أعزائي
لقد مثل الكفار بجثة حمزة رضي الله عنه و أرضاه و أغضب ذلك رسولنا صلى الله عليه و سلم كما أغضب عامة المؤمنين فأقسم أن سيمثل بسبعين من المشركين فنهاه ربنا عن ذلك ..
إن للميت حرمة سواء كان مسلماًً أو غير مسلم ..
و إنني أدرج هذه الفتوى التي فيها ما يوافق ما قلته و فيها ما يخالفه لأن الحق أولى أن يُتبع ..
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الأخ الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
أكرمك الله تعالى وجعلك ممن يتحرون الحق ، ويعملون به.
بداية لا يجوز تعذيب الحي ، ولا التمثيل بالميت ولو كان غير مسلم ، ويعامل القانون الوضعي من يفعلون ذلك معاملة مجرمي الحرب .
ولكن إذا تمادى الأعداء تمثيلا بالمسلمين فمن باب المعاملة بالمثل يجوز ذلك لقوله تعالى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ". وقوله تعالى :" وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " . وخاصة إذا كان ذلك سيحدث نكاية بالأعداء .
وهذه قاعدة مشروعة أكّدتها نصوص قرآنيّة ونبويّة كثيرة. لكن الأفضل هو الصّبر والعفو، وعدم مجاراة الطرف الآخر في القيام بفعل غير مشروع . لما في الإسلام من رحمة وعفو تشمل حتى من أساء إلينا ، ولا شك أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه .
يقول فضيلة الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء :
المسألة تحتاج إلى توضيح وتفصيل :
أولاً: لا يجوز للمسلم تعذيب الإنسان الحيّ، ولا التّمثيل بالإنسان الميّت ولو كان كلاهما غير مسلم.
- وقد ورد في حديث رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) لحمزة الأسلمي الذي أمّره على سريّة: "إن وجدتم فلاناً فاقتلوه، ولا تحرقوه، فإنّه لا يعذّب بالنّار إلاّ ربّ النّار" رواه ابن داود (3/124) وصحّحه ابن ماجة في الفتح (6/149)
- كما روى عمران بن حصين أنّ رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) قال: "كان رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) يحثّنا على الصّدقة وينهانا عن المثلة " رواه أبو داود 2/120 وقوّى إسناده ابن حجر في الفتح (7/459).
- وروى صفوان بن عسال قال: "بعثنا رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) في سريّة فقال: سيروا باسم الله وفي سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله ولا تمثّلوا" أخرجه ابن ماجة.
ثانياً: يجوز التّعذيب عندما يكون من قبيل المعاملة بالمثل، وذلك ثابت في عقوبة القصاص، وهي معاقبة المجرم بمثل ما فعل بضحيّته، فمن جدع أنف آخر جدعت أنفه، ومن قطع أذن آخر قطعت أذنه وهكذا.
كما يجوز التّمثيل بالمقاتلين من غير المسلمين عندما يكون معاملة بالمثل. قال الله تعالى: " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {126} ، والآية نزلت كما هو معروف عندما مثّل المشركون بجثّة حمزة رضي الله عنه، وأقسم رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) أن يمثّل بسبعين من المشركين انتقاماً له، فنزلت هذه الآية تبيح له العقوبة المماثلة فقط أي التّمثيل بواحد من المشركين، وتبيّن أنّ الصّبر وعدم التّمثيل أفضل عند الله. فصبر رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) ولم يمثّل بأحد.
ثالثاً: وبناءً على ذلك، فإنّ الأصل أنّه لا يجوز لنا تشويه الكفّار بعد قتلهم في الحروب، لكن إن فعلوا ذلك بقتلانا، جاز لنا أن نفعل مثله بقتلاهم بناءً على قاعدة المعاملة بالمثل، وهي قاعدة مشروعة أكّدتها نصوص قرآنيّة ونبويّة كثيرة. لكن الأفضل هو الصّبر والعفو.أ.هـ
ويقول الأستاذ الدكتور أحمد أبو الوفا أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة القاهرة :
بالنسبة للقانون الوضعي :
التمثيل بالجثث محظور في القانون الدولي الإنساني ، بل واعتبره من جرائم الحرب المعاقب عليها .
وبالنسبة للشريعة الإسلامية :
يجب ذكر شيئين :
الأول : لا يجوز التمثيل بالجثة بداية ، فكما لا يجوز كسر الحي لا يجوز كسر الميت ولا التمثيل به .
الثاني : الأفضل في هذا الموضوع هو عدم مجاراة الطرف الآخر في القيام بفعل غير مشروع .
ولو أن الطرف الآخر تمادى في التمثيل بالجثث وكان الرد بالمثل وسيلة لإيقافه عن التمثيل بالجثث والنكاية به ، فتطبيقا لقوله تعالى " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ". ولقوله تعالى : " وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " . فهذا جائز .
والله أعلم
|