لقد قال العراقيون كلمتهم في الاحتلال في أكثر من مناسبة ، فاتفقوا على المقاومة السلمية والايجابية لحين تهيئة الأرضية المناسبة والمطلوبة والحقيقية لإنهائه ..
وسيذهب العراقيون إلى أكثر من ذلك عندما يشعرون بان الاحتلال بدأ بالفعل في عرقلة نقل السلطة إليهم من خلال وضع العصي في عجلة العملية الدستورية مثلا أو أية خطوة استراتيجية أخرى تسبق عودة السيادة .
إن الحالة تشبه إلى حد بعيد حالة العراق إبان الاحتلال البريطاني للعراق في العام 1917 ، فوقتها لم تستعجل المرجعيات الدينية قرار الكفاح المسلح إلا بعد أن استنفدت كل الخيارات السلمية ، ولذلك امتد الاحتلال ثلاث سنوات قبل أن تجيز المرجعية آنئذ ممثلة بالإمام المجدد الشيخ محمد تقي الشيرازي للعراقيين استخدام القوة للحصول على حقوقهم من المحتل ـ بريطانيا العظمى آنذاك ـ .
ترى لماذا نستعجل ونحرّض العراقيين ؟ وبلادهم تتربص بها قوى ناهبة ووحوش ضارية أبرزها عصابات القتل والإرهاب ؟
إن المستعجل على رؤية العراق خارجا من سلطة الاحتلال ، عليه أن يمكن العراقيين من إتمام المهام الاستراتيجية المطلوبة لنقل السيادة والسلطة إليهم ، أما أن يعرقل مهام الاميركيين في العراق ، فهذا يعني عرقلة صريحة لعملية إعادة البناء وعلى مختلف الأصعدة ومنها الصعيد السيادي والسياسي .
كان بامكان هؤلاء الذين يدعون المقاومة تعبئة الشارع العراقي سياسيا وإعلاميا لصالح مشروعهم ألتغييري الرامي إلى طرد الاحتلال أو ينفذوا عصيانا مدنيا شاملا مثلا قبل أن يختاروا الرصاصة ، لنتأكد من أن هذا الشارع بالفعل يعارض الاحتلال على طريقتهم ، ولكننا لم نسمع حتى الان أن تنظيما حقيقيا معروفا أعلن مسؤوليته عن تنفيذ أية عملية مقاومة مزعومة ، فكل الذين شاهدناهم على شاشات الفضائيات .. نكرات لم نسمع عنهم من قبل ، أو إرهابيون متسللون من وراء الحدود .
أين كانت هذه الزمر يوم كان نظام صدام حسين المقبور يقتل الإنسان العراقي على الظن ويعدمه على الشبهة ؟ حتى ملأ ارض العراق بالمقابر الجماعية ؟
لقد ظلت هذه الزمر معزولة في مناطق ضيقة ومحصورة بالرغم من كل محاولات التوسع والانتشار في مناطق العراق المختلفة ، وهذا أكبر دليل وانصع برهان على رفض الشارع العراقي لأسلوبها المستهجن والذي رفضه حتى علماء وعشائر ووجهاء وأحزاب محافظات الموصل والرمادي وصلاح الدين ومدن الفلوجة وتكريت وغيرها .
لقد حاولت هذه الزمر أن تثير الفتنة الطائفية بين العراقيين بعد أن فشلت في جر الشارع العراقي وراءها وتبني اسلوبها الإرهابي المدمر ، فراحت وبشكل مفضوح وخسيس تزرع القنابل والمتفجرات في مساجد الشيعة تارة وفي مساجد السنة تارة أخرى ، والهجوم على مراكز الشرطة ومؤسسات الدولة وأجهزتها الخدمية تارة ثالثة ، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأبرياء ، إلا أن وعي العراقيين هذه المرة كذلك كان لهم بالمرصاد مما أدى إلى إفشال خطتهم وفضح أسلوبهم الرخيص ونزع القناع عن وجوههم وتعريتهم أمام الملا ، فبدلا من أن تؤدي أعمالهم الإجرامية إلى إشعال فتيل الصراع الطائفي ، التحم المسلمون واتحد المصلون في صلواتهم المشتركة لنشهد الملايين من السنة والشيعة يؤدون صلوات الجمعة المشتركة في شوارع بغداد والكاظمية والاعظمية وغيرها .
ترى هل أن هنالك دليل أنصع من هذا على فشل هذه الزمر الإرهابية وعزلتها في المجتمع العراقي ؟
إنهم يريدون عرقلة كل ما من شانه استقرار العراق وعودة سيادته وسلطته إلى أبنائه ، ولذلك فهم مع الاحتلال يخدمونه مع سبق الإصرار ، لأنهم يعرفون جيدا أن الاحتلال سوف لن يلملم أغراضه ويجمع معداته ويطوي أجندته ويرحل عن العراق بإطلاق رصاصة طائشة هنا أو زرع قنبلة هناك ، إنما سيرحل فقط عندما يثبت العراقيون اتحادهم وصحة أجندتهم وإصرارهم وعزيمتهم على الاعتماد على أنفسهم من خلال مشروعهم السياسي المستقل ، وكل هذا بحاجة إلى الحكمة والتاني والصبر والتعاون بعيدا عن القتل والعنف والإرهاب والاثارات اللامسؤولة .
تحياتي
|