ب - الثناء عليهم في السنة المطهرة :
1- روى الشيخان ( البخاري ومسلم ) من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس خير ؟ قال : " قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه ، وتبدر يمينه شهادته " .
قال الإمام النووي رحمه الله : " اتفق العلماء على أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وسلم والمراد أصحابه " .
2- قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه : "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدا ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " .
قال البيضاوي رحمه الله نقلا عن ابن حجر: " معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه ، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية " .
وقال ابن حجر : " وأعظم من ذلك في سبب الأفضلية عظم موقع ذلك لشدة الإحتياج إليه ....." فتح الباري 7 \ 34 .
3- قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري رحمه الله : " يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يا رب ، فيقول الله له : هل بلغت ؟ فيقول : نعم ، فيقال لأمة نوح : هل بلغكم ؟ فيقولون ما أتانا من نذير ، فيقول الله لنوح : من يشهد لك أنك بلغت ؟ فيقول : محمد وأمته ، فيشهدون لنوح عليه الصلاة والسلام " وقال النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عند قول الله تبارك وتعالى : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " ثم قال صلى الله عليه وسلم مفسرا الآية : " الوسط العدل " .
فلا إله إلا الله ، هذه الآية لما نزلت إنما نزلت على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما نزل عليهم القرآن ، هي عامة ، لكنهم أولى بها وأحرى ، وهم عدول كما وصفهم نبي الله صلى الله عليه وسلم .
4- وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وهذه الأحاديث ( وغيرها ) مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم وتفضيل قرنهم على من بعدهم من القرون والقدح فيهم قدح في القرآن والسنة " . مجموع الفتاوى 4 \ 430 .
ج - الثناء عليهم من أقوال السلف :
1- قال سعيد بن زيد رضي الله عنه: " لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه خير من عمل أحدكم عمره ولو عمر عمر نوح". صحيح سنن أبي داود.
2- وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب الصحابة خير القلوب فجعلهم وزراء له " . مسند أحمد .
3- وقال علي رضي الله عنه : " أولئك مصابيح الهدى يكشف الله بهم كل فتنة مظلمة سيدخلهم الله في رحمة منه ، ليس أولئك بالمذاييع ( أي يشيعون الفاحشة ) البذر ولا الجفاة المرائيين " . حلية الأولياء 1 \ 76 - 77 .
4- قال الإمام الأوزاعي رحمه الله لبقية بن الوليد: " العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومالم يجيء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس بعلم ، يا بقية لا تذكر أحدا من أصحاب محمد نبيك صلى الله عليه وسلم إلا بخير ولا أحدا من أمتك ، وإذا سمعت أحدا يقع في غيره فاعلم أنه إنما يقول أنا خير منه " .
د - إجماع العلماء على عدالة الصحابة رضي الله عنهم :
قال ابن عبد البر رحمه الله : " أجمع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول " الإستيعاد 1 \ 8 .
وقال ابن حجر رحمه الله : " اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة " الإصابة 1 \ 17 .
وقال البغدادي : " على أنه لو لم يرد من الله عزوجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه ( أي عدالة الصحابة ) لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد والمناصحة في الدين وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم والإعتقاد على نزاهتهم وأنهم أفضل من المعدلين و المزكين الذين يجيئون من بعدهم أبدا الآبدين " . الكفاية في علم الرواية صفحة 46 .
إنتهى الدرس الأول وسنلتقي مع الدرس الثاني بإذن الله تعالى