكام هذه الأمة
والله يأمرنا أن نكون مع الصادقين

قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ
وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .. {المائدة: 100}