عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 08-01-2004, 12:15 AM
ساري111 ساري111 غير متصل
S.A.R.Y 111
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
الإقامة: sary111
المشاركات: 491
إفتراضي

(3)
و هؤلاء العلماءُ يتَّفقُونَ على أنَّ العالَمَ يسيرُ إلى كارثةٍ محقَّقَةٍ لا مهرَبَ منها .
يقول مثلاً كاتبٌ رومانيٌّ شهير : " إنَّ محاولةَ إنقاذِ العالَمِ حينئذٍ هي مثلُ محاولةِ الفئرانِ أن تهربَ من سفينةٍ على وشكِ الغرق ، تهرب نعم من السفينةِ لكن لتغرقَ في البحر ،فهي بين حرق أو غرق! ".
هذه التوقعاتُ أو الظنونُ مع أنها الآن لا تؤخذُ بعينِ الجديَّةِ إلا أنَّه يُنظرُ إليها على أنَّها من الطرائفِ العلميَّة ، و مع ذلك يجبُ ونحن نتحدثُ عنها ،أن نتنبَّهَ إلى خمسةِ نقاط :
أولاً : هذه الأشياءُ هي احتمالاتٌ قائمةٌ وواردةٌ ، وليست أموراً في دائرةِ المستحيلِ وغيرِ المُمكِن ، والمعتادُ أن مراكزَ التَّحليلِ الغربيَّةِ تضعُ لكلِّ احتمالٍ حساباً ، فينبغي أن توضعَ هذه الأشياءُ في الاعتبارِ و ألا تُستبعدَ استبعاداً كليَّاً أو نهائيَّاً .
ثانياً : من المعلومِ أن ثمَّةَ حضاراتٍ كثيرةٍ سادت ثم بادت ، وقد ذكر اللهُ تعالى لنا في القرآنِ الكريمِ أخبارَ أُمَمٍ كثيرةٍ مكَّنَ اللهُ تعالى لها وبوَّأَهَا في الأرضِ ثم حَكَمَ عليها بالهلاكِ و الفناءِ فلم يُغنِ عنهم بأسُهُم من عذابِ اللهِ تعالى شيئاً .
قال اللهُ تعالى : {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ 45 أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ 46 وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ 47 وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ 48} .الحج .
تأمَّلْ ! أولاً {وَكَأَيِّن} ، قرى كثيرةٌ كانت ممكَّنَةٌ وذاتُ حضارةٍ وآبارٍ وقصورٍ مشيدةٍ وقوَّةٍ وعروشٍ ثم خَوَتْ على عروشِها وعُطِّلَتْ آبارُها و قصورُها المشيدة .
فهذا الأمرُ عبرةٌ للذين يعقلون ويدركون سُنَنَ اللهِ تعالى في عبادِهِ أفراداً وأُمَمَاً وجماعاتٍ ولا يغفلُ عن هذهِ العِبَرِ إلاَّ أولئكَ العميانُ الذين ليسَ لهم قلوبٌ يعقلون بها !
ثم هم يستعجلون بالعذابِ فيقولونَ :
متى ذلك ؟! هاهو العالم الغربيُّ ممكَّناً منذ عشراتِ السنين و أنتم تقولون سَقَطَ الغربُ سقَطَ الغرب ! ونحن لا نرى الغربَ إلا يزداد قوةً و رسوخاً و تمكُّناً و تغلغلاً و سيطرةً على العلمِ و بعضُهُم يقولُ و على الطبيعةِ ! فأين أقوالُكم و زعومُكم التي ملأتم بها آذاننا على حينِ أن الغربَ لا يزال يتمكنُ يوماً فيوماً !!
ونقول :
قال الله تعالى : {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ 47}.
ثم هذا التمكينُ الذي يعيشونه هو مرحلةُ الإملاءِ و الإمهالِ ،{وأملي لهم إن كيد متين } ، { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ 48} !
فأيُّ ظُّلمٍ أعظمُ من الظُّلمِ الذي يعيشه الغربُ اليومَ و هو يكيلُ بمكيالين و يزن بميزانين في قضايا كثيرةٍ جداً معلومة .
ثالثاً : ثمة نصوصٍ شرعيَّةٍ و أحاديثَ نبويَّةٍ عن النبي صلى الله عليه و على آله وسلم توحي وتدلُّ على أنَّ العالم سوفَ يعودُ إلى العصورِ البدائيَّةِ في آخرِ الزمان ، و سوف يُستخدمُ السلاحُ الأبيضُ ، فمثلاً في صحيح مسلمٍ لما تكلَّمَ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الملاحمِ الكبرى التي تقع قُرْبَ الساعةِ وقبلَ ظهورِ المسيحِ الدجَّالِ ، ذكر النبي صلى الله عليه و على آله و سلم الفرسانَ الذين يفتحون القسطنطينيةَ ويعلِّقون سيوفَهم على شَجَرِ الزيتون ، إذن فهم يحملون السيوفَ !
و قال : " إني لأعرفُ أسماءَهم و أسماءَ آبائهم و ألوانَ خيولهم " ، إذن فهم يقاتلون حسبَ ظاهرِ النصِّ النبويِّ عبرَ الخيول ، ويحملون السلاحَ الأبيض ، يحملون السيوفَ و الخناجرَ و نحوَها ويقاتلون بها .
و هذا قـد يدلُّ و الله تعالى أعلم على أن ما توقَّعَهُ العلماءُ والخبراءُ من نكسةٍ للحضارةِ الغربيَّةِ أمرٌ واردٌ و واقعٌ !
قل متى ؟ الله تعالى أعلم ! بعد عشر سنين .. أو مائة سنة .. أو مائتي سنة .. أو ثلاثمائة أو أقلّ أو أكثر ، هذا مما لا يطيق البشرُ له تحديداً أو ضبطاً بل هو غيبٌ من غيب اللهِ جَلَّ و علا .
و بعض المحلِّلين و الدارسين للنصوصِ النبويَّة قالوا : إنَّ ما أشار إليه النبي صلى الله عليه و سلم لا يلزم أن يكون مقصوداً به السيفُ ذاتُهُ أو الخيلُ نفسُه بل قد يكون هذا تعبيراً عن السلاحِ الذي يستعملونه أيَّاً كان ، و لكن النبي صلى الله عليه و سلم عبَّر عن اللغةِ التي يفهمها المخاطبون يومئذ .
رابعاً : أنَّ المسلمين يؤمنون ، بل وغيرِ المسلمين من أهلِ الديانات السماويَّة ، يؤمنون بالساعةِ و أنها ستقع ، والقيامة وأنها ستحقُّ ، فهي الصاخَّةُ والحاقَّةُ والقارعةُ التي أخبر اللهُ تعالى عنها وهي التي سوف تدمِّرُ الحياةَ الدنيويَّةَ ونظامَها المعتاد ، وتنقل الناسَ إلى العالَمِ الأخرويِّ .. عالمَِ الجزاءِ و الحساب .
{ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ 1 وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ } ، {إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ} ..
ذلك هو يومُ الجزاءِ و الحساب ، {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ 6}، وقبل ذلك الساعةُ التي هي تدميرُ الحياةِ الدنيويَّةِ والقضاءِ على البشرِ و موتِهِم عن آخرِهم .. حتى مَلَكُ الموتِ يموت .
خامساً : أمريكا بالذات برَزَتْ بسرعة ، فبروزها كقوةٍ عالميَّةٍ وقيادةٍ دوليَّةٍ كان بعد الحربِ العالميَّةِ الثانيةِ وخلال تقريباً خمسين سنة ، تبوأتْ هذا المنصبَ الكبيرَ العظيمَ كشرطيٍّ للعالَمِ اليوم .
والغربُ ربما احتمى بها واستعان بها خوفاً وذعراً من الشيوعية التي كانت تهدِّدُهُ بل سيطرتْ على جزءٍ كبيرٍ من أوروبا الشرقيةِ كما هو معروف ، ولذلك فإن العالمَ الغربيَّ الآنَ يريدُ أن يخلعَ نيرَ السيطرةِ الأمريكيَّةِ عنه من عنقِهِ ويتخلَّصَ من هيمنتِهَا عليه .
ولهذا فهناك تناقضٌ صارخٌ وواضحٌ بين أمريكا وأوروبا الموحَّدة و بين أمريكا ودول أوروبا على حِدَة ، كبريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا ، وبين أمريكا والصِّين وبين أمريكا واليابان وبينها وبين دولٍ أخرى .
إذن أمريكا برزَت بسرعة ولهذا لا غرابة أن يكون انهيارُها سريعاً أيضاً كما تتوقَّع بعضُ الدِّراساتِ وبعض التحَّاليل ، وسوف أشير إلى شيءٍ منها الآن .
__________________

تـوقن أم لا تـوقن .. لايعـنيني
مـن يـدريـنـي
أن لـسانـك يـلهـج باسم الله
وقـلـبـك يــرقـص للشيطان !!