عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-01-2004, 11:35 AM
اليمامة اليمامة غير متصل
ياسمينة سندباد
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2001
الإقامة: السعودية
المشاركات: 6,889
إفتراضي

أخي في الله
لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا[114]{ [سورة النساء]. وتذكر جيدًا قوله تعالي:} مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ[18]{ [سورة ق].

فليكن لسانك عامرًا بالذكر والنصح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجعله كالمشلول عند مواطن الغيبة والنميمة، والسب والاستهزاء والغناء، وليكن بصرك متجهًا دائمًا وأبدًا إلي الخير من قراءة القرآن، أو الكتب المفيدة، أو إلي النظر إلي عظمة السماء والأرض وما فيهما من المخلوقات، فتعرف من خلال إطالة، وتعمق الفكرة عظمة الله المطلقة، فتكف بصرك عن جميع ما حرم الله من النظر إلي النساء، وغيرها من الفتن، والنظر إلي ما لا فائدة فيه؛ فيعطيك الله ثلاث خصال:حلاوة إيمان.. وخشوعًا في القلب.. وفراسة.


وإذا حدث منك ذلل، فبادر إلي استغفار الله بقلبك ولسانك، وأتبع هذه الزلل حسنة بفعل الخير.. تجد الله غفورًا رحيمًا. وحافظ علي قول كفارة المجلس عند نهاية كل جلسة وهي: [ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ] رواه أبوداود والدارمي وأحمد.


أخي في الله...
لا بد أن تكثر من الأعمال الخيرية في كل مكان وزمان، ولا تحقر أبدًا أي عمل ما دام خيرًا، وبإذن الله لن تتعب من القيام بهذه الأعمال؛ ما دمت تشرب من الشراب اللذيذ الذي يزيدك محبة لهذه الأعمال، ألا وهو شراب الإخلاص، والاحتساب لله سبحانه، واحذر كل سبب يقربك إلي النار، وسارع إلي كل سبب يؤدي بكل إلي بوابة الجنة .


ولا بد يا أخي ... أن تستدرك ما فات مادام في العمر بقية، وتعرف أن هذه الدنيا خداعة براقة، وأنه لا لذة ولا نعيم، ولا راحة ولا سعادة إلا بطاعة الله، ومتابعته صلي الله عليه وسلم في كل شئ،وسوف تحب الخير وأهله، وتحرص عليه، وتكره الشر وأهله، وتحرص علي البعد عنه.


أخي في الله...
الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، واجتهد واستيقظ، وإياك والنوم والكسل، والتسويف والتململ.

أخي في الله...
استدرك ما فات، فما زلت شابًا، فماذا تنتظر بعد ذلك؟ أتنتظر الأشغال التي تشغلك؟ أتنتظر الشيخوخة؟ أتنتظر الموت الذي هو قريب، ولكنك في غفلة منه؟ وسوف يهجم عليك في ساعة من ليل أو نهار، ولا تدري كيف الانتقال، أيكون بأعمال صالحة وحسن ختام؟ أم يكون بأعمال سيئة وسوء ختام؟ إن الشيخوخة تكون عليك حسرة، وتقول ياليتني حينما كنت شابًا أكثرت من صوم التطوع، وقيام الليل، وتعلم العلم والدعوة إليه، وفعل كل ما يحبه الله .

أخي...
لا تغفل عن الموت، إن الموت لا ينفع معه ندم لا كثير، ولا قليل، فهو بوابة لأهل الإيمان والتقوى إلي الجنة، وبوابة لأهل الكفر والعصيان إلي النيران، وسوف تنتقل بخرقة بيضاء، ولا يقال إلا غسلوا الجنازة، وطيبوا الجنازة، وصلوا علي الجنازة.. أقرب الناس إليك لا يريدونك، بل يسارعون بك إلي حفرة عرضها أشبار وطولها أمتار، إما أن تكون روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار،وبعد ذلك ينساك الحبيب والقريب، ولا ينفعك إلا ما قدمت من الأعمال الصالحة الخالصة كما قال صلي الله عليه وسلم: [إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ] رواه مسلم وأبوداود والترمذي والنسائي والدارمي وأحمد.
أخـي :
تزود مـن التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليل هـل تعيش إلي الفجر
فكم من فتي أضحي وأمس ضاحكًاوقـد نسجت أكفانه وهـو لا يدري
وكم من صغار يرتجي طول عمرهموقـد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
وكـم مـن عروس زينوها لزوجهاوقـد قبضت أرواحهم ليلة العرس


أخـي في الله...
كل معصية سوف تجازي بها لا شك في ذلك، ولكن يعفي عنك لأسباب منها: التوبة والاستغفار، وفعل الحسنات، وما يقدر عليك من المصائب، ودعاء الأخيار لك، واهدائم الأعمال التي ورد فيها النص بعد مماتك، أو بعذاب القبر، أو بأهوال يوم القيامة، أو عذاب جهنم، أو بغير ذلك من الأسباب.
فأسألك بالله ما هو أسهل عليك من هذه الأمور؟ أليست التوبة؟ إذًا: لماذا لا تتوب، وتفتح صفحة جديدة بيضاء، تصدق مع الله، واحذر التسويف: سوف أتوب وأترك المعاصي الظاهرة والباطنة، وسوف أدعو إلي الله، بل سارع إلي الله، وتب التوبة النصوح، وانكسر بين يدي ربك، واسكب الدموع بين يدي مولاك في جوف الليل، واعترف بذنوبك، واسأله أن يعينك فيما بقي من عمرك.

يا مسكين ...
الأجل بيد الله، ولا حول ولا قوة لك، فمتي كان وقت رحيلك؛ أتاك ملك الموت، وخطف روحك، رضيت بذلك أم لم ترض، فأيهما أحسن أن تخرج روحك من جسدك، وهي طاهرة مطمئنة أو تخرج وهي خبيثة؟!

وتذكر أهل القبور... وكيف غير الموت أحوالهم، تعفنت بطونهم، وغير محاسن وجوههم، وتساقطت أسنانهم علي الأرض، وأكل الدود خدودهم وأجسادهم، أصبحوا جثثًا هامدةً ،وجيفًا منتنة !

وأكثر من الدعاء لنفسك ... بصلاح قلبك والتوفيق والهداية والسداد، وادع لوالديك، وأكثر من الدعاء للعلماء، ولإخوانك الأفغان، فإن النصر بيد الله، وكذلك إخوانك المسلمين في كل مكان، فإن الملائكة تقول: آمين ولك بمثل، فأنت الرابح.


يا أخي ...

عليك بمخالطة الغرباء من أتباع الرسول صلي الله عليه وسلم، وقراءة سيرة الغرباء الأوائل والأواخر، وانطرح بين يدي رب الغرباء في السحر بعين باكية، وقلب خاشع، ولسان ذاكر، خصوصًا في سكون الليل الآخر، ولا تغفل عن السير إلي دار الغرباء بزاد العلم والعمل الخالص إلي بلاد الأفراح

أخي الحبيب...
اجتهد دائمًا أن تتذكر بلاد الأفراح بنقل قلبك إليها، ففيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر علي قلب بشر.

يا أخي :
ألا تريد التمتع بالنظر لوجه الله الكريم؟ ألا تريد التمتع برؤية الصالحين من الأنبياء والصديقين؟ ألا تريد التمتع بالحور العين؟ ألا تريد أن تأكل لحم طير مما يشتهون، وفاكهة مما يتخيرون، وأنواع الشراب من الخمر، والعسل، وغير ذلك؟ ألا تريد قصور الذهب والفضة، والبساتين العظيمة في دار السلام؟
أخي :

ما ضر من كان في الفردوس مسكنه ما مسه قبل من خير وإقتار
انظر إلي الآخرة دائمًا، وتذكرها في الليل والنهار.. ما فيها من نعيم، وما فيها من أهوال وشدائد، فإذا أكلت فاسأل نفسك: هل تريد أن تأكل مما أعد الله لأوليائه في جنات نعيم من فاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، أم تريد أن تأكل من الزقوم، وتشرب من ماء تتقطع له الأمعاء؟!


أخي :
إذا مررت علي جسر، فاسأل نفسك: هل تكون يوم القيامة ممن يمرون علي الصراط كأجاويد الخيل، أو كالرياح، أم أنك تحبو علي الصراط حبوًا، أم أنك تلقفك الكلاليب؟

أخي :
كن علي حذر من الشيطان، فالشيطان ملحاح بطئ، لا ييأس منك بل يحاول أن يوقعك في الآثام والمعاصي من هذه العقبات:عقبة الكفر، والشرك الأصغر، أو الأكبر، احذر البدع وابتعد عنها، وحذر الآخرين منها، احذر الكبائر فالشيطان يدعوك إلي كبائر الذنوب والآثام، والظاهرة والباطنة، واجعل بينك وبينها وقاية من خوف الله، ورجاء ثوابه ومحبته، وتعظيمه في الليل والنهار، فإذا ما سلمت من ذلك جاءك الشيطان من مدخل الصغائر كي يوقعك في حباله، فإذا سلمت من ذلك جاءك من باب المباحات والانشغال عن الطاعات، فإذا سلمت من ذلك جاءك من باب الانشغال بالأعمال المرجوحة عن الأعمال الراجحة، فاحذر ذلك كأن يشغلك عن العلم، ويشغلك عن بر الوالدين، أو غير ذلك .

واعلم: بأن الشيطان لن يتركك، فاجتهد أن تشغل نفسك بالطاعات، ومن ذلك الصدقة فإن الله يحبها، واحرص علي أن تشارك بجزء من مالك في الجهاد في سبيل الله، فالرسول صلي الله عليه وسلم قَالَ:[ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا] رواه البخاري ومسلم . ويقول صلي الله عليه وسلم:[ كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَومَ الْقِيَامَةِ...] رواه أحمد، وابن خزيمة وصححه الألباني في الترغيب والترهيب.
__________________