عرض مشاركة مفردة
  #67  
قديم 10-06-2004, 02:55 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

ثم ذكر -عليه الصلاة والسلام- مثالا من أمثلة تأثير الأكل الطيب في بعض الأعمال الصالحة، وأثر أكل الحرام في بعض الأعمال الصالحة، فقال أبو هريرة رضي الله عنه ثم ذكر -يعني النبي عليه الصلاة والسلام- : ( الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِ يا ربِ، أو يا رب يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، ومأكله حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك ) .
قال: ( ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء ) .
ذكر هذه الصفات؛ لأن هذه الصفات مظنة الإجابة؛ فالسفر من أسباب إجابة الدعاء .
قد جاء في الحديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ثلاث يستجاب لهم ) وذكر منهم المسافر.
فالسفر من أسباب الإجابة، وهذا قد تعرَّض لسبب من أسباب الإجابة وهو السفر.
ووصفه بقوله: ( يطيل السفر ) وإطالة السفر تعطي كثيرا من الاغتراب، وفيه انكسار النفس، وحاجة النفس إلى الله -جل وعلا- إذا كان السفر للحاجة، قد يطيل السفر -يعني من حاجته- يحتاج إلى السفر في معيشته ، يحتاج إلى السفر في أموره، وإلا فإن المرء لا يختار إطالة السفر إلا لحاجة.
قال : ( يطيل السفر أشعث أغبر ) وهاتان الصفتان تدلان على ذلته، وعلى استكانته، وهذه يحبها الله -جل وعلا-، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لبس شيئا خلقا، ولم يتزين، وإنما صار أشعث، ثم توجه في خلوة، ودعا الله -جل وعلا- وقال: إنه أقرب للإجابة؛ لما في هذه الصفة من انتفاء الكبر، وقرب التذلل والاستكانة، وهذه يكون معها الاضطرار والرغب، وعدم الاستغناء .
فذكر -عليه الصلاة والسلام- هذه الصفة، فقال : ( أشعث أغبر يمدُّ يديه إلى السماء ) وهذه صفة -أيضا- ثالثة، في أنه يمد يديه إلى السماء في رغب أن يكون أتى بما يُجَابُ معه دعاء، ورفع اليدين في الدعاء سنة، كما سيأتي بيان بعض ذلك.
يقول: ( يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب ) وذكره هنا "يا رب" مكررة، ويجوز أن تقول: يا ربِ على حذف الياء، أو يا ربُ على القطع، في تكريرها ذكر لصفة الربوبية، ومعلوم أن إجابة الدعاء من آثار ربوبية الله -جل وعلا- على خلقه.
ولهذا لم تكن إجابة الدعاء للمؤمن دون الكافر ، بل قد يجاب للكافر، ويجاب للمارد ، وقد أجيب لإبليس؛ وذلك لأن إجابة الدعاء من آثار الربوبية، كرزق الله -جل وعلا- لعباده، وكإعطاءه لهم، وكإصحاحه إياهم، وإمدادهم بالمطر، وأشباه ذلك مما قد يحتاجون إليه.
فقد يدعو النصراني ويستجاب له، وقد يدعو المشرك ويستجاب له، إلى آخر ذلك.
وتكون هنا الاستجابة لا لأنه متأهل لها؛ ولكن لأنه قام بقلبه الاضطرار والاحتياج لربه -جل وعلا-، والربوبية عامة للمؤمن وللكافر.
ذكر هنا: "يا رب، يا رب" وهذا من آداب الدعاء العام كما سيأتي، وذكر هذا بلفظ الربوبية -أيضا- من أسباب إجابة الدعاء .
قال في وصف حاله -مع أنه تعرض لهذه الأنواع مما يجاب معه الدعاء- قال في وصف حاله: ( ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِي ) -بالتخفيف، فغلط من يقولها بالتشديد غُذِّيَ، لا، هي غُذِيَ من الغذاء، ( غذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك ) .
يعني: فبعيد ويتعجب أن يستجاب لذلك وهو على هذه الحال.
فمن كان ذا مطعم حرام، وذا مشرب حرام، وذا ملبس حرام، وغذي بالحرام، فهذه يستبعد أن يستجاب له.
وقد جاء في معجم الطبرانى بإسناد ضعيف: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن أبي وقاص: يا رسول الله، ادع الله لى أن أكون مجاب الدعاء. قال: يا سعد، أَطِبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة ) .
وهذا في معنى هذا الحديث، فإن إطابة المطعم من أسباب الإجابة ، فهذا تعرض لأنواع كثيرة من أسباب الإجابة، ولكنه لم يأكل طيبا؛ بل أكل حراما، فمُنِعَ الإجابة، واستُغْرِب أن يجاب له.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }