[المشرقي الإسلامي]

أين تذهب يا صغيري؟
أين تذهب يا صغيري في هذا الزحام ؟
أين تذهب والدروب يأكلها الظــــلام؟
أين تذهب إن ذهبت سترديك السهـــام
أين تذهب والرصاص يخترق االعظام؟
أين تذهب والصقور تبتلع الحمــــــام؟
أين تذهب يا صغيري .. لا تخفِ الكلام
* * *
أين تذهب والثواكل حولنا حيرى تنوح؟
أين تذهب والأراضي كلها ملئت جروح؟
أين تذهب والمنايا ها هنا دوماً تلــوح؟
أين تذهب للجبال أم خلف السفـــــــوح؟
أين تذهب يا صغيري بحثاً عن طمــوح؟
* * *
أين تذهب إن ذهبت فلا تسل الرجـــــــــوع
وتسول من الأعين الموتى قطرات الدموع
أين تذهب يا صغيري بين آلاف الجمـــــوع؟
أين تذهب يا صغيري بين أشتات الربــــوع؟
* * *
أين تذهب..
حق لك أن تذهب يأساً عن تلك الحيــــــــــــاة
فلا تدري أي ضنك بعد طول العمر آتــــــــــــي
يكفيك أن ْ العمر عشت تبحث عن فتــــــــــــــات
وتولت أحلامك عبثاً وتوارت في الرفـــــــــــــات
يكفيك أنْ العينين تبصّرتا سيل الدماء
ومعين الصبح ينضب من سود اللواء
وحياتك بؤس وشقاءٌ كلها أشـــــــــلاء
وطعامك فيها وشرابك أبيات الرثـــاء
حق لك أن تذهب َ غاب نور االفجر وغارت الأنــــــــواء
تنام وتستيقظ في الفرش لكي تجد البلاء..
أصوات البكاء..
بين حوقلة الشيخ وصرخات النساء
سرداق العزاء..
تحت ومض النجم إلى اكتئابات المساء
ساحات الديار..
ترزح تحت عباءات دفن وإطلاق نار
نخلة الدار..
مغشي ٌٌ عليها ثكلى أجهضت الثمار
كلب الحراسه..
ينبح حتى الموت في كنف التعاســــــــــــــــه
آثر الموت على العيش في سوق النخاســـــه
حديقتك الصغيره..
صارت مقبرة كبيره
ألعابك والدمى..
كسرت .. واكتُسيت دما
ثوبك ..الزي المفضل..
لم يعد شيئاً.. وتهدّ ل
شرفات حجرتك التي عشت الذكريات
ورسمت عليها النخلة وسمعت الحكايات
وزخرفت النقش عليها ورسمت البسمات
وعلى سورها رعى الزرع وأصناف النبات
وتداعب طيرك فيها تصغي الشقشقات
وترنم في فجرها آلاف الأغنيات
ها هي صارت مرتعاً للرصاصات
وتغني فيها وتصول القنبلات
وعليها الغربان صاحت وتنوح النائحات
ها هي صارت ثكنة القــــــــــــــــــــوات
تتمركز في كل مكان وتصيح الزمجرات
وتحذر أن تلحق بركاب تي الأموات
ها هو ما حولك يغشاه الرماد
وتولى كديار ثمود وأيام عاد
ها أنت ذا تبكي.. وتنتظر المعاد
علها الأيام تأتي بك فوق صهوات الجياد
وتعانقك الفرحة ويلين لك القياد
وتغني البسمة وتصول بأرجاء البلاد
علّ من أترابك الموتى من يعود
عله العدل في الدنيا يسود
ويهد قلاع الظلم ويجتاح السدود
ويطير إلى أقصى الأمد ويجتاز الحدود
عله يا صغيري يرجع المفقود
* * *
يا صغيري ما عسى القائل أن يقول؟
شمسك التي كنت ترجو آذنت الأفول
عمرك الذي قد عشته بالحقول
وتسابقت فيه وأترابك تحتضن النخيل
وتناديك النشوة تتهادى في صوت الصهيل
وتزف أناشيد المجد إلى شمس الأصيل
زهرته فنيت واحتواها الذبول
وتوارى كل شيء في زوايا الخمول
عينيك العمر تفرك من بكاء الذهول
كل شيء ولى في ومضة البرق ِ
فلا تبصر إلا آثارحرق ِ
وذئاباً جمّعت من كل فرقِِ ِ
جاءت مجرمة بائده
جاءت في وطنك صائده
جاءت محرقة قاصد
..أطلالاً ومنازل ودياراً هامده
وعيون في المدامع من شقاها جامده
وشيوخ ورجال ونساء مشرده
وأطفال مما هي فيه مجرده
وطيور في عش ٍ راقده
تحذرأسلحة ً صائده
ضاقت بك الدنيا و أبواب موصده
ولهيب في القلب ونيران موقده
.. فلا تدري بعد أين تذهب يا صغيري
بين أحزان المسير ِ
في غيَابات المصير ِ
في اختفاءات الطيور ِ
في نداءات القــــبور ِ
******
.. فاذهب حيث تذهب لا ألومك يا صغيري
كيف طال العمر فأنت في سجن كبير ِ
تنكى بك الآلام في ضحك حقير ِ
وينادي الصبح تسول الأمل الفقير ِ
واختيالات العين للضوء المنير ِ
كلها اجترارات لأوهام عقيمه
دا ل الدهر عليها والعصور القديمه
.. فانسها يا صغيري واذهب حيث تمضي
قد خبا النور وولى كل ومض ِ
فأقريء الدنيا السلام واختمها .. بغمض ِ
******
المشرقي الإسلامي