عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 26-11-2003, 08:22 PM
خبيب خبيب غير متصل
فلتسقط المؤامرة
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2003
المشاركات: 269
إفتراضي

جزء 4

قال

لا يوجد ثمة اختلاف بين رسالة واحد وآخر من كل من الشخصيات التاريخية الثلاث التي تناولتها هذه الورقة بالنقاش، كما أن العدو لم يتغير، فهو من وجهة نظر ثلاثتهم: الجماعة السعودية الحاكمة و الكفار ، أي بريطانيا في مطلع القرن العشرين والولايات المتحدة في نهايته. حينما شن شارون حربه التنكيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية في إبريل (نيسان) 2002 خرج السعوديون إلي الشوارع في مختلف المدن للتظاهر دعماً للقضية الفلسطينية، متحدين بذلك حظراً حكومياً علي المظاهرات ومرددين شعارات تهاجم كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. نعم، لقد كانت تلك المظاهرات منضبطة مقارنة بما كان يجري في البلدان العربية الأخري، كالبحرين علي سبيل المثال، إلا أنها عكست بوضوح حالة الإحباط التي تراكمت مع الأيام في البلاد. كانت تلك فرصة أمام الشباب السعوديين لينطلقوا من المساجد معبرين عن استيائهم وسخطهم من الأوضاع، وأخذت الصحف السعودية تناقش قضية ما إذا كانت المظاهرات عملاً لائقاً وما إذا كان الإسلام يبيحها أو كانت منسجمة مع قيمه وتعاليمه. بالمقابل كان السؤال الأهم الذي يستحوذ علي أذهان كثير من السعوديين هو لماذا لا يسمح لهم بالمشاركة في مظاهرات كتلك التي شهدتها مدن كثير من الأقطار العربية الأخري بل ومدن أقطار غير عربية وغير إسلامية؟ وكانت الرسالة التي أفرزها هذا الجدال تفيد شيئاً واحداً: إلي متي سيسكت المواطنون السعوديون عن حرمانهم من حق التعبير عن أنفسهم في بلادهم؟ حصل شيء مشابه في أكتوبر 2003 حينما استجاب السعوديون إلي نداءات بالتظاهر وجهتها إليهم جماعة إسلامية سعودية معارضة تتخذ من لندن مقراً لها، فخرج مئات المتظاهرين استجابة للنداء ليجدوا قوات الأمن لهم بالمرصاد تجابههم وتعتقلهم. وبسبب القيود المفروضة علي المشاركة السياسية وعلي حرية التعبير، سيظل المسجد في المستقبل المنظور هو قاعة التجمع ومصدر الإلهام في آن واحد لجموع الشباب السعوديين الذين يشكلون الغالبية العظمي من سكان المملكة. إن الركود الاقتصادي، التي تفاقم من آثاره الضغوط التي تمارس لتحرير وخصخصة الاقتصاد، وما يرافقه من استمرار تقلص فرص العمل مقابل زيادة مطردة في تعداد السكان، بالإضافة إلي القيود المفروضة علي المشاركة السياسية، كل ذلك من شأنه أن يسعر حالة الغليان الحالية ويزيد من معدلات التمرد والإحباط. لقد فشلت الرمزية الدينية للسعودية وكل ما أوتيت من ثروة في تحقيق الاستقلال والإرادة السياسية التي يرنو إليها معظم السعوديين، الذين يفسرون العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية علي أنها جزء من المعادلة التي تفسر هذا الفشل. بمعني آخر، لقد تشابكت في أذهانهم مثالب نظامهم السياسي المحلي مع ما يرونه من علاقات غير مقبولة بين حكومتهم والقوي الأجنبية التي تعمل من وجهة نظرهم علي إدامة المظالم التي يتعرضون لها محلياً والتي تتحمل المسؤولية عن حالة الامتهان التي يشعر بها كثير من العرب والمسلمين بسبب الصراع العربي الإسرائيلي. وما لم يطرأ تغيير جدي علي المشهد السياسي المحلي ويتم التوصل إلي تسوية مقبولة مع العالم الخارجي، فإن المرء لا يملك إلا أن يجزم بأن ظاهرة أسامة بن لادن لا هي الأولي من نوعها ولن تكون الأخيرة في الذاكرة السعودية التاريخية

ہ المحاضرة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية
بكلية كينغز، جامعة لندن