الموضوع: كنه الصلاة
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 30-05-2004, 02:53 AM
الشريف الحسني الشريف الحسني غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 55
إفتراضي كنه الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45).

هذا أمر الله لسيد الرسل محمد صلى الله عليه و آله، وهو تلاوة ما أوحي إليه من ربه على الناس ليستبينوا الحق من الباطل بكلمات الله بإعمال عقولهم في التدبر والتفكر فيها فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ...) (البقرة:286) وإقامة الصلاة التي أوكله الله ببيان هيئتها وعددها بعد أن أجمل الهيئة في الكتاب من سجود و ركوع وتلاوة...الخ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النور:56) وكذلك الوقت، وقد تواتر فعل رسول لله صلى الله عليه وآله و بيانه للصلاة هيئة وعددا ووقتا تواترا عمليا للصلاة الخمس في تلك الأوقات والهيئة المعهودة، ولكن هل هذا يجعلها واجبة وتاركها كافر مشرك خارج من الملة؟؟؟؟. هذا ما سيكشف عنه الكتاب المبين والحديث الموافق له.

ذهب فقهاء الإسلام ممن جاءوا بعد عصر الرسول و صحبه والتابعين ليقيموا محاكم التفتيش، والتقول عليه بالباطل و الحكم على من لم يؤدها بالكفر والقتل مستندين على حديث يخالف الكتاب الكريم أخرجه مسلم عن أبي سفيان قال: سمعت جابرا يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) وقد قال تعالى: مقارنا الصلاة الحركية التي شرط قبولها النهي عن الفحشاء والمنكر بالصلة الروحية التي هي الرادع عن الإيتاء بالفاحشة والمنكر، بأن الثانية أكبر عند الله في قوله تعالى: (...وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45)، ولو لم يكن الذكر هو استحضار الله في كل حركة وسكنة لما ختم الله تعالى الآية بقوله (...وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45). وبناء على ما تقدم نخلص إلى القول بصحة الأحاديث التي جاءت فيها الرخصة بالصلاة صلاتين فقط؛ وذلك لأن أصل الصلاة هي الصلة الروحية وليست الحركية التي لا يحكم على تاركها بالكفر أو الشرك كما جاء في الحديث المخالف للقرآن، إذ الإنسان مكلف بالعمل الصالح وموضع و مصدر هذا العمل النفس المنقسمة إلى ثلاثة أقسام نفس مطمئنة ونفس لوَّامة ونفس الأمارة.

أخرج أحمد حديثا يفيد هذا المعنى عن نصر بن عاصم الليثي عن رجل منهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم على أن يصلي صلاتين فقبل منه.

وقد حكم أهل الجرح و التعديل بصحة سند الحديث وإن كان السند عندي لا يعني شيئا وإنما التعويل على المتن الموافق لما في كتاب الله، فلو كانت الصلوات الخمس واجبة وأحد أركان الإسلام الخمسة كما يقولون، ولا يقبل الإسلام إلا بها ويحل قتل من لا يؤديها و يحكم عليه بالكفر لما سمح رسول الله صلى الله عليه و آله لهذا الرجل أن يصلي صلاتين فقط، وقد جاءت أحاديث أخرى تبين ما هي هذه الصلاتين.

أخرج مسلم و البخاري في كتابيهما الموسوم بالصحيح حديثا يفيد هذا المعنى قال:حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام حدثني أبو جمرة عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى البردين دخل الجنة))

كما أخرج الدارمي حديثا يفيد هذا المعنى قال: حدثنا عفان أخبرنا همام عن أبي جمرة عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى البردين دخل الجنة)) قيل لأبي محمد: ما البردين؟ قال: الغداة والعصر.

كما أخرج أبو داوود عن وهب قال: سألت جابرا عن شأن ثقيف إذا بايعت، فقال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك يقول: ((سيتصدقون ويجاهدون)).

وهذا أمر آخر يفيد و يؤكد أن الإسلام ما هو إلا التوحيد أما ما اتصل به من صلاة و صدقة و جهاد...الخ فهي أمور تأتي مع الوقت والمعاصرة وليست من مقومات الإسلام بل من مقومات الإيمان برسول الله صلى الله عليه وآله، ولذلك قال صلى الله عليه وآله ((سيتصدقون ويجاهدون)) لا عن سابق علم ولا وحي فلا وحي إلا القرآن، بل عن فراسة المؤمن؛ لأنه إذا كان التوحيد موجود وهو أصل الإسلام فسيتبعه العمل الصالح وأي عمل صالح في الإسلام خير من الصدقة على الفقراء والمساكين واليتامى وأي عمل صالح في الإسلام خير من الدفاع عن الإسلام كما عرفناه لا إسلام السلاطين.

وقد يقول قائل: الحديث صحيح و لكن كان لسبب وهو تأليف القلوب أو لبيان فضل صلاة الغداة و العصر. قلنا: لو كان ما تقولونه صحيحا، ماذا يحدث لو لم تؤلف قلوبهم للقبول بالخمسة بدلا من الاثنين؟ وأصر الرجل عن شرطه و مات عليه، ماذا يكون حاله عند الله إذا كان الفرق بين الرجل و الكفر والشرك ترك الصلاة وعند رسوله في حياته؟ سيقول الرجل لربه: لقد بايعت محمدا على الصلاتين وعدم الصدقة وعدم الجهاد وهو نبيك ورسولك إلينا وقد قبل وقد قلت في كتابك: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ...) (المائدة:67) فكيف تحاسبني على عدم الصلاة خمسا أو الصدقة أو الجهاد وقد بلغني رسولك وقبل منى، أم تراه لم يبلغ؟

أو أن الرجل لم يصل إلا الصلاتين و أصر على شرطه ترى هل رسول الله صلى الله عليه و آله يخلف وعده وكلمته و ميثاقه؟؟؟، وهل سيتنازل أو يتسامح رسول الله صلى الله عليه و آله في عدد الصلوات الخمس إلى اثنين لو كانت واجبة وجوبا كاملا عدديا حركيا لا روحيا ليدخل رجلا في الإسلام بالخديعة؟؟؟؟؟

أما من اعتذر على أن الحديث لبيان فضل صلاة الظهر والعصر، فنقول له: إذا كان فضلهما بهذا القدر فلماذا المزيد ولا شيء أفضل من الجنة؟ وخلاصة القول أن الصلاة بذاتها لا تدخل جنة أو تخرج من نار لمجرد أدائها دون إعمال النفس في الانتهاء عن الفحشاء و المنكر، وإلا لما دخل من سبق نبينا من الموحدين الذين لا يعلمون من الصلاة إلا الصلة الروحية لا الحركية.

بعد الإجابة على هذه الأسئلة و التساؤلات نستطيع أن نستخلص الحكم على الصلاة وكنهها، وأن نظفر بتعرف الإسلام الحق الذي لولا تحريف السلاطين و فقهاء السوء لدخل الناس كافة دين الله الحنيف.
__________________
يا معين

العقل نور الله