هناك بعض الملوحظات التي يجب أن نتبه لها جميعا أثناء مناقشة هذا الأمر...
أولا: الموضوع صعب جدامن الناحية السياسية والتاريخية والفقهية، ويحتاج إلى أكثر من مجهوداتنا ومقالاتنا هذه، فيحتاج إلى عمر طويل لدراسة هذه المسائل الخطيرة والصعبة...فالهجوم على أحد من الأعضاء لرأيه في مثل هذا الأمر، غير مناسب....وأنا لا أعتقد أنه يمكن أن يكون أحد قد جمع الصواب كله في كل هذه المسائل السياسية الخطيرة...
ثانيا: يجب أن نلاحظ أن هناك فكر ثوري انتشر في العالم منذ قيام الثورة الفرنسية....وقبل هذه الثورة الدموية الماسونية الشيطانية، كانت هناك أعراف دينية في العالم كله:العالم الإسلامي، والعالم النصراني....وهذه الأعراف كانت مستمدة من الفكر الديني المعروف منذ عصر الأنبياء،كذم جميع البشر للزنى والقتل والسرقة والربا وغير ذلك من الأفكار البديهية التي كان الفكر العالمي العام والمقتبسة من الكتب السماوية لدى جميع الشعوب التي كان لها كتب سماوية.....
ثم جاءت الثورة الفرنسية بفكرة "الحرية"المتفرعة من أصل"العلمانية" وهي تعني الحرية في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضا...يعني إباحة الحريات الجنسية كالزنى وإن كانت تخالف ما جاء به جميع الأنبياء وما عرفه البشر في جميع البلدان والإمبراطوريات الإسلامية والنصرانية....والحرية في المجالات السياسية تعني جعل الحكم الفردي المعروف لدى البشر جميعا، مذموما، وتجعل للعوام والغوغاء والذين لا يفهمون شيئا في السياسية الحرية في التدخل في شئون الحكم الخطيرة جدا، والتي لا يمكن أن يضبطوا فيها مسألة واحدة على حسب معارفهم وتجاربهم القاصرة....
وكان من نتائج ذلك كثير من الثورات على الحكام في العالم بعد قيام الثورة الفرنسية....
وقامت وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الماسونيون بذم أنظمة الحكم القديمة ومدح أنظمة الحكم التي جاءت بها الثورة الفرنسية والمستمدة من فكرة العلمانية.... فألقوا على الأنظمة القديمة"الملكية" و"الحكم الفردي"و"طاعة الحاكم" ألفاظا معروفة ومشهورة وهي نفسها الألفاظ التي ألقيت على من أراد أن يتمسك بالمفاهيم والأعراف الاجتماعية القديمة مثل حرمة الاختلاط ووجوب حشمة المرأة وغير ذلك...وهذه الألفاظ هي:"التخلف" و"الرجعية"و"عصور الانحطاط"و"الخنوع"و"السلبية"و"الجبن"و"عصر الحمير" إلخ... وغير ذلك من الألفاظ التي نسمعها ولا نفهم معانيها وما وراءها....حتى اقتنعنا بها جميعا...وقد فهم مساوءها كثير من المتدينين في النواحي الاجتماعية، فحاربوا فكرة "الحرية" في النواحي الاجتماعية والاقتصادية.... بينما لم يفهموها في النواحي السياسية، فوقعت أكثر الشعوب الإسلامية في هذا الفخ...
بينما كانت الثورة على الحاكم في العصور القديمة لها اسم واحد وهو:"الفتنة"
فمن أراد أن يفهم هذا الكلام جيدا، فليمسح جميع ما في فكره وعقله من الأفكار السياسية التي انتشرت بعد الثورة الفرنسية، وليبدأ من جديد لدراسة علاقة الحاكم بالمحكوم في العالم على حسب الأعراف الموجودة منذ عصر الأنبياء، قبل الثورة الفرنسية.....
__________________
أبو سعيد
|