( 3 - 3 )
في حلقتين سابقتين تحدثنا عن كيفية عمل غسل أدمغة صغار السن وتحويلهم إلى قنابل مفخخة وعقول انتحارية لا ترى الا الموت والتدمير والتفجير.. وكيف يجبرونهم على الطاعة العمياء والبيعة التامة التي فيها يتخلى الإنسان عن ماضيه وأسرته وأمه وأبيه ووطنه ويصبح أسير الشيخ أو أمير الجماعة الذي يتولى توجيه هذا الشاب المختطف للقتل والتفجير والتدمير..
وما ذكر كان في مقابلات أجريت مع عدد من الانتحاريين المسجونين في سجن السليمانية في العراق ونشرتها جريدة الحياة يوم السبت الماضي. ان ما يقوله هؤلاء الانتحاريون يوضح سذاجتهم وانعدام تفكيرهم وان شيوخهم استغلوا ماضيهم (مدمن مخدرات، متحدر من اسرة علمانية كما يقول، فشل في الدراسة، فشل في التجارة، فشل في العمل) وتحويلهم إلى أدوات على استعداد لان يقتلوا ويبيدوا هذا المجتمع الكافر المرتد ولا يمانع من إبادته كاملاً من اجل إقامة شريعة التوحيد التي يعتقد انها الصحيحة.
ان المعركة صعبة ونحن للأسف لم نستعد لها فكرياً الاستعداد المطلوب.. ولازالت أدوات مكافحتنا لهؤلاء فكرياً وتربوياً وثقافياً وإعلامياً ودعوياً ووعظياً اقل من المطلوب، ودون ان نكون صرحاء بما فيه الكفاية مع أساس هذه المشكلة.. ولا شك ان مهلة العفو التي انتهت تقريباً تمثل آخر ما رغبت الدولة اتخاذه لإتاحة الفرصة لهؤلاء للعودة للطريق القويم.
وللأسف فإن الطريق لا يزال طويلاً لوأد هذه الأفكار ولازالت الإنترنت تمثل مستنقعاً قذراً لنشر هذه الأفكار وأدواتنا في هذا المجال اقل كثيراً من المطلوب.
ان آليات التجنيد تبدأ من البيت ومن الأسرة ومن رفقاء الابن ومن جهاز الحاسوب ومن بعض المعلمين الحاقدين ومن بعض الدعاة الشاذين عن طريق الحق.. كل هؤلاء يبذلون جهداً للتأثير على أفكار الشباب ومحاولة سرقة اهتماماتهم وتحويلها إلى محاربة بلدهم ووطنهم العظيم مع تبلد من البعض غير مفهوم وكأنهم لا يدركون سوء هذه الأفكار التكفيرية.. ويكفي مثالاً على ذلك التقصير الممقوت من بعض أئمة وخطباء المساجد والجوامع الذين في حين كانت الرياض تتعرض للهجمات الانتحارية في مجمع الحمراء والمحيا والوشم واستقصاد رجال الأمن البواسل.. كان هؤلاء لا يزالون يتحدثون عن دمج تعليم البنات بوزارة التربية والتعليم وصورة بطاقة المرأة ومنع اللغة الإنجليزية من التعليم. كما انهم لم يتركوا شاردة ولا واردة تحدث في العالم إلا وقنتوا لها ودعوا بالنصر والتمكين لجميع المسلمين ماعدا الدعاء في منابرهم لرجال الأمن الشجعان البواسل ولرجال الأمن الأشاوس الذين يقدمون أرواحهم فداء لدين الله ثم لحماية اسر هؤلاء وأولادهم وأموالهم.. كما يتجاهلون الدعاء ضد هؤلاء المجرمين الفسدة من الفئة الضالة وممن يحرضهم ضد بلادنا كالمعتوه المجرم الذي اضر بالإسلام والمسلمين المختبئ في كهوف تورا بورا ويوجه هؤلاء السذج بقتل آبائهم وأمهاتهم وإشاعة الفوضى في بلدهم بما يتوافق فيه هذا الهدف مع هدف أعداء الإسلام الذين يريدون للمملكة الفوضى وحتى لا تقام فيها صلاة ولا عمرة ولا حج لأنهم يعلمون ان المملكة هي الوحيدة في تطبيقها لشرع الله.
ان المعركة خطيرة ويجب ان نكون بجميع فئات المجتمع بمستوى هذا الحدث الكبير.
جريدة المدينة
تحياتي
