أخي / أبا رائد
بارك الله فيك ونفعنا الله بعلمك ،، آمين
أنا للأسف لم أشاهد هذه الندوة
لكن ماقلته أنت واليمامة أعتقد أنه كافٍ
وكأنني شاهدت كل حلقاتها..
وبين يدي كتاب قيم أعتقد والله أعلم أنه من أهم الكتب
التي تحدثت عن شيخ الإسلام رحمة الله عليه
وارجو ممن له لبس أو تشكيك أو شبهه عن شيخ الإسلام
أن يقرأ هذا الكتاب .
( أمة في رجل )
الإمام المجدد ابن تيمية
تأليف الدكتور / محمد بن أحمد الصالح
وقد صدر الكتاب الدكتور / عبد الصبور شاهين
الأستاذ بكلية دار العلوم ، جامعة القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ،
فهذا كتاب عن ( رجل ) من ( أمة ) محمد صلى الله عليه وسلم ، اختار مؤلفه
أن يجعله المرآة التي تنعكس على صفحتها خصائص هذه الأمة ، فهي ( أمة في رجل )
وحين يجيء عنوان الكتاب على هذا النحو يشعر القاريء بأن كلمة ( رجل ) قد حملت من المعاني ما يزن ( الأمة ) بأكملها فهي لا تعني مجرد الذكورة في مقابل الأنوثة مثلاً ، كما أنها لا تعني كبر السن في مقابل الطفولة ، وإن كان ذلك جزءا من المعنى المراد بالكلمة ، ولكنها تعني أن ( رجلاً ) تعاظمت هيئته أو همته حتى ضمت كل الخصائص والمقومات التي احتاجت لها أمته في مرحلة معينة من مراحل المواجهة بين الإسلام وأعدائه ، فإذا هو يجعل وزن أمته مضاعفاً ، فهي أمة بعدد أفرادها ، وهي كذلك أمة أخرى في لإهابه ، وليس ذلك لأحد في التاريخ إلا للمصطفين من عباد الله الأبطال ، والملهمين ، كما قال سبحانه عن خليله إبراهيم : (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ) سورة النحل 120
في بعض وجوه التفسير
ولعل دلالة الكلمة ( رجل ) على هذا النحو هي المقصودة من استعمال القرآن في مثل قوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ ) سورة الأحزاب 23 فالمؤمنون كلهم ( رجال ونساء ) بحسب الخلقه ، ولكن منهم نماذج أفراد يتميزون عن سائرهم بصفات لا تتوفر لغيرهم هي أنهم ( .. صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً {23} ) الأحزاب 23
وهي شهادة من الله لهم ، وهو العليم بخبايا الأنفس ، وما تخفي الصدور ، فالنص هنا يفردهم عن سائر المؤمنين بأنهم ( رجال ) .. وكفى ..
ومن هذا القبيل أيضاً قوله تعالى } فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ {36} رِجَال ٌ ) سورة النور
فالكلمة في سياقها ذات إشعاع يتجاوز مفهوم الذكورة أو كبر السن ، إلى مايشمل كل من تتحقق فيه صفات الرجولة الحقة ، من المؤمنين ذكوراً وإناثاً فكل من ( لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ {37}
هم من هؤلاء الرجال ، بصرف النظر عن صفة الجنس فيهم ، أكانوا ذكوراً أم إناثاً ، لأن الأوصاف المثلى فيهم لا تلتفت إلى ذلك الحد الأدنى من خصائص التميز الفردي ، بل تحلق بهم في سموات الذكر ، والتقرب فهم بذلك نوع خاص من الخلق أو من الرجال .
وابن تيمية تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ، هو من ذلكم الصنف من الرجال ، الذي يوافي الله بهم الأمة في ذروة أزماتها ليقودوا السفين ، ويمسكوا بأزمتها في خضم الواقع المضطرب ، كما يشافهوا بها شاطيء الأمان ، ويعانقوا راية النصر (حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ ) البقرة 193
وإذا ظهر هذا ( الرجل ) في واقع الأمة كان معناه أن أزمتها ليست كثرة الأعداد ، ولا شيوع الفساد مثلا ، بل هي قلة المتداول من الرجولة ، والحاجة إلى ( رجل ) .. إلى شعاع .. إلى ضوء .. يبدد الظلمات ، ويقشعها ويكشف عن معادن 0(الرجولة ) في مناجمها ، وبذلك تستقيم المعادلة ، وتعود الموازين إلى القسط والاعتدال .
والدور الذي يؤديه هذا ( الرجل ) هو دور ( النبي ) في زمان النبوة ، حين كانت الجاهلية ظلمات في بحر لجي ، بعضها فوق بعض . فبعث الله ( رجلاً ) هو محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور .
ولقد جاء ابن تيمية في زمانه بعد انتهاء مرحلة النبوة رجلاً يؤدي تلك الرسالة ، ويصلح من شأن الأمة ، كما جاء من بعده ( العز بن عبد السلام ) في زمانه ، وكما جاء ( محمد بن عبدالوهاب ) في زماننا أيضاً .. إلى آخر سلسلة الرجال الذين هيمنوا على ذاكرة التاريخ ، بما أصلحوا من فساد، واقاموا من منآد ، وتلك سنة الله في الذين خلوا من قبل ، ولن تجد لسنة الله تبديلا ، من الأزل إلى الأبد ..
.. يتبع بإذن الله ...