وإما أن تعمد إلى ما يسمونه اليوم العادة السرية (الاستمناء) ، وقد كان يسمى قديما غير هذا ، وقد تكلم في حكمه الفقهاء ،وقال فيه الشعراء ، وكان له في كتب الآداب باب لا أحب أن أدل عليه أو أرشد إليه ، وهو إن كان أقل الثلاثة شرا ، وأخفها ضرا ، ولكنه إن جاوز حده وكثر استعماله ركب النفس بالهم ، والجسم بالسقم ، وجعل صاحبه الشاب كهلا محطما ، كثيبا ، مستوحشا ، يفر من الناس ، وجبن عن لقائهم ، ويخاف الحياة ويهرب من تبعاتها، وهذا حكم على المرء بالموت وهو في رباط الحياة .
وإما أن تغرف من حمأة اللذة المحرمة ، وتسلك سبل الضلال ، وتؤم بيوت الفحش ، تبذل صحتك وشبابك ومستقبلك ودينك في لذة عارضة ومتعة عابرة ، فإذا أنت قد خسرت الشهادة التي تسعى إليها ، و(الوظيفة ) التي تحرص عليها ، والعلم الذي أملت فيه ، ولم يبق لك من قوتك وفتوتك ما تضرب به في لج العمل الحر . ولا تحسب بعد أنك تشبع ، كلا ، إنك كلما واصلت واحدة زادك الوصال نهما ، كشارب الماء الملح لا يزداد شربا إلا ازداد عطشا ، ولو أنك عرفت آلافا منهن ثم رأيت أخرى متمنعة عليك ، معرضة عنك ، لرغبت فيها وحدها ، وأحسست من الألم لفقدها مثل الذي يحسه من لم يعرف امرأة قط ، وهاك (فاروق) مثلا!
وَهَبْكَ وجدت منهن كل ما طلبت ، ووسعك السلطان والمال ، فهل يسعك الجسد ؟ وهل تقوى الصحة على حمل مطالب الشهوة ؟ دون ذلك وتنهار أقوى الأجساد . وكم من رجال كانوا أعاجيب في القوة وكانوا أبطالا في الربع والصرع والرمي والسبق ، ما هي إلا أن استجابوا إلى شهواتهم ، وانقادوا إلى غرائزهم ، حتى أمسوا حطاما ...
،، يتبع ،،