ونستخلص من هذا
أن الذي حصل من شجار بين الصحابة موقفنا منه له جهتان :
" الجهة الأولى : الحكم على الفاعل .
الجهة الثانية : موقفنا من الفاعل .
أما الحكم على الفاعل : فقد سبق وأن ما ندين الله به أن ما جرى بينهم ؛ فهو صادر عن اجتهاد ، والإجتهاد إذا وقع فيه الخطأ ؛ فصاحبه معذور مغفور له .
وأما موقفنا من الفاعل : فالواجب علينا الإمساك عما شجر بينهم ...... " 2\262
قال الإمام القيرواني رحمه الله :
" وأن لا يذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر والإمساك عما شجر بينهم وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم حسن المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب " الثمر الداني في معرفة المعاني 22 .
وقال الإمام الصابوني رحمه الله :
" ويرون ( أي أهل السنة ) الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيبا لهم ونقصا فيهم ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم " عقيدة السلف وأصحاب الحديث 1 \ 129 .
وقال يحيى بن أبي بكر العامري رحمه الله :
" وينبغي لكل صين متدين مسامحة الصحابة فيما صدر بينهم من التشاجر ، والإعتذار عن مخطئهم وطلب المخارج الحسنة لهم ، وتسليم صحة إجماع ما أجمعوا عليه على ما عملوه فهم أعلم بالحال والحاضر يرى ما لا يرى الغائب ، وطريقة العارفين الإعتذار عن المعائب وطريقة المنافقين تتبع المثالب ، وإذا كان اللازم من طريقة الدين ستر عورات عامة المسلمين فكيف الظن بصحابة خاتم النبيين ! .... هذه طريقة صلحاء السلف وما سواها مهاو وتلف " . الرياض المستطابة 300 .
واعلم أخي الكريم
أن ما يروى عن الصحابة منه ما هو كذب
ومنه ما زيد فيه ونقص
ومنه ما هو صحيح .
فما كان منه كذبا أو ما زيد في ونقص فالواجب علينا رده
وأما الصحيح الثابت عما ذكر فهم فيه مجتهدون ، فإن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد .
أما أن يأتي البعض فيقعوا في عرض أم المؤمنين رضي الله عنها ويحكموا بكفرها لما وقع بينها وبين علي رضي الله عنه فاعلم أن مكفرها زنديق
واعلم أن ما يفعله بعض المبتدعة من القدح في خال المؤمنين معاوية رضي الله عنه والطعن فيه هو ضلال ، وقد يكون كفرا على حسب الحال .
واعلم أن ما يفعله بعض المبتدعة من ذكر مساويء الصحابة خاصة فيما شجر بينهم فاعلم أنه ضال مضل ، وأضل من حمار أهله .
قال الإمام أبي المظفر رحمه الله :
" التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله بل هو بدعة وضلالة " .
ولا ينبغي نشر هذه الأمور بين عامة الناس إلا لبيان الشبه التي يثيرها أولئك الزنادقة
وللأسف الشديد فإننا نرى بعضا من الدعاة ينشرون أشرطتهم ويتكلمون في هذه المسائل بحجة ذكر القصص
حتى أنه جاءني أحد العوام فقال لي ( لقد كنت في حيرة من أمري فيما وقع بين الصحابة )
فهذا الكلام لما صدر إنما صدر عن عدم معرفة بأصول المعتقد
فلا ينبغي الكلام والخوض في هذه المسائل أمام عوام الناس إلا بعد تأصيل معتقد أهل السنة والجماعة في المسألة
وبيان أصولها خاصة فيما وقع بين علي رضي الله عنه ومعاوية وعمرو بن العاص
أو ما وقع بينه وبين عائشة وطلحة والزبير .
إنتهى الدرس الخامس
وسنلتقي بإذن الله في الدرس القادم
تحياتي