جزاك الله خيرا أخي أبو إيهاب على جهدك الذي لا يخفى على أحد في سبيل نشر العلم والمعرفة
وسأنقل ترجمتك للكتاب إلى هنا مباشرة بإذن الله بعد إنتهائك منها تباعا
وهذه هي الحلقة الأولى منه
******
سأقوم بإذن الله بترجمة كتاب " إسلام قساوسة " لما وجدت فى بعض قصصه عبرة وعظة ، لنا جميعا ، وكيف يتسرب دين الفطرة إلى قلوب ظمأى ، وكيف تكون الدعوة بالقدوة الطيبة : " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين " ، ولا تكون بالهجوم على معتقدات غيرنا ، بل بالدعوة بالتى هى أحسن ، وكيف حين يلتزم الداخل فى دين الله بالإسلام يلتزم به جملة وتفصيلا وسلوكا ؟؟؟ وحينما يسلم علماؤهم يكونون من أقوى الداعين إلى الإسلام .
الحلقة الأولى
قساوسة نصارى يعتنقون الإسلام :::
( أبو يحيى ) جيرالد ف . ديركس ماجستير فى اللاهوت ، دكتوراه فى علم النفس .
قصة إسلام د. جيرالد ف. ديركس ، قسيس سابق ( شماس ) بكنيسة الميثودست المتحدة :::
حاصل على درجة الماجستير فى علوم اللاهوت من جامعة هارفارد ، وعلى درجة الدكتوراه فى العلوم النفسية من جامعة دينيفر ... مؤلف كتاب " الصليب والهلال " محاورة بين الإسلام والنصرانية ( ISBN 1059008 – Amana
Publications, 2001 ) ، وله أكثر من 60 مقالة فى مجال طب علم النفس ، 150 مقالة عن الحصان العربى .
تعود ذاكرتى إلى أيام الطفولة حيث تفتحت على سماع رنين جرس الكنيسة صباح يوم العبادة فى بلدتنا الريفية الصغيرة التى نشأت فيها . كانت كنيسة الميثودست قديمة خشبية ، ملحق بها برجا للناقوس . وكانت تبعد عن منزلنا بمبنيين . حينما تدق الأجراس تذهب العائلة مجتمعة لزيارتنا الأسبوعية للكنيسة .
فى هذا المجتمع الريفى الذى يقطنه حوالى 500 شخص كانت اللقاءات الإجتماعية منذ عام 1950 تعقد فى الثلاث كنائس الموجودة بها . وكانت الكنيسة الميثوديسية التى تتبعها عائلتى تقد الأيس كريم المدعم والمصنع يدويا ، والأيس كريم المصنع منزليا ، والفطائر المحشوة بالدجاج ، والفشار . وكنت أنا والعائلة نهتم بهذه الكنائس الثلاث ، ولكن كنا نخصص لكل واحدة سنة ، بالإضافة إلى ذلك فقد كانت تعقد مدرسة للإنجيل لمدة أسبوعين فى شهر حزيران ، وقد كنت مواظبا عليها أثناء التحاقى بالسنة الثامنة بالمدرسة وكنت أبذل كل جهدى للحصول على درجة عالية من الإنتظام وللحصول على الجوائز الخاصة بحفظ ما جاء بالتوراة .
فى وقت مبكر من درساتى أغلقت الكنيسة المثوديستية فى بلدنا ، واضطررت للحاق بتلك التى فى البلدة المجاورة ، والتى كانت أكبر قليلا من نلك التى كانت ببلدتنا ، وفى هذه الأثناء ابتدأت تطلعاتى تتركز على لن أكون قسيسا ، وأصبحت نشطا فى زمالة الميثوديست ، وفى النهاية عينت فى الخدمة فى الحى وأصبحت ضابط إجتماعات ، وأصبحت أيضا " واعظا " منتظما للشباب فى الخدمة السنوية ، ومواعظى أخذت تجذب الإنتباه لشريحة واسعة من المجتمع ، وأصبحت الكنائس التى أعظ فيها مليئة بالشباب ، والسيدات المنتسبين لها ، وأصبحت أسجل أرقاما قياسية فى عدد الحضور للموعظة .
حينما التحقت بجامعة هارفارد فى سن السابعة عشر ، كنت قد عزمت على أن ألتحق بالإبراشية ، وفى السنة ألإعدادية دخلت برنامجا دراسيا لدورتين فى الأديان المقارنة والتى كانت تدرس بواسطة ألفرد كانتويل سميث الذى كان خبيرا فى الإسلام ، وخلال هذه الدراسة لم أعطى موضوع الإسلام إهتماما يذكر مقارنة بالأديان الأخرى كالهندوسية والبوذية ، حيث كانت الديانتين الأخيرتين تشكل لى موضوعا باطنيا وغريبا لى ، وبالعكس فقد كان الإسلام ليس بعيدا عن المفاهيم النصرانية ، ولهذا لم أركز كثيرا عليه ، بالرغم من أنى أتذكر بأنى قد كتبت موضعا فى إحدى الدورات عن مفهوم الوحى فى القرآن . ولما كانت الدراسة أكاديمية صارمة فقد أنشأت مكتبة صغيرة من حوالى نصف دستة من الكتب التى تتكلم عن الإسلام كلها قد حررت بمؤلفين غير مسلمين ، وقد أفادتنى هذه الكتب فيما بعد بمدة خمسة وعشرون عاما . كما حصلت على ترجمتين لمعانى القرآن الكريم باللغة الإنجليزية والتى قرأتها فى ذلك الوقت .
فى هذا الخريف نصبتنى هارفارد Hollis Scholar بمعنى فى القمة من طلاب الجامعة المؤهلين لدراسة علم اللاهوت . وفى الصيف بين السنة الإعدادية والسنة التالية ، عملت كقسيس بإحدى كنائس المثوديست المتحدة ، وهى كبيرة نوعا ما . وبعد التخرج من جامعة هارفارد عام 1971 ، التحقت بمدرسة هارفارد للاهوت وحصلت على الماجستير عام 1974 ، حيث أنه سبق لى الإنخراط كشماس فى الكنيسة المثوديستية المتحدة وحصلت على منحة ستيوارت الدراسية إضافة إلى المنحةالدراسية لمدرسة هارفارد للاهوت . وخلال دراستى النظامية ، أكملت أيضا عامين من البرامج الخارجية ، كفسيس فى مستشفى بيتر بنت برجهام ببوستن . وبعد التخرج من مدرسة هارفارد للاهوت قضيت الصيف كقسيس فى كنيستين فى قرى كنساس ، حيث سجل االحضور أرقاما قياسية لم تحدث منذ سنين عدة .
وللناظر من الخارج ، فقد كنت قسيسا شابا ذو مستقبل ، حصل على دراسات ممتازة فى اللاهوت ، نجح فى كل المحطات الكهنوتية ، مقبول بدرجة كبيرة عند المستمعين وله جمهور عريض . بينما من الداخل ، فقد كنت فى حرب مستمرة لأحتفظ بتماسكى فى مواجهة مسئولياتى الإبراشية . هذه الحرب التى لم تكن فى بال وعاظ التلفريون الذين ظهروا أخيرا " أعتقد أنه يشير إلى جيمس سواجارت المبشر التلفزيونى المشهور الذى قبض عليه مع عاهرة ، بعد لقائه مع أحمد ديدات فى إحدى المناظرات المشهورة " والذين لم ينجحوا فى الإحتفاظ بالأخلاق الجنسية الشخصية ، وهى حرب فى نفس الوقت لم ينجح فيها قساوسة هذه الأيام الشاذين الذين ملأت الصحف بعناوين فضائحهم . عل كل حال ، فهذه المجاهدة للنفس هى التى ينجح فيها المثقفون من رجال الدين .
وهناك شئ من الدهاء أو سمها المهزلة ، فى اختيار الطلاب اللامعين والمثاليين للتركيز عليهم فى الدراسة ومنحهم الدورات الدراسية ... كما حدث فى مدرسة هارفارد للاهوت ... المهزلة فى أن هؤلاء المميزين معرضون للحقائق التاريخية كما هو معروف عن :::
1 – التشكيل المبكر ، للكنيسة " السائدة " ، وكيف أن ذلك خضع لإعتبارات جغرافية سياسية .
2 – القراءة " الأصلية " لنصوص النسخ المختلفة من التوارة ، والكثير منها يتعارض بحدة مع النسخ التى يقرأها معظم النصارى حينما يقرأون النسخ التى بين أيديهم ، بالرغم من أن بعض هذه المعلومات أدمجت وأعيد ترجمتها إلى الأفضل .
3 – تطور بعض هذه المفاهيم ، كوحدة التثليث ، وبنوة سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام .
4 – الإعتبارات الغير نصرانية التى تحتويها كثير من المذاهب النصرانية .
5 – وجود الكنائس المبكرة والحركات النصرانية التى لم تتقبل مفهوم التثليث وألوهية سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام .
6 - ....... الخ
( بعض من هذه الثمار تعلمتها من كليتى هارفارد ، وموجودة بتفصيل أكثر فى كتابى " الصليب والهلال " حوار دينى مشترك بين النصرانية والإسلام ) . ( Amana Publications, 2001 )
لهذا السبب فقد كان معظم الدارسين يتركون الدراسة ويبحثون عن أعمال أخرى حتى لا يملأون المنابر للوعظ بأقوال يسألون عنها وهم يعلمون أنها غير صحيحة . وهكذا كان الوضع بالنسبة لى ، فقد ذهبت للحصول على الماجستير والدكتوراه فى الطب النفسى . استمريت على إعتبار نفسى نصرانيا ، لأن ذلك كان مطلوبا لدى لاستكمال شخصيتى ، ولأنى أولا وأخيرا ، نصبت قسيسا ، وبالرغم من ذلك فقد كان غالب وقتى مخصص لمهنة الصحة النفسية . على كل حال ، فقد كانت دراساتى فى اللاهوت هى التى ألقت الظلال على معتقداتى فى التثليث والأبوة ، والإدعاء بألوهية سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام . ( وكانت الإإستفتاءات المنتظمة تفيد بأن القساوسة فى الأكثر لا يؤمنون بعقائد الكنيسة ، أكثر من أولئكم الذين يعظونهم ، فمعظم القساوسة يفهمون معنى البنوة بأنه معنى مجازيا ، فى حين يفهمه الأبراشيون بحرفيته ) . لهذا فقد أصبحت قسيسا لأعياد الكريستماس والفصح ، أحضر إلى الكنيسة بشكل متقطع جدا ، ثم أجذ على أسنانى وأعض لسانى لما أستمعه فى وعظ الزواج الذى أعلم أنه غير صحيح .
لا يعنى شئ مما سبق أنى كنت غير متدين أو منحرفا روحيا عما كنت فى السابق . كنت أصلى بانتظام ، واعتقادى بإله أعلى ، ظل صلبا وآمن ، وكانت أخلاقى الشخصية مستقيمة وملتزمة بالقواعد التى كنت أعلمها فى مدارس الأحد . ببساطة كنت أفضل من أن أبيع عقائد ومقالات الوعظ عن الإيمان التى تنظمها الكتيسة ، والتى كانت محملة بالتأثيرات الوثنية ، وبأفكار المشركين ، والإعتبارات السياسية عبر القرون الغابرة ,
وبمرور السنين كنت قلقا بشدة من فقدان التدين فى المجتمع الأمريكى على سعته . عدم التدين ، هو ما يتعلق بالحياة ، وهو أن ألا يتنفس المرء الروحانيات ومبادئ الأخلاق ، ولا يجب خلطه مع عدم التدين ، الذى هو عدم التمسك بالمناسك والطقوس ومذاهب بعض الكيانات المنظمة ، كالكنائس المختلفة . الثقافة الأمريكية قد انحرفت بوصلتها عن الدين . فاثنتين من ثلاثة زيجات يتم فيها الطلاق ، العنف أصبح ظاهرة فى المدارس والشوارع ، تلاشت المسئولية الشخصية ، انطمر النظام الشخصى تحت أخلاقية " #1605;ما تجده حسنا فافعله " ، كثير من القادة النصارى والمعلمين غرقوا فى الفضائح المالية والجنسية ، وأصبحت الغرائز تبرر السلوك ... شئ فى الحقيقة مقزز . أفلست الثقافة الأمريكية أدبيا ، ولذلك كنت أشعر بالوحدة فى سهادى الدينى .
فى هذا المنعطف ، بدأت صلتى بالمجتمع الإسلامى . فقد كنت وزوجتى لبضع سنين خلت نقوم بدراسة عن الحصان العربى . ولنقوم ببعض الترجمة للمستندات باللغة العربية ، فقد أدى ذلك إلى الإتصال ببعض المسلمين الأمريكان من أصل عربى . أولى هذه القاءات كانت مع " جمال " فى عام 1991 .
بعد مكالمة تليفونية ، قبل جمال أن يزورنا ليساعدنا ويقوم ببعض الترجمات عن الحصان العربى وتاريخه فى الشرق الأوسط ، وقبل مغادرتنا استأذن جمال فى أن يستخدم دورة المياه لدينا ليقوم بالإغتسال قبل أداء الصلاة التى يقوم بها المسلمون ، واستعار إحدى الصحف ليجعلها بديلا عن السجادة للصلاة عليها ، ولكى يمكن من تلاوة صلاته قبل أن يتركنا . بالطبع رحبنا بذلك ، وتمنينا لو أعطيناه شيئا آخر غير الصحيفة ليصلى عليها . لقد قام بما لم ندركه وقتئذ ، بأدعية جميلة ( فيها عظة وتوعية ) . لم يعلق على أننا لسنا مسلمين ، ولم يناقشنا فيما يعتقده ونعتقده . فقط أعطانا المثل ، وفتح لنا الباب لمن أراد أن يعلم .
استمرت اللقاءات مع جمال خلال الستة عشر شهرا التالية ، حتى أصبحت متكررة ، ثم أصبحت كل أسبوعين ثم أسبوعية . وخلال هذه اللقاءات لم يسألنا جمال عن ديننا أو معتقداتنا مطلقا ، ولم يطلب منا أن نكون مسلمين . وعلى كل حال فقد بدأت معرفة الكثير ، أولا ... الأخلاق الفاضلة لجمال ، ومحافظته على صلواته الخمس المكتوبة ، ثانيا ... المثال الأخلاقى والقيمى الذى يتركه جمال فى حياته اليومية وعمله ومجتمعه ، ثالثا ... المعاملة الحسنة التى يعامل بها جمال ولديه ، ولزوجتى فقد أعطت زوجته هذا المثال الحسن
فى المعاملة . رابعا ... من خلال مساعدتى للإحاطة بالمعلومات عن الحصان العربى وتاريخه فى الشرق الأوسط ، بدأ جمال يشاركنى الحديث عن :::
1) قصص عن التاريخ ا الإسلامى .
2) أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
3) مقاطع من القرآن الكريم وشرح لمعانيها .
فى الحقيقة أصبحت كل زيارة الآن تتخللها نصف ساعة على الأقل مناقشة فى بعض مفاهيم الإسلام ، ولكنها فى نطاق الإحاطة بما يعكسه ذلك على تاريخ الحصان العربى . لم أسمع منه قط " أن هذا هو ما تجب عليه الأشياء " ، بل كان يقول " هذا هو مايعتقده المسلمون " . ولما كانت المناقشات لا تعنى لى ولم يقصد بها جمال التبشير ، فقد اعتبرتها مناقشات ثقافية ذهنية .
تحياتي