عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 28-12-2003, 07:13 PM
غــيــث غــيــث غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
الإقامة: الخيمة العربية
المشاركات: 5,289
إفتراضي

وقد أبدى العرب ضعفاً جماعياً مذهلاً كلما تعرض جزء من عالمهم الى الصدمات والضغوط، مثل الغزو الاسرائيلي للبنان، والعقوبات على العراق التي هدفت الى اضعاف الشعب والدولة عموماً، وقصف ليبيا والسودان، والتهديدات لسورية، والضغوط على المملكة العربية السعودية. وعلى رغم قوتهم الاقتصادية الكبرى وإرادات شعوبهم فإن أياً من الدول لم توجه تحدياً مهماً كان رمزياً الى الولايات المتحدة. نجحت سياسة "فرق تسد" الاستعمارية في تجزئتهم، وأصبحت الأولوية لكل من الدول المحافظة على علاقاتها الثنائية مع أميركا. وأصبح هذا الاعتبار سابقاً على كل ما عداه، مهما كان الحاح الظروف. وهناك من بين الدول هذه التي تعتمد على المعونات الاقتصادية الأميركية، وتلك التي تعتمد على الحماية العسكرية وهكذا. ذلك ان كلاً من الدول قرر أنه لا يثق بالبقية، كما لا يهمه رفاه وتقدم الشعب، مفضلاً بدل ذلك الاعتماد على الأميركيين بكل ما لديهم من الاحتقار للعرب والتعالي عليهم، وهو ما تزايد أضعافاً منذ أن أصبحت الولايات المتحدة القوى العظيمة الوحيدة في العالم. وقد كانت هذه الدول دوما اكثر استعداداً لقتال بعضها بعضاً منها الى مواجهة العدوان الخارجي.

النتيجة اليوم، بعد غزو العراق، الشعور العميق بالاحباط والهزيمة لدى الأمة العربية، التي لا تجد أمامها سوى الانصياع الى مخططات أميركا المعلنة لاعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لمصلحتها ومصلحة اسرائيل بالطبع. ولم يجد هذا المشروع المنفلت في شموليته حتى الآن رداً موحداً من الدول العربية، مهما كان ضعيفاً أو عمومياً. بل يبدو أن هذه الدول لا تجد سوى الوقوف مكتفة الأيدي في انتظار ما يأتي، فيما يواصل بوش ورامسفيلد وباول والآخرون اطلاق القنابل هنا وتوزيع التهديدات هناك وترسيم الخطط وتوجيه الاهانات والقيام بالزيارات الامبراطورية لهذه الدولة أو تلك. وما يضفي مرارة خاصة على كل هذا أن العرب وافقوا من دون شروط على خريطة الطريق الأميركية (والرباعية) التي تبدو كأنها خرجت من عالم احلام اليقظة الذي يعيش فيه جورج بوش، فيما احجم الاسرائيليون بكل برود عن أي موافقة. اذ ما هو شعور الفلسطيني وهو يرى قائداً من الصف الثاني مثل أبو مازن، الذي كان دوماً من الاتباع المخلصين لعرفات، وهو يحتضن كولن باول والأميركيين، فيما يتضح حتى للأطفال أن خريطة الطريق صُممت خدمة لغرضين: أولاً اشعال حرب أهلية فلسطينية، وثانياً اخضاع الفلسطينيين دون مقابل للمطلب الأميركي - الاسرائيلي بـ"الاصلاح". هل هناك حضيض أعمق من هذا لسقوطنا؟


v
v