زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها
لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة تزوج خديجة بنت خويلد بن أسد ابن عبد العزى قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب
وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجلعه لهم وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب الى ميسرة فقال له من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة قال له ميسرة هذارجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ، ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما اراد أن يشتري ثم أقبل قافلا الى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه ، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة مما أخبرها به بعثت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له فيما يزعمون يا ابن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها، وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه ، فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لأعمامه فخرج معه عمه حمزة بن عبد المطلب رحمه الله حتى دخل على خويلد ابن اسد فخطبها إليه فتزوجها وأصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بكرة وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت رضي الله عنها
فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم القاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم والطاهر والطيب وزينب ورقية وام كلثوم وفاطمة عليهم السلام ، وأكبر بنيه القاسم ثم الطيب ثم الطاهر وأكبر بناته رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة ، فأما القاسم والطيب والطاهر فقد ما توا في الجاهلية ، وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم ، وأما إبراهيم فأمه مارية القبطية سرية النبي صلى الله عليه وسلم التي أهداها إليه المقوقس من حفن من كورة أنصنا
وكانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها قد ذكرت لورقة بن نوفل بن اسد بن عبد العزى وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان يرى منه إذ كان الملكان يظلانه فقال ورقة لئن كان هذا حقا يا خديجة إن محمدا لنبي هذه الأمة وقد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه أو كما قال
يتبع