عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 08-01-2004, 12:20 AM
ساري111 ساري111 غير متصل
S.A.R.Y 111
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
الإقامة: sary111
المشاركات: 491
إفتراضي

(8)
أمَّا من ناحيةِ الفطرة، فإنَّك ترى أنَّ الإنسانَ وهو بَشَرٌ يبدأُ صغيراً ثم يكبُرُ و تستمرُّ قوته ، ثم تبدأُ فيه عواملُ الهَرَم و الشيخوخة، وهكذا بالنسبة للنبات وهكذا الحيوان.
و إذا كان هذا في الأفراد، فالأممُ و الجماعاتُ عبارةٌ عن مجموعةٍ من الأفراد ، ومن الطريف أنَّه حتى معدلات النمو البشريِّ في الغربِ تدلُّ على كثرةِ الشيوخ وقلَّةِ الشَّباب وهذا ما يعبَّرُ عنه بالهرم الاجتماعي في الغرب ، بمعنى أنَّ نسبةَ الشباب تقلُّ بسبب قِلَّةِ المواليد ، تحديد النسل ، وأحداث معينة ، والكبار والشيوخ يكثرون ، وهذا يهدِّدُ أيضاً بالانقراض .
أما العالم الإسلامي فهو يتجدَّدُ وينمو ويتكاثر، والنسبةُ الشبابيةُ فيه أكثر بكثيرٍ من الشيوخ .
إذن فنظريةُ الصُّمود الغربيّ، لا يمكن أن تصمدَ للنقد العلميِّ بحالٍ من الأحوال ، والنظرية القائلة بسقوط الغرب نظرياتٌ صحيحة 100% لُغَةً وشرعاً وتاريخاً وواقعاً وفطرةً ولكن ، كيف ومتى ؟ هذا علمُهُ عند ربي!
لماذا هذا الموضوع المهم ؟؟
ربَّما يكونُ هذا السؤالُ متأخِّرٌ في هذه الجلسة ، حينما أطرح لماذا نتحدَّثُ عن هذا الموضوع ، لكنَّ الكلامَ يجرُّ بعضَه بعضاً .
أولاً / نتحدَّثُ عن هذا الموضوع لأنَّني أعتقد أنَّ الذي يتكلَّمُ اليومَ عن الغرب هو كمن يحملُ معولَه ويحطِّمُ الأصنامَ ، وقد كان إبراهيم أب الحنفاء عليهم الصلاةُ و السلامُ سنَّ لنا هذه السنَّةَ فأخذ معولَه و قام إلى كبيرِ الأصنامِ فضربَه حتى جعلَهُ رُفاتاً كما هو مذكورٌ في كتاب الله تعالى .
فالَّذي يتحدَّثُ عن سقوط الغرب اليوم هو كمن يحطِّمُ الأصنامَ ويكشفُ لعابديها زيفَها وأنَّها لا تضرُّ ولا تنفعُ !
معظمُ المثقَّفين اليومَ الدنيويين مبهورون بما عند الغربِ ولا يملكون أيَّ شيءٍ متميِّز .
ولما سقطَت الشيوعيَّةُ سقطت دُولُها في العالَم الإسلاميِّ ، وسقطَت أحزابُها القائمةُ في بلاد المسلمين ، وسقط مفكِّروها ، فإننا بحاجةٍ إلى من يؤكِّدُ للذين ربطوا أنفسهم بالغرب ، فجعلوا سياستهم من سياسة الغرب ، واقتصادَهم من اقتصادِه وقراراتِهم مرهونةً برغبته وشهوته ورضاه، وعملوا على تلمُّسِ إشارتِه قبل عبارتِه ، فأحياناً هم يسبقونه إلى ما يريد ، ويحقِّقون له ما يتمنى قبل أن تنبُسَ به شفتاه ، و أصبحوا غربيين أكثرَ من الغربِ نفسه ، وأصبحوا عبئاً على بلاد المسلمين وعلى أمم الإسلام أكثرَ من الغرب نفسه ، وقدَّموا له ما كان عاجزاً عن أن يقومَ به بنفسه وذاته ، فنحن بحاجةٍ إلى أن ننبَّه هؤلاء إلى قول الله تعالى : {فَعَسَى اللهُ أَن يَأتِيَ بالفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِم نَادِمِينَ } .
نعم ! أولئكَ المنافقونَ الذين باطنُهم مع الغرب ، و قلوبهم قلوب الذئاب ، وعقولهم غربية هي مستعمراتٌ لأمريكا أو غيرها من الدول، تفكِّرُ بالطريقة الأمريكية وإن كانت تتكلَّم بالحروف العربية أو تلبس الثياب العربية ، أو تعيش في مجتمعاتٍ عربية أو إسلامية !
نحن بحاجةٍ إلى أن نؤكِّدَ لهؤلاء بل لجميع المسلمين ، أنَّه ليس أمام الجميع إلا أن يعتصموا بالله جلَّ وعلا كما أمر سبحانه، وأن يعتصموا بالحلِّ الإسلاميِّ الذي شرعه ربُّنا تبارك وتعالى ، وأنَّه لا مخرج لهم أفراداً أو حكوماتٍ أو شعوبٍ أو أممٍ إلا بذلك .
وما هو الحل الإسلامي ؟!
ليس الحلُّ الإسلامي إلاَّ الجهدَ البشريَّ في توصيفِ ذلك وتنزيل الواقع عليه، وهو اجتهادُ الناس في تطبيق شريعة الله تعالى على الواقع، وتصويب ذلك على قدر المستطاع .
ثانياً : وهذا يقودنا أيضاً إلى أمرٍ آخر وهو أنَّ المسلمين يملكون الحل من خلالِ دينهم ومنهجهم المنزل ، الوحي المعصوم والوحي الوحيد الموجود على ظهر الأرض ، فإنَّ جميعَ الشرائع السماوية قد لُعِبَ بها وحُرِّفَت فضلاً عن أنَّها منسوخة ، أمَّا الإسلام فهو الحقُّ الوحيدُ الباقي على ظهر الأرض .
المسلمون يملكون إقامةَ النظام الدولي على أساسِ العدالةِ الإسلامية كما شرحتُ ذلك في محاضرة ( تحريرُ الأرض أم تحريرُ الإنسان ) ، والمسلمون يملكون إصلاحَ الإقتصاد واستبدال الرِّبا بالإقتصاد الشرعي كما دعا إلى ذلك مجموعةٌ من الخبراء اليابانيون.
المسلمون يملكون حمايةَ المجتمعات الغربية والشرقية من الفساد وتحطيم الأسرة وضياع الشباب .
المسلمون يملكون قبل ذلك كلِّه وبعد ذلك كلِّه، العقيدة الربانية التي تملأ قلبَ الإنسان وعقلَه فيطمئنّ لها ويؤمن بها وإذا حاد عنها أو ابتعد أصابه الهمُّ والغمُّ والكربُ والتردُّدُ .
قال الله تعالى : { بَلْ كَذَّبُوا بِالحَقِّ لَمَّا جَاءَهُم فَهُم فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ } . وقال : {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكَاً ، وَنَحْشُرُهُ يَومَ القِيَامَةِ أَعْمَى } .
المسلمون يملكون منهجَ التعليم والإعلام والإدارة والحياة البشرية بشكلٍ عامٍّ، وعليهم أن يقدِّموا ذلك عمليَّاً من خلال النماذج الواقعية، والنَّظرية من خلال الدراسات ، أمَّا اليومَ فالواقع أنَّ المسلمين حجبوا ذلك كلَّه بسوآتهم العظام ، بتأخرِّهم العلميِّ ، بتفريطهم في الدِّين، بإهمالهم الدعوة إلى الله تعالى ، بالخلاف المستشري بينهم ، بسيرهم في ركاب الغرب ، فقد آمن الغربُ أنَّ المسلمين لا يملكون شيئاً ، إذ لو كانوا يملكون ما جاءوا يتطفَّلون على موائده ، و يأخذون من حضارته ويقلِّدونه في الدَّقيق والجليل .
__________________

تـوقن أم لا تـوقن .. لايعـنيني
مـن يـدريـنـي
أن لـسانـك يـلهـج باسم الله
وقـلـبـك يــرقـص للشيطان !!