عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 08-06-2004, 02:10 PM
سيد الصبر سيد الصبر غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
المشاركات: 400
إفتراضي

السبب السادس " وقوف الجيش العراقي ضد الانتفاضة وببسالة
منقطعة النظير
وهذا سبب آخر مهم , فالثوار الحقوا الهزيمة النكراء
بمؤسسات النظام الحزبية والأمنية وما يتعلق بالأمن
الداخلي والمخابرات في كافة المدن المنتفضة .. الا أن
الجيش العراقي سجل موقفاً مخزيا في قمعه للانتفاضة الشعب
في آذار 1991 تحت إمرة علي حسن المجيد المعروف بعلي
كيمياوي والمقبور حسين كامل وغيرهم من الجنرالات
العسكرية والاستخباراتية والذي نرى بعضهم هذه الأيام في
الصدارة من القضية العراقية وبعضهم مرشح لقيادة العراق
بعد صدام . لم يصطف مع الشعب العراقي في انتفاضته فرقة
واحدة من الجيش أو لواء , بل ولا حتى فوج أو سرية , انما
أفراد هنا وهناك .. وهذه ظاهرة تكاد تكون فريدة وعجيبة
ويكاد ينفرد بها الجيش العراقي اذا ما قورن الامر بحدث
ضخم كالانتفاضة - وهذه الظاهرة بحاجة الى دراسة بشكل
منفرد - خاصة أن الجيش العراقي قد خرج منذ بضعة أيام من
عاصفة الذل والمهانة والانكسار والخنوع على أيدي
المجندات الامريكيات ,, ومن المنطقي جداً لأن يقف الجيش
الى جانب الشعب ليعيد شيئا من الكرامة التي أستلبها منه
صدام ! الا أن الذي حصل هو العكس فقد شارك الجيش العراقي
في قمع الشعب .. والأنكى من ذلك كله أن القوات الامريكية
التي أذلتهم قبل أيام تنتشر غرب الفرات من جهة الناصرية
وعلى أعتاب مدينة الزبير على بعد بضعة أميال من البصرة ,
والجيش العراقي الباسل يصنع الأمجاد والانتصارات صاباً
جام غضبه على أهله تحت انظار الامريكان ! .. الجيش
العراقي كان ولا زال أسد على الشعب العراقي وفي الحروب
نعامة !

السبب السابع : استثناء بغداد من خطة الانتفاضة
قد يستغرب البعض من عبارة "خطة الانتفاضة" . نعم انطلقت
الانتفاضة ضمن خطة وأشعل شرارتها الأولى مجموعات منظمة
في الحركة الاسلامية كانت قد اتخذت من عمق الأهوار قواعد
لها , وعلى أساس من ذلك انطلقت الانتفاضة في نواحي الطار
والكرمة والفهود التابعة لمحافظة الناصرية في ليلة
الرابع عشر من شعبان , وامتدت في اليوم التالي الى أقضية
سوق الشيوخ فالناصرية شمالاً والجبايش والمدينة والهوير
جنوباً .. وسرعان ما سرت الانتفاضة سريان النار في
الهشيم بشكل شعبي عفوي وتلاحقت الاحداث تترى فانتفضت
البصرة والعمارة في الخامس عشر من شعبان 1 آذار
والديوانية والحلة في اليوم التالي حتى تلتها بقية مدن
العراق .. ووردت الانباء عن انتفاضة الاكراد في الشمال !
وهذه الحالة المذهلة والاسطورية من انتفاضة الشعب لم تدع
أدنى شك عند طلائع الثوار من أن بغداد ستُصاب بعدوى
الانتفاضة أسوة ببقية المدن مما أدى الى استثناء التفكير
في التحرك باتجاه بغداد من المحافظات الاخرى .
في الصباح الباكر من يوم الخامس عشر من شعبان التقيت
الشهيد أبو ليلى* لأول مرة وكان سؤالي الأول : ماذا عن
بغداد ؟ فأجاب رحمه الله أننا سنشارك من هذه المدينة
بفوج من الثوار على أقل التقادير للذهاب الى بغداد مع
بقية ثوار المدن الاخرى التي انتفضت .. لكن يبدو أن
الانتصارات المتلاحقة للثوار وفي أغلب المدن العراقية
أجهضت خطة التحرك نحو بغداد في أذهان رموز الانتفاضة ..
فبغداد وفق معطيات الأيام الثلاثة الاولى ثائرة لا محالة
, لكن الذي حصل أن يغداد تلكأت قليلاً فاستثمر النظام
المجرم عنصر الوقت وأحكم القبضة على بغداد وبالذات مدينة
الثورة ثم سارعت قواته باتجاه المدن المنتفضة لاشغال
الثوار بالدفاع بدل الهجوم المفترض وقد حصل .

السبب الثامن : الموقف الهزيل للمرجعية الدينية
والمقصود من المرجعية هنا الجهاز العام الذي يشمل جميع
المراجع والمجتهدين في حوزة النجف الأشرف , ولم يحصل أي
موقف يُشار اليه بالبنان من هذه الحوزة باستثناء تشكيل
السيد الخوئي رحمه الله للجنة معينة تقوم بالاشراف على
الامور الادارية للمجتمع أيام الانتفاضة ! والحقيقة أن
تشكيل هذه اللجنة لا يُمثل موقفاً صريحا مسانداً
للانتفاضة أو مناهضاً لصدام .. فلم يرد ذكر للانتفاضة بل
ولا مجرد اشارة للنظام الحاكم !! أو اصدار حكم او فتوى
باستمرار الانتفاضة وماهية واجب الناس تجاه الانتفاضة
ودعمها من أجل الخلاص من الطاغية , غاية الأمر أن لجنة
شُكلت ( لحفظ النظام واستتباب الامن والاستقرار ) لأن (
البلاد تمر بظروف عصيبة هذه الأيام ) !! ومن الجدير
بالذكر أن تاريخ تشكيل اللجنة المذكورة كان 20 شعبان ,
أي بعد مرور ستة أيام على الانتفاضة وهذا يعني أن
الانتفاضة في أوج انتصارها مما يعني أن السيد الخوئي شكل
تلك اللجنة من باب الأمر الواقع وتحت التأثير الواقع من
قبل الثوار فقد اتخذوا من مكتبه مقراً وملتقى للثوار دون
اذن من السيد نفسه ! .. إن قراءة متأملة في الكلمات التي
وردت في تشكيل اللجنة أو حول الدفاع عن بيضة الاسلام
تعطي نتيجة أو المرجعية كانت تعيش في وادِ غير وادي
الانتفاضة .. كان من المفترض أن تتصدى المرجعية في النجف
الاشرف لقيادة الانتفاضة وكانت الفرصة سانحة متاحة بشكل
لا مثيل له , لكن شيئاً من هذا لم يحصل فكان أن تسببت في
إخفاق الانتفاضة .

السبب التاسع : انسحاب الاكراد المفاجيء
حين انتفض الاكراد وتقدموا نحو كركوك وسيطيروا عليها ,
علت الفرحة وجوه الثوار في الجنوب فقد أصبح النظام
الجائر في بغداد بين كماشتي الانتفاضة شمالاً وجنوباً
ممن وضعه في أحرج الظروف .. لكن سرعان ما فوجيء الثوار
في الجنوب بأن الأخوة الأكراد انسحبوا من كركوك وضواحيها
على حين غرة بعد أن هددهم النظام بالسلاح الكيمياوي
معيداً الى أذهانهم مأساة مجزرة حلبجة .. انسحب الاخوة
الكرد من الميدان مما سهل على النظام التفرغ لقمع
انتفاضة الجنوب دون أدنى تنغيصات ممكن أن تسببها الجبهة
الشمالية .

هذه هي أهم الأسباب في أخفاق انتفاضة آذار 1991 وهي لو
اجتمعت على أي ثورة في مثل ظروف الانتفاضة لأفشلتها لا
محالة , وبالرغم من ذلك كله فقد عاشت بعض المدن العراقية
تحت سيطرة الثوار وبشكل آمن تماماً لفترة وصلت الى 24
يوماً , وهي فترة طويلة في حساب الثورات .
إن المهم أن يُستفاد من الدروس والعبر وعدم تكرار ما حصل
من أخطاء واخفاقات في انتفاضة قادمة ان شاء الله .. ومما
يجب أن يوضع في حساب الثوار الجدد أن لا دولة داعمة من
خارج الحدود , فيما يجب التفكير جدياً بالتنسيق مع الجيش
أو تحييده في أسوء الاحتمالات لضمان نجاح انتفاضة في
العراق .. وفي الوقت ذاته ينبغي أن يكون التفكير أولاً
وأخيرا في رأس الأفعى , وأن أمريكا ستفعل ما كررته
بالأمس وتعمل على وأد أي تحرك شعبي شوري داخل العراق
لأنه الوحيد الذي يجهض كل مخططاتها في المنطقة .. من هنا
لا بد أن يكون للتنظيم الدور الاساسي في أي انتفاضة
قادمة والتقليل قدر الإمكان من العفوية المفرطة التي تضر
أكثر مما تنفع خاصة في مثل ظروف العراق المتشابكة
والمعقدة .
ولعل من أهم الدروس المستفادة أيضا أن الشعب العراق شعب
صعب المراس ولا يمكن ترويضه بسهوله لا بشعار الوحدة
والحرية والاشتراكية كما حاول البعث أن يفعل لقرابة ربع
قرن من الزمن حتى انتفض الشعب , كل الشعب على هذه
الشعارات وأصحابها , والشعب بالأمس هو الشعب اليوم وغدا
فلا يمكن ترويضه وخداعه بشعار براق ذلك هو النموذج
الأمثل للديمقراطية في المنطقة ! فقد يسكت الشعب لفترة
ليعطي الفرصة لأصحاب هذا الشعار ولكن سرعان ما ينتفض
ويثور حين يتأكد من خداع أصحاب الأطروحة وحينها سيطيح
الشعب بالجلادين والمستبدين وإن تستروا خلف الديمقراطية
أو الدين أو العسكر . العراق شعب الثورات وللانتفاضات في
العراق صلة و "قد علمهم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان
وهيهات ما يُفطمون" . فعلى من يريد أن يحكم العراقيين
بعد صدام أن يضع في حسابه أن الشعب سأم الدكتاتورية
والاستبداد وسأم الحروب والعسكر وسأم شيئا من اللباس
الديني وسأم الشعارات الزائفة لأكثر من ثلاثة عقود وهو
على غير استعداد لأن يعيد الكرة من جديد أو أن يلدغ من
الجحر عشر مرات !! فانصفوا الشعب ولا تجعلوا من أمريكا
قيمة على ثرواته ومقدراته مما يضطره الى استخدام خيار
العصا ! .


* الشهيد أبو ليلى من أبرز قادة ومفجري انتفاضة آذار
1991 .
كان طيلة سنوات قبل الانتفاضة يمارس عمله المعارض من
داخل الاهوار .
بعد اخفاق الانتفاضة انتقل الى بغداد بعد أن أدرك أن
الداء هناك فشمر ساعديه عن العمل الجاد والدؤوب لتكوين
خلايا قتالية داخل بغداد .
استشهد في بغداد بعد ما يقارب سنة من تاريخ انتفاضة 1991
في أحد مواجهة مسلحة في أحد شوارع بغداد .

__________________
السلفيالمحتار سابقا السندباد