كم منا من يموت ولايوجد له وصية تبرئ ذمته من حقوق الناس أولاً
ثم تجعل له نصيباً من الخير يجري له بعد موته
خاصة مع ما أفاض الله عز وجل علينا من أموال وبسطة في الرزق .
كم منا من يموت ولم يعهد بوصية لأبنائه فيها نصيحة وتنبيه
وإن كان لديه أطفال قصر عهد بهم لمن يرعاهم ممن يأنس فيه المقدرة والرعاية من أقاربه ومعارفه بدلاً من أن يكونوا عرضة للشتات أو للمطامع .
ولأهل الخوف من كتابة الوصية ( نقول ) :
إنها لاتقدم في الأجل ولا تؤخر في الموعد
وهنالك من أوصى منذ ثلاثين سنة أو أكثر ، ولكل أجل كتاب .
فالمبادرة المبادرة بهذا الخير الذي دل عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
« ما حق امرئ مسلم له شيئ يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده »
رواه البخاري
قال الإمام الشافعي : من صواب الأمر للمرء أن لاتفارقه وصيته .
وقد قال عليه الصلاة والسلام « ومن مات وقد أوصى مات على سبيل وسنة »
رواه ابن ماجة
وقال بكر المزني : إن استطاع أحدكم أن لايبيت إلا وعهده عند رأسه مكتوب فليفعل ، فإنه لايدري لعله أن يبيت في أهل الدنيا ويصبح في أهل الآخرة .
وأوجه البر كثيرة : من فقراء الأقارب غير الوارثين ، وعمارة المساجد ، وخدمتها ، وبناء الأربطة ، وقضاء ديون المعسرين ، وتعليم القرآن وسقي الماء ، وطبع الكتب المفيدة ، والوصية بالحج والأضاحي عن نفسه وغيره ، وهذا الباب بفضل الله واسع ووجوه البر فيه لا تنحصر .
ومن آداب الوصية أن يوصي المسلم بنيه وأهله وأقاربه ، ومن حضره واطلع على وصيته بتقوى الله وطيب العمل ، وأن لكم في إبراهيم وبنيه عليهم السلام أسوة ، وفي نبيكم محمد صلى الله عليه و سلم أعظم قدوة { ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون } [البقرة:132]
وأوصى محمد صلى الله عليه وسلم بكتاب الله ، وقال صلى الله عليه وسلم « الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم » رواه أحمد
وحذر من الفتن ، وأمر بالطاعة ولزوم الجماعة ، وأوصى بأصحابه السابقين وبالمهاجرين وأبنائهم ، كما أوصى ابنته فاطمة رضي الله عنها إذا هو مات أن تقول : إنا لله وإنا إليه راجعون .
.. يتبع ..