الجزء الثانى
هكذا صارت البداية المشؤومة للسفور فى هذه الأمة بنزع الحجاب عن الوجه وهى مبسوطة موثقة فى كتاب ( المؤامرة على المرأة المسلمة ) للأستاذ أحمد فرج وفى كتاب ( عودة الحجاب ج/1 ) للشيخ محمد بن أحمد إسماعيل ثم أخذت تدب فى العالم الإسلامى فى ظرف سنوات قلائل كالنار الموقدة فى الهشيم حتى صدرت القوانين الملزمة بالسفور
ففى تركيا أصدر الملحد أتاتورك الهالك سنة 1356 قانونا بنزع الحجاب سنة 1338 وفى سنة 1338 صدر قانون مدنى على غرار قانون ( نوشاتيل ) المدنى السويسرى فحرم تعدد الزوجات وغير ذلك وفى مدة قصيرة جعل من المرأة التركية شقيقة المرأة السويسرية فأصبحت المرأة التركية ترتدى أثواب السهرة عارية الكتفين والظهر كما أنها لا تحجم عن ارتداء المايوه ... عياذا بالله تعالى ، وفى إيران أصدر الرافضى رضا بهلوى قانونا بنزع الحجاب سنة 1344 ، وفى أفغانستان أصدر محمد أمان قرارا بإلغاء الحجاب ، وفى ألبانيا أصدر أحمد زوغوا قانونا بإلغاء الحجاب
وفى تونس أصدر أبو رقيبة الهالك سنة 1421 قانونا بمنع الحجاب وتجريم تعدد الزوجات ومن فعل فيعاقب بالسجن سنة وغرامة مالية ، كما أصدر قرارات عدوانية على الشريعة منها إطلاق الحرية للمرأة إذا تخطت العشرين من عمرها أن تتزوج بدون موافقة والديها ومعاقبة من يتزوج ثانية بالحلال وتبريئ من يخادن عشرا بالحرام
وفى مجلة العربى نشر استطلاع عن تونس وفيه صورة للوحات الدعاية المنصوبة فى الشارع ففى كل ميدان لوحتان إحداهما تمثل أسرة ترتدى الزى المحتشم مشطوبة بإشارة ( x ) والأخرى تمثل أسرة متفرنجة متبرجة ومكتوب تحتها ( كونى من هؤلاء ) ولذا قال العلامة الشاعر العراقى محمد بهجت الأثرى المتوفى سنة 1416 رحمه الله تعالى
أبو رقيبة لا امتدت له رقبة لم يتق الله يوما لا ولا رقبة
وكان متولى كبرها هو وآخرون منهم المدعو الطاهر الحداد المولود سنة 1317 الهالك سنة 1353 حين ألف كتابه ( امرأتنا فى الشريعة والمجتمع ) بين عام 1338- 1348 يدعو فيه إلى تحرير المرأة - وقيل بل هو من تأليف النصرانى / الأب سلام تحمله الطاهر الحداد وفى آخره أثار اثنى عشر سؤالا أجاب عليها عدد من المفتين وقد حكم عليه مفتيا المالكية بالمروق من الدين وبسببه حرم من الامتحان فى كلية الحقوق بأمر حكومى ثم أصيب بالعزلة ونبذه الناس بسبب كتابه هذا حتى مات سنة 1353 غير مشيع إلا من أهله وعدد من أصدقائه وكان مولعا بالغناء والتردد على المقاهى والانتماء إلى المذهب الاشتراكى ثم ركزت الصحافة على نشر ما فى الكتاب من الطوام وما زالوا كذلك حتى تحولت تونس إلى ( جسم مريض ) بالسفور والحسور وتجد تفاصيل هذه المعركة الإلحادية على ( الحجاب ) ( والعفة ) فى كتاب لا يفرح به فى نحو أربعمائة صفحة فإنا لله وإنا إليه راجعون
وفى العراق تولى كبر هذه القضية ( المناداة بنزع الحجاب ) الزهاوى والرصافى نعوذ بالله من حالهما كما هو مفصل فى كتاب ( حكايات سياسية من تاريخ العراق الحديث ) ( ص91- 143 )
وانظر خبر اليوم الحزين فى نزع الحجاب فى الجزائر كما فى كتاب ( التغريب فى الفكر والسياسة والاقتصاد ) ( ص133- 139 ) فى ( 13مايو 1958 م ) قصة نزع الحجاب قصة تتقطع منها النفس حسرات ذلك انه سخر ( بالبناء للمجهول ) خطيب جمعة بالنداء فى خطبته إلى نزع الحجاب ففعل المبتلى ( بالبناء للمجهول ) وبعدها قامت فتاة جزائرية فنادت بمكبر الصوت بخلع الحجاب فخلعت حجابها ورمت به وتبعها فتيات منظمات لهذا الغرض نزعن الحجاب فصفق المسخرون ( بالبناء للمجهول ) ومثله حصل فى مدينة وهران ومثله حصل فى عاصمة الجزائر الجزائر والصحافة من وراء هذا إشاعة وتأييدا
وفى المغرب الأقصى وفى الشام بأقسامه الأربعة لبنان وسوريا والأردن وفلسطين انتشر السفور والتبرج والتهتك والإباحية على أيدى دعاة البعث تارة والقومية تارة أخرى مما جعل الانفجار الجنسى والعرى والتهتك والإباحية على حال لا تخفى
وأول كتاب يتحدث عن تحرير المرأة فى الشام سنة 1347 – أى بعد هلاك قاسم أمين بعشرين سنة – هو الكتاب الذى ألف باسم نظيرة زين الدين بعنوان ( السفور والحجاب ) ومما يثير الانتباه أن الذى قرظه هو على عبد الرازق صاحب كتاب ( الإسلام وأصول الأحكام ) الذى فجر العلمانية فى مصر ورد عليه علماء العصر
أما فى الهند وباكستان فكانت حال نساء المؤمنين على خير حال من الحجاب – درع الحشمة والحياء وفى حدود عام 1370 بدأت حركة تحرير المرأة والمناداة بجناحيها الحرية والمساواة ( أقول / من يقتنع بهذه الأفكار يقول ضمنا أن الإسلام استعبد المرأة أو أنه أخطا فى فهم طبيعتها حيث لم يعطها حقها فى المساواة وهو بهذا يرتد عن الدين لقوله تعالى (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ))؟ وقوله تعالى (( قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما فى السماوات وما فى الأرض ))؟ كما أن بخروجه عن منطق التسليم يخرج عن الإسلام إذ أن المسلم هو الذى أسلم أى سلم أمره لله قال تعالى (( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )) وقال سبحانه (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )) وقال جل شأنه (( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون )) هو منطق التسليم الذى أتعب الكفارَ به الصديقُ لما قال ( إن كان قال فقد صدق ) وهم يأتون له بأغرب كلام الحبيب ليروا الدهشة على وجهه فانصدموا بهاته الكلمات البسيطة التى أدخلتهم فى متاهات التفكير ) وتُرجم لذلك كتاب قاسم أمين ( تحرير المرأة ) ثم من وراء ذلك الصحافة فى الدعاية للتعليم ونزع الخمار حتى بلغت هذه القارة من الحال ما لا يشكى إلا إلى الله تعالى منه وهو مبسوط فى كتاب ( أثر الفكر الغربى فى انحراف المجتمع المسلم فى شبه القارة الهندية ) لخادم حسين ( ص182- 195 )
وهكذا تحت وطأة سعاة الفتنة باسم الحرية والمساواة آلت نهاية المرأة الغربية بداية للمرأة المسلمة فى هذه الأقطار
إعادة المطالب المنحرفة لضرب الفضيلة فى آخر معقل للإسلام وجعلها مهادا للجهر بفساد الأخلاق
إن البداية مدخل النهاية وإن أول عقبة يصطدم بها دعاة المرأة إلى الرذيلة هى الفضيلة الإسلامية ( الحجاب لنساء المؤمنين ) فإذا أسفرن عن وجوههن حسرن عن أبدانهن وزينتهن التى أمر الله بحجبها وسترها عن الرجال الأجانب عنها وآلت حال نساء المؤمنين إلى الانسلاخ من الفضائل إلى الرذائل والانحلال والتهتك والإباحية كما هى سائدة فى جل العالم الإسلامى نسأل الله صلاح أحوال المسلمين
واليوم يمشى المستغربون الأُجراء على الخطى نفسها فيبذلون جهودهم مهرولين لضرب فضيلة الحجاب فى آخر معقل للإسلام حتى تصل الحال إلى هذه الغايات الإلحادية فى وسط دار الإسلام الأولى والأخيرة وعاصمة المسلمين وحبيبة المؤمنين ( جزيرة العرب ) التى حمى لله قلبها وقبلتها منذ أسلمت ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين إلى يومنا هذا من أن ينفذ إليها الاستعمار والإسلام فيها بحمد الله ظاهر والشريعة نافذة والمجتمع فيها مسلم لا يشوبه تجنس كافر وهؤلاء المفتونون السخابون على أعمدة الصحف اتبعوا سنن من كان مثلهم من الضالين من قبل فنقلوا خطتهم التى واجهوا بها الحجاب إلى بلادنا وصحافتنا وبدأوا من حيث بدأ أولئك بمطالبهم هذه يجرمون الوضع القائم وهو وضع إسلامى فيه الحجاب وفيه الطهر والعفاف وكل من الجنسين فى موقعه حسب الشرع المطهر فماذا ينقمون ؟ ( أقول / ينقمون منا أن آمنا بالله ربنا وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين )
لنا عودة ان شاء الله تعالى مع الجزء الثالث والأخير من السلسلة