بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِدِنَا مُُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَ رَسُولِكَ النَّبِيِ الأُمّي وَ عَلَى آلِهِ
وَ صَحْبِهِ وَ سلّم .
***-***
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .
و بعد ،
فهل أصبحت مثل هذه المسائل الخطيرة مُتاحة للقول فيها بالرأي الشخصي ؟؟؟
أستغرب شديد الإستغراب من أقوال بعض الإخوة سامحهم الله الداعين للمثلة بالعدو دون أن يعرف حكمها الشرعي !!!
يا سادة ، صحيح أن إخوتنا في الله ، المجاهدين في العراق يمرون بمحنة عظيمة يقف وراءها عدو صليبي حاقد لا يتورع من إستعمال أشد الأسلحة فتكا
و بطشا .
و لكن لا يجب أن ننسى أيها الإخوة أن المسلمين أصحاب رسالة خالدة ، و هذه الرسالة تأمرهم بإتباع أوامر صدرت من عند القائد الأعلى الذي إن طبقنا تعليماته فسننتصر لا محالة . كيف لا و هذا القائد العظيم لا ينطق عن الهوى : إنه الحبيب محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم .
عندما ينهانا الرسول القائد بإجتناب المثلة : خلاص ، ما فيه فلسفه و لا فيه لكن !!! ، فيه : السمع و الطاعة ، فقط .
مباح لي أن أقاتل من يقاتلني ، بل فرض علي أن افعل ذلك . و لماذا أمثل بجثته بعد قتله خصوصا إذا لم يمثل هو بإخواني الشهداء ؟؟؟
و حتى إن مثل هو بنا ، فهل علي أن أفعل مثله ؟؟؟
لقد رجعتُ في هذه المسألة إلى أهل العلم رضي الله عنهم ، و أخترتُ لكم رأي الإمام القرطبي رحمه الله في كتابه " الجامع لأحكام القرآن " ، فأقرأوا و تأملوا يرحمكم الله .
يقول << قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين" الآية تقدم معناها في "النساء". والمعنى: أتمم عليك نعمتي فكونوا قوامين لله، أي لأجل ثواب الله؛ فقوموا بحقه، وأشهدوا بالحق من غير ميل إلى أقاربكم، وحيف على أعدائكم. "ولا يجرمنكم شنآن قوم" على ترك العدل وإيثار العدوان على الحق. وفي هذا دليل على نفوذ حكم العدو على عدوه في الله تعالى ونفوذ شهادته عليه؛ لأنه أمر بالعدل وإن أبغضه، ولو كان حكمه عليه وشهادته لا تجوز فيه مع البغض له لما كان لأمره بالعدل فيه وجه. ودلت الآية أيضا على أن كفر الكافر لا يمنع من العدل عليه، وأن يقتصر بهم على المستحق من القتال والاسترقاق، وأن المثلة بهم غير جائزة وإن قتلوا نساءنا وأطفالنا وغمونا بذلك؛ فليس لنا أن نقتلهم بمثله قصدا لإيصال الغم والحزن إليهم؛ وإليه أشار عبدالله بن رواحة بقوله في القصة المشهورة: هذا معنى الآية. وتقدم في صدر هذه السورة معنى قوله: "لا يجر منكم شنآن قوم". وقرئ "ولا يجرمنكم" قال الكسائي: هما لغتان. وقال الزجاج: معنى "لا يجر منكم" لا يدخلنكم في الجرم؛ كما تقول: آثمني أي أدخلني في الإثم. ومعنى "هو أقرب للتقوى" أي لأن تتقوا الله. وقيل: لأن تتقوا النار. ومعنى "لهم مغفرة وأجر عظيم" أي قال الله في حق المؤمنين: "لهم مغفرة وأجر عظيم" أي لا تعرف كنهه أفهام الخلق؛ كما قال: "فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" [السجدة: 17]. >> ا.هــ
و الله أعلم و أحكم ،
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .