عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 08-01-2004, 12:13 AM
ساري111 ساري111 غير متصل
S.A.R.Y 111
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
الإقامة: sary111
المشاركات: 491
إفتراضي

(2)
إذن هي مجرد ظنونٍ أو أوهامٍ أو أحلامٍ لذيذةٍ مخدِّرةٍ يتوقعها هؤلاء الكاتبون .
و كما ذكرتُ ، فقد أشار وأثار هذا الكتابُ زوبعةً كبيرةً ، وكتبَتْ عنه مئاتُ الصُّحُفِ في أمريكا وبريطانيا وفرنسا ، وكتب عنه كاتبون كثيرون ، بعضهم قسس و بعضهم مفكِّرون اجتماعيُّون أو سياسيُّون انتقدوا هذا الطرح الأمريكي المتطرِّف واعتبروا أن الكاتبَ بسيطٌ إلى حد السَّذاجةِ و أنَّ ما قاله لا يعدو أن يكون احتفالاً بسقوطِ الشيوعيَّة ولا يملك مقوِّمات النظريَّة العلميَّة الصحيحة .
سؤال : ماذا يعني سقوطُ الحضارةِ الغربيَّةِ ؟ أو الحضارةِ الأمريكيَّةِ على وَجهِ الخصُوصِ ؟ ماذا يعني تحديداً ؟؟
البعض يتصورون مثلاً أنَّنا حين نتحدثُ عن سقوطِ الغربِ أو أمريكا أو الحضارةِ الغربيِّة ، يعنون معنىً عامَّاً شاملاً يترتَّبُ عليه تدميرُ جميعِ المنجَزَاتِ الحضاريَّةِ ، وعودةَ الإنسانِ كما يقولونَ إلى العصورِ البدائيَّةِ بعيداً عن كلِّ ما تمتَّع به في هذا العصر !
هناك مثلاً طرحٌ .. عبارةٌ عن فيلم اسمُهُ ( مقاتلٌ على الطريق ) لجورج ميلر ، هذا الروائيُّ يتنبَّأ بهذه النهايةِ المرعبَةِ للعالَمِ الغرْبِيّ والبؤسِ الذي سوف يلفُّ العالَمَ هناك ، ويقضي على كلِّ المنجزاتِ الحضاريَّةِ التي يتمتَّع بها الناسُ اليومَ سواءً من الاتصالاتِ المختلفةِ أو المتعةِ أو الرفاهيةِ أو النَّقلِ أو الكهرباءِ أو غيرِ ذلك .
وهكذا رواياتُ الخيالِ العلميَّ كما يسمونها ، التي تصوِّرُ تدميرَ الحضارةِ التكنولوجيَّة الحديثة والعودةَ المفاجئةَ للعصورِ البدائيَّة .
ولذلك فإن البعضَ يُبدون انزعاجاً من الحديثِ عن سقوطِ الغرب ، لأنهم يظنون أنَّ سقوطَ الغربِ سوف يترتَّبُ عليه زوالُ هذه الفُرَصِ و الامكانياتِ التي يتمتَّعون بها ، حتى إني قرأت لكاتبٍ إسلاميٍّ في جريدةِ ( الحياةِ ) يقول : " ينبغي ألاَّ نطرحَ هذا الأمرَ بتفاؤلٍ ، لأنَّ هذه الأشياءَ مصلحةٌ مشتركَةٌ بين الأمم كلِّها ".
وهذا في الواقع ليس مقصوداً لنا حينما نتحدثُ عن سقوطِ الغرب أو سقوطِ أمريكا ، و إن كان هذا مطروحاً لدى بعض الغربيين ، فهناك جماعاتٌ من العلماءِ المتخصِّصين يتوقعون أحوالَ سيئةً سوف تكون إليها البشريةُ حتى و إن كان هناك نظرةٌ متفائلةٌ ومثاليُّةٌ للمستقبل قبل عشراتِ السنوات ، كانت هي السائدة .
حينذاك كتَبَ فيلسوفٌ ألمانيّ اسمُهُ سبيكر ، كتاباً عن تدهورِ الحضارةِ الغربيَّةِ و توقَّعَ مستقبلاً مظلِماً للغرب و للعالَمِ كلِّه من وراء الغرب .
ثم جاء العالِمُ الانجليزي جورج اروين و كتب كتاباً اسمُهُ ( العالَم عام 84 ) ، وكان كاتباً متشائماً و توقَّعَ أوضاعاً سيئةً لكنَّ الواقعَ كان أكثرَ تشاؤماً منه ، فإنَّ الأوضاعَ التي مرَّ بها العالَمُ عام 84 و ما بعدَه كانت أكثرَ سوءاً وسوداويةً وقتامةً مما تصوَّرَه أو ظنَّهُ ذلك العالِمُ الانجليزي .
ثم كتب الفيلسوفُ الإنجليزي الآخرُ أيضاً هولن ويلسون سقوطَ الحضارةِ الغربيةِ ضمنَ منظومةٍ متسلسِلَةٍ من البحوثِ و الكُتُبِ و الدراساتِ القديمةِ ،التي كانت تتحدَّثُ عن سقوطٍ وشيكٍ للعالَمِ الغربيِّ .
هناك أيضاً علماءُ الفَلَكِ في هذا الزمان ، الذين يكتبون نهاياتٍ مفزِعَةٍ عن الكونِ بسببِ زيادةِ طاقةِ الشمسِ و حرارتِها مثلاً ، وتمزُّقِ أو وجود ثقبٍ ضخمٍ لطبقةٍ عُليَا معروفةٍ يسمونها ( طبقةَ الأوزون ) ويقولون : إنَّ هذا الثقب ، إذا ظلَّ يكبرُ بالمعدَّلاتِ التي تحدُثُ الآن فإنه سوفَ يترتَّبُ عليه أخطارٌ تهدِّدُ الحياةَ البشريَّةَ كلَّها، منها مثلاً زحفُ الماءِ على الكرةِ الأرضيَّةِ و تغطيةِ مُدُنٍ بأكملِها و غمرِها بالمياه ، وابتلاعُ هذه المدن بسكانِها و إمكانياتِها ، وتلوثُ البيئةِ والجوِّ وانتشارُ أمراضٍ منها سرطانُ الجلدِ ، إلى أشياءَ أخرى كثيرةٍ مترتِّبةٍ على هذا الخطرِ الذي يُسمَّى ثقبُ الأوزون .
علماءُ الطبِّ أيضاً يتحدَّثُون بنفسِ النظرةِ و يتكلَّمون عن الأخطارِ و الأمراضِ التي سوف تحدُثُ للبشريَّةِ من جرَّاءِ هذا الثقبِ الذي أصبَحَ مرئيَّاً وملاحظاً الآن وهو يتزايدُ بسببِ كثافةِ الاستهلاكِ التصنيعيِّ خاصَّةً في الدولِ الغربيَّة .
إضافةً إلى ذلك فعلماءُ الطبِّ يدقُّون نواقيسَ الخَطَرِ من الأمراضِ التي أصبحَتْ تفتِكُ بالبشريَّة ، لم يَعُد مَرَضُ السَّرَطَانُ هو أخطرُها ، بل أصبحَ مرضُ الإيدز الذي ضحاياه يعدَّون بعشراتِ الملايين ، وحاملو الجراثيمِ مئاتُ الملايين ،ويُتوقَّعُ أن تزدادَ النسبةُ بكثرةٍ في السنواتِ القادمة ، ويقفُ الطبُّ عاجزاً عن إيقافها ، وهذا يهدِّدُ السلالاتِ البشريَّةَ ويهدِّدُ الحياةَ على وجهِ الأرض .
أما علماءُ البيئةِ فهم يرسمون صورةً مكبَّرةً لما حدث في المعمل النوويِّ في الاتِّحادِ السوفييتي ، اسمه ( تشرنوبل ) و قد تسرَّبَ من هذا المعمل بعضُ الإشعاعات النوويَّةِ فدمَّرتِ الحياةَ هناك وأثَّرَتْ وقَتَلَتْ وغيَّرَتْ أشياءَ كثيرةً وانتقلتْ آثارُها عبرَ مأكولاتٍ وفواكه وخضروات وغيرِها إلى العالَمِ العربيِّ و الإسلاميِّ ،بل إلى العالَمِ كلِّه .
فهم يقولون مثلاً : ماذا لو حدث زلزالٌ في أَحَد المواقع التي تُقامُ عليها مفاعلاتٌ أو معاملٌ نوويَّة ؟ و ترتَّبَ على ذلك تسرُّبٌ خطيرٌ في هذه المواد و الإشعاعات القاتلةِ للناس ؟
بل ماذا لو حدث حربٌ نوويَّة أو حربٌ جرثوميَّة بين دولتين من دول العالم ؟
إذن لكان ذلك يمتدُّ أثَرُهُ و ضرُرُه إلى مواقعَ كثيرة !
بل ماذا لو تملَّكتْ بعضُ ما يسمونها بالجماعاتِ الارهابيةِ أو عصاباتِ المافيا ، أو المجموعاتِ التخريبيَّةِ في العالَم ، و بطبيعةِ الحالِ أنا لا أقصدُ بهذا المسلمينَ إنَّما يُقصد بشكلٍ عامٍّ تلك الجماعاتُ التي تتاجرُ بكلِّ شيءٍ في الشرقِ و الغربِ ، وهي جماعاتٌ إرهابيَّةٌ همُّها تحصيلُ المالِ و الثراءِ و الكسب ، ماذا لو تملَّكتْ بعضُ هذه العصابات السلاحَ النوويَّ ؟!
فضلاً عن أن المصانعَ و النفاياتِ و الإشعاعات النوويَّةَ التي تُدفنُ غالباً في بلادِ المسلمين أو تُصدَّرُ بطريقةٍ أو أخرى ، حتى أنَّ آخرَ ذلك أنَّ الصومالَ وُضِعَ في مياهها بعضُ النِّفايات النوويَّة ، وهذا يهدِّدُ الحياةَ البشريَّةَ على وجهٍ آَخَر .
إذن هؤلاء يتوقعون نهايةً حادَّةً وحاسِمةً للحياةِ البشريَّةِ ، وأن سقوطَ الحضارةِ لا يعني فقط تأخُّراً أو تراجُعاً بقدرِ ما يعني تهديداً للحياةِ البشريَّةِ على وجه الأرض أو على الأقل تهديداً للمنجزاتِ الحضاريَّةِ التي يتمتَّعُ بها الإنسانُ في العالَمِ كلِّه .
__________________

تـوقن أم لا تـوقن .. لايعـنيني
مـن يـدريـنـي
أن لـسانـك يـلهـج باسم الله
وقـلـبـك يــرقـص للشيطان !!