الــــدرس ( الثالث )
الثناء على أصناف معينة من الصحابة ( تفاضل الصحابة ) :
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني في رسالته العظيمة العقيدة الواسطية : " ويفضلون من أنفق قبل الفتح – وهو صلح الحديبية – وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل .
ويقدمون المهاجرين على الأنصار .
ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر – وكانوا ثلاث مئة وبضعة عشر : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " .
وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مئة .
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة " .
الشـــــــرح :
وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة ؛ فهم يفضلون من أنفق من قبل الفتح وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ، والفتح المقصود به على القول الراجح من قولي أهل العلم أنه صلح الحديبية ، فالصحابة الذين أنفقوا وقاتلوا قبل صلح الحديبية أفضل من الصحابة الذين أنفقوا وقاتلوا بعد صلح الحديبية .
وهذا التفضيل لم يأتي من فراغ ، أو من كيس آبائنا ، وإنما جاء النص عليه في القرآن العظيم فقد قال الحق تبارك وتعالى : "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى " .
ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله : " ويقدمون المهاجرين على الأنصار " .
فأهل السنة والجماعة يعتقدون إعتقادا جازما أن المهاجرين أفضل من الأنصار ، والله جل وعلا قدم المهاجرين على الأنصار في كتابه في غير ما موضع وبين فضلهم .
قال الله تعالى : " الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون " .
وقال الله تعالى : " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه " .
وقال تعالى : " لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار " .
فدل تقديمه جل وعلا المهاجرين على الأنصار أنهم هم الأفضل ، والحكمة من ذلك :
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : " لأن المهاجرين جمعوا بين الهجرة والنصرة ، والأنصار أتوا بالنصرة فقط .
فالمهاجرين تركوا أهلهم وأموالهم ، وتركوا أوطانهم ، وخرجوا إلى أرض هم فيها غرباء ، كل ذلك هجرة إلى الله ورسوله ونصرة لله ورسوله .
والأنصار أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم في بلادهم ، ونصروا النبي صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أنهم منعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم " . شرح العقيدة الواسطية .
.. يتبع ..