[HR]وكان رحمة الله يتحرج كثيراً من تكفير الأشخاص ، يقول الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي نقلاً عن زاهر السرخسي أنه قال :
( لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال : اشهد عليّ أني لا أكفر أحداً من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات. قلت - أي الذهبي - : وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحداً من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم).
[HR]
يقول ابن عبد الهادي
: ( وسائر العامة تحبه، لأنه منتصب لنفعهم ليلاً ونهاراً، بلسانه وقلمه) .
[HR]
وصدق الشيخ السبكيّ - أحد خصومه السابقين - حينما قال :
( والله ما يبغض ابن تيميه إلا جاهل أو صاحب هوى ، فالجاهل لا يدري ما يقول ، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به ) .
[HR]
كاد له خصومه مرة أخرى وأدخلوه السجن ، ففرح بخلوته بالله وطلبه العلم ، ولكن كانت أكبر مصيبة حلت على شيخ الإسلام طلب بعض القضاة بأن تصادر كتبه وأقلامه ، فكبر ذلك عليه وعز أن تفارقه أقلامه ودفاتره، فكتب بالفحم على الجدران، لكنه مرض بسبب فقده لكتبه وزاد وجعه .
وأخبر صديقه وصاحبه في السجن الشيخ عبدالله الزرعي وفي آخر لحظاته في هذه الحياة الدنيا وهو في السجن البارد الضيق : أنه سامح جميع أعدائه وحللهم من عداوته وسبّه !
ثم تفرغ لتلاوة القرآن وختمه ثمانين مرة ووصل عن قوله تعالى :
( إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .
ثم أشدت علته، وفارق الدنيا وهو سجين، بعيداً عن أقلامه دفاتره !
رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في مستقر رحمته…