عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 22-04-2004, 07:41 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي الوصية .. الوصية

الوصية .. الوصية

للشيخ / عبد الملك القاسم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

فالموت نهاية كل حي لا ريب في ذلك ، ولا شك حيث يقدم هادم اللذات على المرء في صحة أو مرض ، ويقظة أو سبات فلا يرد .
ينقل الإنسان من مرحلة إلى مرحلة مثلما ينتقل في الدنيا من منزل إلى آخر .
لقد قطع الموت وما بعده قلوب الخائفين ، وألزمهم الصراط المستقيم ، فاستعدوا للموت وأعدوا له العدة .
ومما يأنس بها الميت بعد موته ويعود أثرها عليه : الوصية حيث يجري له عمله بما أوصى به بعد فراق الدنيا ، امتثالاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم « إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له »

وحيث أن الوصية قد ضيعها البعض ، ولما لها من أهمية تغافل عنها آخرون
فقد آلمني ذكر بعض الحوادث التي تقع فتحزن وتبكي
وللقارئ ثلاث منها وهو يرى ويسمع أضعافها !

الأولى :

• رجل موسر يملك ملايين الريالات ويعيش في بحبوحة من العيش وسط أموال تغدو وتروح ، وأبناء تجاوز عددهم العشرة ، ولما سقط طريح الفراش إثر نوبة مفاجئة أسر إلى من توسم فيه الخير من معارفه وقال :

أريد أن أبني مسجدا ، وبعد بحث وعناء أخذ قرابة ثلاثة أسابيع وجد ضالته ، وسارع بالخبر إلى الرجل الموسر في المستشفى فإذا به يعلم أن الله عز وجل أنزل الشفاء عليه ، فذهب إلى منزله زائراً ومهنئا بزوال البأس ، ولما أراد أن يودع التاجر أبان له أنه وجد المسجد المطلوب ، فقال التاجر :

ليس الآن فيما بعد يكون خيرا ، ومد في إخراج الحروف بما تعني من طول مدة !

وبعد سنتين عاود المرض التاجر ، وأدخل المستشفى وكرر النية وصرح لنفس الرجل أنه يريد بناء مسجد ، ولكن الأيام تسارعت به إلى الآخرة ، والرجل لايزال يبحث عن مسجد ، فإذا به يسمع عن وفاة التاجر !

وعندها قال : بعد أسبوعين أو ثلاثة أنقل هذه الرغبة لأبنائه ، لعلهم أن يقوموا بتنفيذ رغبة والدهم

ولكنه وجد جفاء وغلظة ، وعدم تقبل لأمر بناء المسجد من الأبناء العشرة !

والطامة الكبرى التي أهمت الرجل أنه علم أن هذا التاجر الذي يملك ملايين الريالات لم ولا بأضحية ، أو حجة من هذا المال الوفير .

والأبناء بخلوا أو أحجموا عن بناء المسجد من مال والدهم الذي جمعه هما وغما في سنوات عمره الطويلة وتركه لهم ، عليه غرمه ولهم غنمه !


الثانية :

• رجل كان يملك مثل سابقه من الأموال والدور والقصور ، ولم يوصي بشيئ من ماله الوفير ، ولما توفي كان لهم قريب يحب هذا التاجر ، لمعروف أسداه إليه فتسبب في جعل أضحية لها في العام الأول ، ولما أتى العام الثاني تثاقل أبناؤه عن إعطائه مبلغاً يسيراً هو قيمة أضحية عن والدهم ، ولكنهم في النهاية دفعوا له خمسائة ريال على مضض وطول إلحاح ومتابعة ! ولما أتت السنة الثالثة قال له أكبرهم ومن يظن أنه أبرهم بأبيهم قال بصوت مرتفع : يكفي ضحينا له مرتين أو ثلاثا .

وهكذا ذهبت الملايين التي جمعها ، بخل عليه أبناؤه بصدقة ، وبخل هو على نفسه بوصية يوصي بها لأعمال البر والخير ، أليس هو أحق بنفع المال الذي جمعه وكد وتعب في تنميته ؟

الثالثة :

• وهي تحزن وتدمي الفؤاد ، لمعرفتي بصاحبتها عن قرب ، إذ ورثت مالاً وعقاراً مشاعاً بين الورثة ، ولكن المال كان يدار ويستثمر في شركة كبيرة تشمل العقار ، والمصانع ، والأسهم ، والتجارة ، فلما سألتهم مالها وكان يقدر بالملايين قالوا لها : ليس لدينا مبالغ حاضرة وهي ضمن أعمال الشركة .
وتعجبوا : ماذا تريدين ؟ وماذا ينقصك ؟
ودارت الأيام وهي تكرر السؤال على حياء حتى أتاها ملك الموت وهي لم توص ! وعاد مالها للورثة ؟ ولم تجعل لنفسها منه ، ولم يطلها حية أو ميتة !

أما الموفقون فإنهم أوقفوا في حياتهم وجعلوا وصية ملزمة بعد مماتهم .

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }