الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #62  
قديم 23-02-2004, 07:43 AM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

أريد أن أعرف

- هيا يا نورة اسرعي سنتاخر..
صاح فهد مناديا نورة..
- حسنا.. ثوان قليلة وتجهز الحقائب يا عزيزي..
اطل عليها من باب الحجرة وقال مبتسما: هيا قبل ان تطير عنا الطائرة.. فلا نذهب بشهر عسل ولا بصل حتى..
ضحكت نورة وقالت:
- ان طارت عنا الطائرة ذهبنا بالرحلة الاخرى.. الموضوع بغاية البساطة.. الا انكم يا معشر الرجال تعشقون تعقيد الامور.. بل بمعنى اصح.. تنتهزون الفرص ..
قال فهد بلكنة ذات معنى:
- هل انا مثل بقية الرجال ؟؟
اتم جملته وغمز لنوره التي احمر وجهها فقالت:
- لا بالطبع .. انت مختلف..لذا انا احبك..
قال فهد:
- ماذا؟لم اسمع .. ماذا قلت؟
- قلت انك مختلف ..
- لا لا.. لا اقصد هذا.. بل ما تلت ( انت مختلف ) ..
- فهد كفى..لم اقل شيء !!
اجاب باصرار: لا بل قلت.. اعيديها ارجوك.. هيا يا نورة.. اخبريني ماذا قلت!
اخفضت راسها وتظاهرت بالانشغال بترتب الملابس وقالت هامسة:
- احبك
اقبل عليها بسرعة وجلس امامها وقال:
- اعيديها.. هيا ارجوك.. تريد اذني ان تسمعها..فما اعذبها من شفاهك.. بل ما امتع ناظري وانا اراك تنطقيها.. هيا يا نورة.. اتستكثرين علي كلمة بسيطة كهذه؟؟اتريدينني ان اطلب عطفك وامتنانك حتى تقوليها لي؟؟
نظر اليها املا..فرفعت راسها وقالت برقه: احبــك ..
اغمض فهد عينيه وتنفس بعمق قائلا:
- وانا احبك..احبك..احبك.. وحتى مماتي ساظل احبك..
نهرته نوره بقولها:
- فهد.. ويحك.. لاتنطق الموت بلسانك..حفظك الله لي..
غمز لها فهد وقال:
- اتخافين علي؟
اجابته نورة:
- اخاف عليك؟ اهذا سؤال؟ بالطبع اخاف عليك.. بل انا اخاف عليك اكثر مما اخاف على نفسي.. انت زوجي.. خليل روحي.. وبالمستقبل ان شاء الله..والد اطفالي.. انت يا فهد الان كل شيء بحياتي.. انت تعلم اننا سننتقل للعيش في مدينة اخرى..وليس لدي احد من اهلي سواك..
فهد..بغض النظر عن اي شيء..انت حبيب الطفولة..رفيق القلب وخليل الروح.. فلا تسالني يوما عن غلاك بقلبي..او معزتك بفؤادي.. لاني مهما حاولت التعبير.. فلن استطيع التعبير لك عما يدور في نفسي.. احبك يا فهد.. اقسم لك اني احبك..

امسك فهد بيديها بين يديه..وقربها الى شفتيه..قبلها برفق وقال:
- احبك يا نورة .. ولا عدمتك ان شاء الله.. ساحاول ان اكون لك نعم الزوج.. ولابنائنا في المستقبل نعم الاب.. ولا تخافي من العيش بعيدا عن اهلنا.. ساحاول ان اعوضك عن كل شيء..ساكون لك الاب والاخ والاخت والصديق والزوج والحبيب.. لن ادعك تشعرين بالوحدة..
نوره.. ان كنت تحبيني مرة.. فانا احبك الف مرة..احبك يا نورة كما لم احب احد من قبل.. وكما انا حبيب طفولتك..فانت بقلبي منذ نعومة اظافري.. كنت تشغلين القلب والفكر والروح منذ رايتك..وعلمت انك ابنة عمي..
احبك يا نورة واحب كل ما فيك.. والحمد لله انك اصبحت من نصيبي.. لاني بصراحة..كنت ساموت لو انك تزوجت غيري.. بل اني كنت ساقتله!! فبدل ان اعيش معك.. اعيش مع المجرمين في زنزانة واحدة..

ضحك فهد ونظر الى نورة فوجدها مخفضة الراس تنحدر دموعها على وجنتيها.. قال لها فزعا:
- نورة.. ما بك يا حبيبتي؟؟ لم تبكين؟؟
رفع ذقنها بيديه برفق وقال:
- حبيبتي نورة.. صارحيني ما يحزنك.. هل اغضبتك بكلمة قلتها؟؟
قالت مغالبة دموعها:
- لا يا فهد.. بالعكس.. لم تغضبني يوما.. ولم تفعل الان.. الا ان الموضوع..
سكتت قليلا ثم اردفت:
- انا لم اعتد الابتعاد عن امي يا فهد.. بعدي عنها يقتلني.. يعذبني..
اقسم اني لا اطيق الابتعاد عنها.. ولا عن روز..ولا عن اخوتي ايضا.. حتى مدينتنا.. لا اطيق الابتعاد عنها.. كيف لي ان اتنفس هواء ليس بهوائها؟؟ وانا لم اغادرها يوما ولا حتى للسياحة؟ كيف لي ان ارى نورا غير النور الذي يشرق على ارضها؟ وانا لم تر عيناي سوى نورها؟
كيف ساعيش بعيدا عن كل احبابي؟؟ عن كل اصحابي؟ عن اهلي.. اخوتي.. عن روز..عن امي؟؟
امي يا فهد!! لا ادري كيف ساتركها.. كيف ساصبح في الصباح دون ان اقبلها واقول لها (صباح الخير يا امي) ؟ كيف يقبل الليل.. دون ان اقبل كفها فاتمنى لها ليلة هانئة؟
لم افارق امي ابدا يا فهد .. فكيف لي ان افارقها الان.. وبعد ان اصبحت في هذا العمر.. لا ادري يا فهد لا ادري..
ضمها فهد اليه وقال وهو يمسح على شعرها:
- نورة.. حبيبتي.. لا تبك.. انا زوجك.. ولن اتركك ابدا.. ساحاول ان اعوضك عن كل شيء.. واعدك يا حبيبتي اني باقرب فرصة ساحاول ان اجد فرصة عمل في مدينتنا هنا.. حتى انا يا نورة لا اطيق الابتعاد عن روز وسعود..ولا عن خالتي وابناء عمي.. ولكن ماذا نفعل؟ انترك مستقبلنا يضيع؟؟ بالطبع لا..نمسك بخيط المستقبل..ثم نبحث عن البديل..
نورة.. لا استطيع ان اعيش بدونك.. لذا تزوجتك قبل ان اسافر.. لاني اعلم انك ستعوضينني عن كل الدنيا..انت بعيني يا حبيبتي كل شيء.. كل شيء..
وانا ايضا سافتقد خالتي هدى.. فهي بمثابة الام لي بعد امي رحمها الله... نورة.. ساكون دوما بقربك.. فلا تتركيني وتدعيني للايام تتلاطم امواجها بي كيفما شاءت.. فانا وفي غربتي.. احتاجك قربي.. تشدين من ازري.. فلا تتخلين عني ارجوك يا حبيبتي..
مسحت نورة دموعها وقالت :
فهد حبيبي.. لن اتركك ما حييت.. ستظل يدي ممسكة بيدك حتى تقبض روحك.. ساظل بقربك..ولن اتركك.. اعدك اني لن اتركك.. انت روحي يا فهد.. فكيف يترك المرء روحك؟؟
انت كل ما املك.. فاي عاقل سيفرط باغلى ما يملك؟؟
احبك يا فهد ولن اتخلى عنك ابدا.. ابدا يا فهد..
ابتسم لها فهد وقال:
- هيا يا حبيبتي.. دعينا نذهب للمطار.. قبل ان تقلع الطائرة بدوننا هيا..
- حسنا يا حبيبي..
انتهى العروسان من ترتيب حقائبهم.. وبعد ساعات قليلة..كانوا في الطائرة..

بعد ان خرجنا من غرفة الدكتورة حصة.. اتجهنا الى المخرج.. لنذهب الى المنزل.. وبعد ان استقرينا بالسيارة.. رايت ان فيصل اخذ الطريق المؤدي الى منزل خالتي فقلت له:
- فيصل لو سمحت.. اريد ان اذهب الى منزلي..
نظر الي وقال:
- وهل ساخذك الى بيت الجيران ؟ ساخذك الى بيتك بالطبع!!
اجبت بحنق:
- اقصد بيتي.. بيت والدي.. بيت اخوتي..
رد وبكل برود:
- اعلم.. ومن يسكن بيتك غير والدك واخوتك؟؟ بالطبع هم..
- فيصل !! انت ذاهب لبيت خالتي..لبيتكم.. انا اريد ان اذهب لبتي انا!!
رماني بنظرة قاسية وقال:
- اما عاد بيتنا هو بيتك؟ هل اصبح ذلك البيت الذي عشت فيه قرابة السنة فقط هو بيتك؟؟ انسيتي سنين عمرك التي قضيتيها فيه؟؟ هل مسحت من ذاكرتك كل ما مر بك فيه؟ كم انت جاحدة ناكرة للجميل..
الان بعد ان اصبح لك هذا البيت الفاخر.. نسيتي بيتك المتواضع البسيط..
سكت ثم اردف بغضب:
لا تخافي.. ساخذك لبيتك..
نظرت اليه بذهول ولم اعرف بماذا اجيبه..
رددت بعد ان ادركت الموقف وقلت:
فيصل ما بك؟ خذ هاتفك واضربني به!
التفت الي ونظر الي ساخرا فاردفت قائلة:
فيصل..ما بك هداك الله؟؟ لم اقصد ما قلته انت.. ولم افكر به ابدا.. فيصل بيتكم هو بيتي.. ولم اجد له بديلا ولن افعل.. الموضوع هو اني اريد ان انام في منزلي اليوم.. منزل اخوتي..عندي بعض الامور اود انجازها هناك.. فهل هذا عيب ام حرام؟؟
فيصل لم اخذت الموضوع بهذه الحساسية؟ الموضوع لا يستحق.. و على العموم انا اعتذر..
تنهد فيصل وقال:
لا تعتذري يا روز.. انا من يجب ان يعتذر.. انا اسف.. لا ادري ماذا دهاني.. فجاة أحسست اني فقدت السيطرة على اعصابي ولم اتمالك نفسي..
اه يا روز.. ولادة جولي خلطت علي الامور.. احس بان مسؤولية كبيرة وقعت على عاتقي..لا اعلم ان كنت استطيع تحملها ام لا..ويومي هذا.. اه كم كان صعبا هذا اليوم..
لذلك ارجوك اقبلي اعتذاري يا روز..
- لا باس عليك يا ابن عمي.. لا تهتم.. انسى الموضوع.. لم يحصل الا كل خير.. وانا اقدر ما مررت به اليوم.. فلا تشغل بالك..ولا تعتذر لان الموضوع لا يستحق..
وانت باذن الله ستتحمل هذه المسؤولية وستقوم بها على اكمل وجه.. فلا تحمل هما..
كان احمد نائما على حجري فعدلت راسه.. وبعد تردد كبير قلت: فيصل..
كان فيصل منشغلا بالنظر امامه فاصدر صوتا بمعنى نعم ..
قلت: عندما كنا بالمستشفى.. قبل ان تلد جولي..
- اجل
- قلت لي انك السبب..
نظر الي متسائلا..فقلت مجيبه عن التساؤل في عينيه: انك السبب في ولادة جولي المبكرة..
- اجل قلت ذلك..
- هل لي ان اسالك كيف حصل ذلك؟ ولماذا؟
- ايهمك ان تعرفي لان الموضوع يهمك؟ ام انه مجرد فضول انثوي؟؟
خجلت من نفسي ومن فضولي فقلت له: كما تريد.. ان احببت ان تقول لي .. فانا اريد ان اعرف..
- حسنا..ساقول لك.. الموضوع اني كنت اريد ان انام.. بينما هي لا تريد ذلك.. وكعادتكم ايها النساء..ظللت تنوح وتنتحب على امور سخيفة..ولاني كنت اريد النوم..نهضت من فراشي مغادرا الغرفة..وعندما وجدتها لا تريد الصمت.. اخذتها ودفعتها..وحصل ما حصل..
- اها..
لم اقتنع برده فاردفت:
ولكنك قلت لي انها تطاولت على روحك..
- روز.. قلت لك ما يهمك من الموضوع.. اما التفاصيل.. فهي تخصني وحدي..واعذريني انما لا دخل لاحد فيها..وخصوصا انت..
- انا اسفة..
- لا عليك ..
لم يتحدث احدنا حتى وصلنا الى المنزل.. هممت بالنزول فقال فيصل:
- روز هل ستاخذين احمد معك؟
- اجل.. هل تعتقد اني ساتركه وحده معك؟ حتى تقتله وانت نائم!
- حرام عليك.. لن اقتله..فقط سارميه من النافذة ان بكى..
- وتريدني ان ابقيه عندك؟لا شكرا دع اخي معي..حتى لا يقذف من الشباك..
ضحك فيصل ثم قال:
- كما تشائين..ولكني اعود واعرض عليك العرض ذاته.. دعيه عندك لتنعمي بنوم هانئ اليوم..
- لا شكرا.. اخي عندي اهم من اي نوم..
- وهل صدقت اني سارميه ؟؟
- لا لم اصدق.. لانك تعلم انك ان فعلت ..سترميك امي خلفه..
ضحك ثم قال: بهذه صدقت..على العموم.. تصبحين على خير..
- وانت من اهل الخير.. الى اللقاء..
هممت بالنزول الى اني التفت اليه وقلت:
فيصل انا لم اسالك..هل تحتاج شيئا؟ هل تريد ان اعد لك شيئا لتاكله؟؟انت لم تاكل شيئا منذ الصباح!
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه وقال:
- اشكرك يا ابنة عمي.. لا اريد شيئا سوى النوم على فراشي.. هيا اذهبي ولا تشغلي بالك بي..
- امتاكد انت؟
- اجل..هيا اذهبي..الى اللقاء..
- الى اللقاء..
اغلقت باب السيارة واخرجت المفاتيح من حقيبتي..فتحت الباب ونظرت خلفي..حاولت ان انظر اليه..فوجدته ينظر الي..لوح الي.. فلوحت اليه بالمقابل.. ومن ثم.. اغلقت الباب.. واتجهت لغرفتي..


يتبع...
الرد مع إقتباس