عرض مشاركة مفردة
  #56  
قديم 18-02-2004, 03:30 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام-
ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.

المشهد الأول من الفصل الأول:

يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم:إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ
يحكي الصبي الصغير لأبيه رؤياه. أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأننا عظيما لهذا الغلام. فغاية ما يحلم به الصغير أن تكون الكواكب بين يديه يلعب بها كيفما شاء، أما أن يرها متمثلة في صورة (العقلاء) وتسجد له تعظيما. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرا يسوؤه: قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
لقد أحس يعقوب -عليه السلام- وهو ابن إسحاق بن إبراهيم، أن هذا الشأن متعلق بالدين والصلاح، فتوقع أن يكون يوسف هو الذي ستحل عليه البركة وتتمثل فيه السلسلة الماباركة من بيت إبراهيم.
وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ
كذلك يختارك ربك.. كذلك يصطفيك. ومعنى التأويل هو معرفة المآل، وكشف النتيجة.. وإدراك أسرار لم تقع بعد.. فما الأحاديث؟
قالوا إنها الرؤى والأحلام.. سيستطيع يوسف فيما بعد أن يفسر الأحلام والرؤى فيرى من رموزها الغامضة ما يقع من أحداث.. وقالوا إن الأحاديث هي الأحداث.. سيعرف مآل الأحداث التي تنتهي إليه من بداياتها وأوائلها.. سيلهمه الله إلهاما أن يعرف.
إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
رد النبي العلم والحكمة إلى الله في ختام حديثه.. فجاء ذلك مناسبا للبدء.
وفي العلماء من يقول أن الآية السابقة ليست جزءا من حوار يعقوب مع ابنه يوسف.. وإنما هي ثناء من الله تعالى على يوسف.. أدخلت في نسيج القصة منذ بدايتها.. وهي ليست منها.. فالمفروض ألا يعرف يوسف ويعقوب تأويل الحلم وتفسيره منذ البداية.. ونحن نختار هذا الرأي ذهب إليه القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن
وإذن نفهم الحوار فهما آخر.. إن الله يتحدث هنا عن اختياره ليوسف.. وهذا يعني نبوة يوسف.. وليس تعليمه تأويل الأحاديث، وإطلاعه على حقائق الرموز التي تقع في الحياة أو الحلم، غير معجزات له كنبي.. والله أعلم حيث يجعل رسالته.. تجد حكمته أسبابها، وعلمه محيط.
استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }