عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 18-04-2004, 08:38 AM
أسير الدليل أسير الدليل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2003
المشاركات: 245
إفتراضي موعظة بليغة للقلوب من الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية

[1/439-440] ط / دار ابن الجوزي:

الآية الثانية: قوله:

[لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرآيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله]

{الحشر:21}.

الجبل من أقسى ما يكون ، والحجارة التي منها تتكون الجبال هي

مضرب المئل في القساوة ؛ قال الله تعالى: [ثم قست قلوبكم من بعد

فهي كالحجارة أو أشد قسوة] {البقرة: 74}، ولو نزل هذا القرآن

على جبل ؛ لرأيت هذا الجبل خاشعاً متصدعاً من خشية الله.

[خاشعاً]؛ أي: ذليلاً.

ومن شدة خشيته لله يكون [متصدعاً] يتفلق ويتفتق.

وهو ينزل على قلوبنا ، وقلوبنا –إلا أن يشاء الله – تضمر وتقسو

لا تتفتح ولا تتقبل.

فالذين آمنوا إذا نزلت عليهم الآيات ؛ زادتهم إيماناً، والذين في

قلوبهم مرض ؛ تزيدهم رجساً إلى رجسهم؛ والعياذ بالله !

ومعنى ذلك : أن قلوبهم تتصلب وتقسو أكثر وتزداد رجساً إلى

رجسها ، نعوذ بالله من ذلك! وهذا القرآن لو أنزل على جبل ؛

لتصدع الجبل وخشع ؛ لعظمة ما أنزل عليه من كلام الله.

وفي هذا دليل على أن للجبل إحساساً؛ لأنه يخشع ويتصدع ،

والأمر كذلك ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم في أحد:

" هذا أحد جبل يحبنا ونحبه " .

وبهذا الحديث نعرف الرد على المثبتين للمجاز في القرآن ،

والذي يرفعون دائماً علمهم مستدلين بهذه الآية:

((فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض)) {الكهف:77}؛ يقول: كيف يريد الجدار ؟!

فنقول : يا سبحان الله ! العليم الخبير يقول: ((يريد أن ينقض))،

وأنت تقول : لا يريد ! أهذا معقول؟

فليس من حقك بعد هذا أن تقول : كيف يريد؟!

وهذا يجعلنا نسأل أنفسنا: هل نحن أوتينا علم كل شيء؟

فنجيب بالقول بأننا ما أوتينا من العلم إلا قليلاً فقول من يعلم الغيب

والشهادة : ((يريد أن ينقض)) : لا يسوغ لنا أن نعترض عليه ،

فنقول : لا إرادة للجدار ! ولا يريد أن ينقض !

وهذا من مفاسد المجاز ؛ لأنه يلزم منه نفي ما أثبته القرآن.

أليس الله تعالى يقول: ((تسبح له السموات السبع والأرض ومن

فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم))

{الإسراء:44}؛ هل تسبح بلا إرادة ؟!

يقول: ((تسبح له)) : اللام للتخصيص ؛ إذا ؛ هي مخلصة ، وهل يتصور

إخلاص بلا إرادة؟! إذا؛ هي تريد وكل شيء يريد لأن الله يقول:

((وإن من شيء إلا يسبح)) ، واظنه لا يخفى علينا جميعاً أن هذا من

صيغ العموم ؛ فـ(إن) : نافية بمعنى (ما) ، و ((من شيء)) : نكرة في

سياق النفي ، ((إلا يسبح بحمده))، فيعم كل شيء.

فيا أخي المسلم ! إذا رأيت قلبك لا يتأثر بالقرآن ؛ فاتهم نفسك ؛ لأن

الله أخبر أن هذا القرآن لو أنزل على جبل لتصدع، وقلبك يتلى

عليه القرآن ، ولا يتأثر.

اسأل الله أن يعينني وإياكم. أ.هـ