الاخ الكريم كيمكام:
اشكرك على طرحك المعتدل والبعيد عن الغوغائية واشكرك على اثرائك للموضوع بتعلقاتك المفيدة. وساعرض عن الغوغائيين واركز على المفيد.
اما العبارة التي نقلتها وهي "الذرائعي لا يفهم راي الاخرين وافعالهم باعتبارها مواقف محسوبة وتجسيدات قطعية لثقافتهم وقناعاتهم وحساباتهم , بل باعتبارها ذرائع تستهدف غايات اخرى , وهو ينصب نفسه محققا يبحث عما في قلوب الناس وعما ليس في قلوبهم , عما تخيلوه وما لم يتخيلوه , حتى يصل الى اثبات ما قرر منذ البداية انه الحقيقة."
فابين لك من وجهة نظري المفهوم من هذه العبارة. لكن لفهم هذه العبارة فلا بد من النظر الى المعنى الذي يحاول الكاتب ايصاله. فالموضوع ان الكثيرين ممن يعارضون الاصلاح انما يقولون ان الاصلاح مدخل لتمرير مشاريع هدامة هذا من قناعاتهم ان طريقة عيشهم هي المثلى وهذا لم ياتي وليد يوم او يومين من التربية الثقافية بل اجيال تعلمت وطبقت ما تعلمه وهم ينسبون كل الانتظام الاجتماعي، الذي يرونه، الى هذه القناعات - من دون النظر الى حقيقة هذه الفكرة- وهذا ما يجعل اي محاولة للتغيير تواجه بنظرية المؤامرة على هذا الانتظام في المجتمع. طبعا كله يرجع لقناعات الشخص. فترى العلمانيون يرجعون كل التقدم والحضارة الى العلمانية التي اتخذوها كمنهج لحياتهم ويقولون اي محاولة لزعزعة العلمانية وتلقف منهج ديني للحياة انما هي دعوة للتخلف ومن ناحية اخرى تجد المسلم يرى ان اي محاولة لزعزعة النظام الاجتماعي المبني على احكام الدين والدعوة للعلمانية انما دعوة للتخلف ويقولون تراجع التقدم العلمي والثقافي لدى المسلمين انما هي بسبب تركهم للدين. يعني كل واحد يتهم الاخر بالتخلف والدعوة للتخلف. لكن هل حقيقة ان المسلم يريد للعلماني ان يتخلف وهل حقيقة بنظر العلماني يريد للمسلم ان يتخلف؟ الجواب كلا. فبنظر العلماني التقدم لا يكون الا بترك الدين وهذه قناعة راسخة عنده والعكس عند المسلم. فليست دعوة العلماني للعلمانية هي في الحقيقة بنظر العلماني دعوة للتخلف وكذلك المسلم انما تختلف قناعة كل واحد الى كيفية الوصول للتقدم الحضاري. طبعا لن نناقش نظرة العلماني للدين والتي في الحقيقة انما بنيت على تجربتهم التاريخية مع حكم الرهبان والقساوسة وما ما زالوا الى الان يرددون ما جرى مع غاليليو عند محاكمته بتهمة الهرطقة ويعطونها كمثال ان الدين لا علاقة له بالحياة وانما الذي يلتزم بالدين انما يدعو للتخلف الحضاري ان حكم الدين بامور الحياة. فهذه النظرة من العلماني للدين نابعة من تجربتهم الدينية مع النصرانية واضف الى ذلك ما يرونه من الفوضى في البلاد الاسلامية. ومهما قلت للعلماني انه لما كنا في اوج حضارتنا - نحن المسلمين لما حكّمنا الدين - كان الاطباء في اوروبا يحرقون بتهمة الشعوذة.
فكلام الكاتب هنا يدور حول هذه النقطة وهي ان حقيقة موقف الشخص تكون نابعة من قناعة ان طريق التقدم والتحضر مثلا انما تكون باتباع موقف معين ولا يكون حقيقة دعوته من وجهة نظره هي مؤامرة لضرب الاخر وتخلفه. طبعا هذا ليس شموليا لانه - وعلى حسب ظني - يوافق ان هناك من يدس الدسائس ويحيك المؤامرات لضرب المسلمين الا ان ليس كل دعوة للاصلاح انما هي دعوة لضرب الدين - اللهم الا اذا كان يعتقد ان الحكام اليوم هم كامثال ابي بكر وعمر او من الائمة المعصومين عند من يعتقد العصمة بهم - لكن تجد اناس لا يفهمون الواقع معبؤون منغلقون فكريا يردون كل ما لا يفهموه الى نظرية المؤامرة وهذا يدل على ضيق افق وقلة فهم وانعدام النظرة التحليلية للامور والتسليم لكل قيل وقال من دون النظر الى حقيقة الامر. وهذا من وجهة نظر الكاتب يجعل طريق الاصلاح طريق صعبة موحشة وعرة وانا من وجهة نظري لا احسد الامير عبد الله على وضعه اليوم ان كان صادقا في دعوته للاصلاح واستيعاب الدروس من الماضي ولا اظنهم يغفلون ما جرى عبر البيريسترويكا حيث انهار نظام كان يعتبر قطب في السيطرة على السياسات العالمية وندا لامريكا وانهار النظام بسرعة حتى انها ادهشت الامريكان انفسهم وفاجاتهم وفاجات اكثر خبراء المخابرات الاميركيين تفاؤلا. لا تنسى انه ومع انهم كانوا شيوعيين الا انه كان عندهم من التقدم العلمي ما يضاهي الغرب ويتفوق عليه في مجالات كثيرة. اذكر مرة انه في معرض علمي عام 1995 كان الامريكان يعرضون متفجرا جديدا اسمه cl-20 كان الشركة التي تعرضه تتباهي انه اقوى من rdx ثم تبين لنا بعد فترة ان الروس يستخدمونه منذ عام 1978 في صواريخهم وكانوا موجودين في المعرض يبيعونه باقل من الثمن الذي تعرضه الشركة الامريكية. ولا ننسى انهم اول من ارسل مريكة فضائية الى خار الارض واول من ارسل بشرا الى خارج الارض وكثير من الانجازات التي يفخرون بها. فمع كل هذا التقدم العلمي في كل المجالات الا ان عدم فهم القيادة الروسية لطبيعة الاصلاحات المطلوبة ولعدم فهمهم وتقديرهم لتاثير الانفتاح على مجتمعهم المغلق وعدم فهمهم لما يجرى على المسرح الاوروبي ادى الى تسارع الاحداث وانهيار الاتحاد السوفياتي بطريقة ادت تراجع الاتحاد السوفياتي وشطبه من معادلات كثيرة حيث صارت الان تلقى غواصاتهم التي تكاد تكون صامتة على الصونار ( احدث الغواصات الامريكية لا تضاهيها في درجة الصمت هذه) في المزابل وصارت تباع كخردة وطائراتهم وغيرها كلها تباع خردة اليوم والفوضى الاجتماعية شنيعة حيث تباع نساؤهم لكارتيلات الجنس في اوروبا والخليج ودولة اليهود. هذا لم يكن ليحدث لولا تجاوب الافراد وتلقفهم لافكار دخيلة اقنتعهم باشياء لا تتناسب مع طبيعة مجتمعهم في وقتها - بقصد او بغير قصد - فادى الى تفاعل نتيجته كان انفجارا لم يكن يرغب به حتى اكثر الغربيين تعصبا حيث ان الترسانة النووية الروسية اليوم في خطر وكذلك الترسانة الكيميائية والبيولوجية وغيرها من التقنيات العسكرية اصبحت تباع لمن يدفع اكثر ويخاف الغرب من حصول بن لادن عليها.
هذا فقط مثال عن الاخطار عرضتها مستدلا بالبيريستروكيا الروسية وطبعا لا ننسى تاثير حرب افغانستان على النظام الروسي فان هذا كان عاملا اضافيا في تسريع عملية الانهيار.
اما كلامك عن عرض الحلول. اخي الكريم. الشعب السعودي ادرى بما يتناسب مع مجتمعه وعليه هو ان يتنبه لامور كثيرة ويكون على قدر من الوعي التام ويستيقظ ويدرك ان هناك مشكلة وخطر وان التغيير قادم لا محالة والعولمة قادمة اليهم وبشراسة فان لم يعترفوا بهذا فان النتيجة لن تحمد عقباها وخاصة ان في السعودية مكة والمدينة على ساكنها افضل الصلاة والسلام. ودعوتي الى الشعب السعودي ان يستيقظ وان يترك التاثر بالغوغائيين الذين يظنون انهم في مامن عن اي تغيير وان الشعب بتقاليده ومحافظته فقط يستطيع مواجهة هذه الموجة العارمة التي ستضرب وتقضي على الاخضر واليابس وبلا رحمة. الخطوة الاولى اخي الكريم هي وعى الخطر القادم فان لم ندرك ان خطرا قادما كيف نواجهه وكيف نضع الحلول؟ انا رجل واحد لا قوة لي على التاثير الكبير الذي يشعر به الناس الا ان شعبا كاملا هو من له ان يقرر مصيره. تكذر اخي الكريم ان عاصمة الخلافة كانت في اسطنبول وكان العالم ينتظر الخليفة العثماني ان يقول كلمة ويرتعد خوفا كلما اشرقت الشمس على الخلافة فكيف الوضع هو اليوم؟ صارت فرنسا تقتدي بتركيا في منعها للحجاب وليس العكس!!! هل بدا التغيير دفعة واحدة؟ ابدا بل خطوة خطوة وبدهاء ومكر حيث لم يشعر الخصم بذلك ولم يستنفر الناس وهكذا دسوا السم جرعة جرعة وبروية وكان النتيجة ما كان. وهل تظن ان من يدير مؤامرة سيقوم بخطوات واضحة يشعر بها الجميع ويستنفرهم؟ من له القدرة على تخطيط مؤامرة فهو على قدر من الدهاء ان يمرر ما يريد خطوة خطوة بحيث لا يستنفر المعارض. كيف انهارت الخلافة؟ اليس بمؤامرة؟ وماذا فعل المسلمون؟
واختم كلامي بعرض واقعة جرت امس وهي المؤتمر الاقتصادي في جدة حيث ظهرت نساء سعوديات بلا حجاب وعرضت عكاظ صورا لهن الا اني لم اجد هذه الصور في نسختهم على الشبكة الا ان هذه الصور موجودة في نسختهم المطبوعة واظهرت نساء سافرات وكتبت الجريدة تحتها " انهن سعوديات" والجدير بالذكر ان من يرعى الاجتماع هذا هم ابناء وبنات ولي العهد. لكن وجدت هذه الصورة من جريدة الشرق الاوسط فتامل اخي الكريم.
اكمل معك فيما بعد اخي الكريم وان تاخرت في الجواب على سؤال فاعلم اخي الكريم ان فارق الوقت بيني وبينك هو ثماني ساعات.