عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-01-2004, 04:34 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

كتب الأستاذ / محب الدين الخطيب
إقتباس:
إن الناس هم الناس، وفيهم الطيب والوسط والخبيث، تشترك في ذلك الأمم كلها، غير أنها تتفاضل بنسبة أهل هذه الأصناف الثلاثة بعضهم إلى بعض
فمن الأمم من تطغى نسبة الخبيث من أهلها على من فيها من الطيبين والعنصر الوسط، فهي من شر الأمم. ومنها من يكثر فيها العنصر الطيب وتكون له الكلمة النافذة والتوجيه المطاع في المجتمع فهي من أكرم الأمم معدنا. ومنها من تعظم فيها نسبة الطبقة الوسطى فيعم فيها الخير ويستتب الاستقرار.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما قرره من حقائق: « الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارُهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا».

وقد علق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذا الحديث في كتابه منهاج السنة (2/260-261) بقوله:

« فالأرض إذا كان فيها معدن ذهب ومعدن فضة كان معدن الذهب خيراً، لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين منه. فالعرب في الأجناس – وقريش فيها، ثم هاشم في قريش – مظنة أن يكون فيهم الخير أعظم مما يوجد في غيرهم. ولهذا كان في بني هاشم النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يماثله أحد في قريش، فضلاً عن وجوده في سائر العرب وغير العرب. وكان في قريش الخلفاء الراشدون وسائر العشرة وغيرهم ممن لا يوجد له نظير في العرب وغير العرب. وكان في العرب من السابقين الأولين من لا يوجد له نظير في سائر الأجناس، فلا بد أن يوجد في الجنس الأفضل ما لا يوجد مثله في المفضول. وقد يوجد في المفضول ما يكون أفضل من كثير مما يوجد في الفاضل، كما أن الأنبياء الذين ليسوا من العرب أفضل من العرب الذي ليسوا بأنبياء، والمؤمنون المتقون من غير قريش أفضل من القرشيين الذين ليسوا مثلهم في الإيمان والتقوى. وكذلك المؤمنون المتقون من قريش وغيرهم أفضل ممن ليس مثلهم في الإيمان والتقوى من بني هاشم. فهذا هو الأصل المعتبر في هذا الباب، دون مَن ألغى فضيلة الأنساب مطلقاً، ودون من ظن أن الله تعالى يفضّل الإنسان بنسبه على من أعظم إيماناً وتقوى منه، فكلا القولين خطأ، وهما متقابلان، بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة، وفضيلة لأجل المظنة والسبب. والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيله تعيين وتحقيق وغاية. فالأول يفضل به لأنه سبب وعلامة، ولأن الجملة منه أفضل من جملة تساويها في العدد. والثاني يفضل به لأنه الحقيقة والغاية، ولأن من كان أتقى لله كان أكرم عند الله، والثواب من الله يقع على هذا، لأن الحقيقة قد وجدت فلم يعلق الحكم بالمظنة، ولأن الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه فلا يستدل بالأسباب والعلامات».

بهذا فسر شيخ الإسلام ابن تيمية حديث معادن الناس، وكان ينظر – وهو يعالج هذا الموضوع الدقيق – إلى آية الحجرات (13): « إنّ أكرمَكم عند الله أتقاكم »، كما كان ينظر إلى حديث عبد الله بن عمر قال: إنا لقعود بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت به امرأة، فقال بعض القوم: هذه ابنة محمد صلى الله عليه وسلم (والحقيقة أنها كانت درة بنت أبي لهب، وكانت زوجة للحارث بن نوفل، ثم تزوجها دحية الكلبي)، فقال رجل: إن مثل محمد صلى الله عليه وسلم في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن. فانطلقت المرأة فأخبرت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فجاء عليه السلام يعرَف في وجهه الغضب، ثم قال على القوم فقال: « ما بال أقوال تبلغني عن أقوام! إن الله عز وجل خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشاً، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم. فأنا خيار من خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضني أبغضهم ».

قال الحافظ العراقي: وهو حديث حسن، أخرجه الحاكم في المستدرك على الصحيحين، ورواه من غير هذا الإسناد أيضاً؛ وروى نحوه من حديث أبي هريرة، ورواه الطبراني في المعجم الأوسط وقال: حديث صحيح.

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }