عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 01-03-2004, 12:44 AM
الهادئ الهادئ غير متصل
جهاد النفس الجهاد الأكبر
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2003
الإقامة: بلد الأزهر الشريف
المشاركات: 1,208
إفتراضي

بسم الله و الصلاة و السلام على مصطفاه و آله وصحبه ومن والاه




أبو ذر الغفاري


الوحيد



هو جندب بن جنادة بن عبيد بن سفيان بن حرام بن غفار الغفاري ينتهي نسبه إلى إلياس بن مضر، وكنيته أبو ذر.

ولد في مكة المكرمة وكان يتألّه في جاهليته ولا يعبد الأصنام ويقول: لا إله إلا الله، ولما سمع ببعثة الرسول قدم إلى مكة مع أخيه وقابل الرسول صلى الله عليه وسلم وحياه بتحية الإسلام وهو أول من حياه بها، فبايع الرسول عليه السلام، على أن لا تأخذه في الله لومة لائم، وعلى أن يقول الحق ولو كان مراً، وكان إسلامه مبكراً وهو رابع أربعة أو خامس خمسة في الإسلام، فأمره الرسول بالعودة إلى قومه غفار ودعوتهم إلى الإسلام، فعاد إليهم وأسلم على يديه خلق كثير.

وهاجر إلى المدينة في السنة الخامسة الهجرية بعد معركة الخندق، فصحب الرسول صلى الله عليه وسلم وحسنت صحبته، وكان أبو ذر زاهداً في متاع الدنيا كريماً لم يدخر مالاً وكان صادقاً، جريئاً في قول الحق لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان يأخذ نفسه بالعزائم وينتقد الذين يميلون إلى العيش الرخي، وكان يقول: كان قوتي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من تمر، فلست بزائد عليه حتى ألقى الله تعالى، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويثني عليه فمن قوله عليه السلام فيه: (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ) أخرجه أبو داود بسند جيد، وقوله: من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر [كنز العمال (33222)] ، ويروى أن أبا ذر سأل الرسول صلى الله عليه وسلم الإمارة، فقال له: (إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها) فتح الباري 13/126 .

كان أبو ذر عالماً ومن أوعية العلم المبرزين، روى عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغت 281 حديثاً في صحيح البخاري ومسلم، وروى عنه جماعة من الصحابة، ثم قال عنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ذلك رجل وعى علماً عجز عنه الناس، ثم أوكأ عليه ولم يخرج منه شيئاً.

وظل أبو ذر مقيماً في المدينة حتى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم فهاجر إلى بادية الشام، ولما توفي أبو بكر الصديق رضي الله عنه خرج إلى الشام، وذلك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد قال له: إذا بلغ البناء سلعاً فاخرج منها (أي المدينة) ونحا بيده نحو الشام، ولا أرى أمراءك يدعونك، قال: يا رسول الله، أفلا أقاتل من يحول بيني وبين أمرك؟ قال: لا، قال: فما تأمرني؟ قال: اسمع وأطع ولو لعبد حبشي (دلائل النبوة 6/401). فلما كان ذلك خرج إلى الشام، وأقام في دمشق، وكان بينه وبين والي الشام معاوية بن أبي سفيان اختلاف في الرأي حول بعض الأمور المالية والنفقات، فكتب معاوية إلى الخليفة عثمان بن عفان: إن أبا ذر قد أفسد الناس بالشام، فطلبه عثمان فقدم عليه، فقال له: كن عندي ونحن نكفل أمرك، فقال: لا حاجة لي بدنياكم، ثم قال: ائذن لي حتى أخرج إلى الربذة ـ وهي مدينة تبعد عن المدينة المنورة (200)كم ـ فأذن له فخرج إليها وأقام فيها، وليس معه إلا امرأته، وكانت أمة سوداء، وغلام له، ولما حضرته الوفاة بكت امرأته، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: أبكي لأنه لا بد من تجهيزك وليس عندي ثوب يسعك، فقال: لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يقول: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصبة من المؤمنين فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية، فلم يبق منهم غيري، وقد أصبحت بالفلاة أموت، فراقبي الطريق فإنك سوف ترين ما أقول لك فإني والله ما كَذبت ولا كُذبت، فأول ركب يمركم فقولوا له: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه. (كنز العمال 36893، مسند أحمد 5/155)، فأقبلت قافلة فيها عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق، فقام إليه الغلام فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه، فاستهل عبد الله يبكي ويقول: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:" تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك" (البيهقي الدلائل 5/222، الحاكم في المستدرك 3/51)، ثم إنهم جهزوه وصلوا عليه ودفنوه في الربذة وحملوا عياله إلى عثمان بن عفان في المدينة فضمهم إلى عياله، وكان ذلك سنة 32هـ.