الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر خديجة رضي الله عنها بنزول جبريل عليه
يقول عليه الصلاة والسلام :- انصرفت راجعا الى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست الى فخذها مضيفا إليها فقالت يا أبا القاسم أين كنت فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا لي ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت ابشر يا ابن عم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجوا أن تكون نبي هذه الأمة ، ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ثم انطلقت الى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن قصي وهو ابن عمها وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من اهل التوراة والإنجيل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع فقال ورقة بن نوفل قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت
فرجعت خديجة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة بن نوفل فلما قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال يا ابن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ورقة والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة وقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجنه ولتقاتلنه ولئن انا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الى منزله
ابتداء تنزيل القرآن
قال ابن اسحاق فابتدىء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنزيل في شهر رمضان بقول الله عز وجل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وقال الله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) وقال الله تعالى ( حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ) وقال تعالى ( إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ) وذلك ملتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين ببدر
ثم تتام الوحي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن بالله مصدق بما جاءه منه قد قبله بقبوله وتحمل منه ما حمله على رضا العباد وسخطهم والنبوة أثقال ومؤنة لا يحملها ولا يستطيع بها إلا أهل القوة والعزم من الرسل بعون الله تعالى وتوفيقه لما يلقون من الناس وما يرد عليهم مما جاءوا به عن الله سبحانه وتعالى قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى
إسلام سيدتنا خديجة بنت خويلد
وقوفها سيدتنا خديجة بنت خويلد بجانبه صلى الله عليه وسلم وآمنت به وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله وصدق بما جاء منه فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه امر الناس رحمها الله تعالى
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن ابشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب
و اتى جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقرىء خديجة السلام من ربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام من ربك فقالت خديجة الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام
فترة الوحي ونزول سورة الضحى
فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من ذلك حتى شق ذلك عليه فأحزنه فجاءه جبريل بسورة الضحى يقسم له ربه وهو الذي أكرمه بما أكرمه به ما ودعه وما قلاه فقال تعالى ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) يقول ما صرمك فتركك وما أبغضك منذ أحبك ( وللآخرة خير لك من الأولى ) أي لما عندي من مرجعك الي خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا ( ولسوف يعيطك ربك فترضى ) من الفلح في الدنيا والثواب في الآخرة ( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى ) يعرفه الله ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره ومنه عليه في يتمه وعيللته وضلالته واستنقاذه من ذلك كله برحمته ( فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر ) أي لا تكن جبارا ولا متكبرا ولا فحاشا فظا على الضعفاء من عباد الله ( وأما بنعمة ربك فحدث ) أي بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوة فحدث أي أذكرها وادع إليها فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوة سرا الى من يطمئن إليه من أهله
.. يتبع ..