2- ثم في نهاية هذا الحديث ، قال الناصري : وأقول أن المولى السلطان سليمان رحمه الله ، كان يرى شيئاً من ذلك ، ولأجله كتب رسالته المشهورة ، التي تكلم فيها عن حال متفقّرة الوقت – يعني بهم رهبنة الصوفية – وحذر فيها رضي الله عنه من الخروج على السنة ، والتّغالي في البدعة ، وبيّن فيها آداب زيارة الأولياء ، وحذّر من غلو العامة في ذلك ، وأغلظ فيها مبالغة في النصح للمسلمين ، جزاه الله خيراً .
كما قال أن المولى سليمان قد حدّد خطبة تحث على التوحيد ومحاربة البدع ، وأمر بتوزيعها على مساجد الجمعة ، كما أمر بإغلاق زوايا الصوفية .
وبعد الحوار الذي دار في أمور كثيرة مما نسب لهم ، قال الناصري : ثم قال صاحب الجيش : هذا ما حدّث به أولئك المذكورون ، سمعنا ذلك من بعضهم جماعة ، ثم سألنا الباقي أفراداً فاتفق خبرهم على ذلك .
ثم قلت : هذه بعض الحقائق المقرونة بالحوار والرصّد ، وكما وعدتكم الخروج عما هو في محيط منطقتكم ، حيث نشأت الوهابية الحقيقية ، وحيث لُبِّس عليكم وعلى كثير من المسلمين أمر وحقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي قام بنشرها آل سعود .
و إلا فإن الشيخ محمد كما يتّضح من رسائله وردوده التي طبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كما مرّ بنا نماذج منها ، فيها نفي وتفنيد لما ألصق في دعوته من تهم وأكاذيب لم يقلها ، بل نفاها وكرر مراراً القول : سبحانك هذا بهتان عظيم .
فكيف يصدق العاقل ، ما قيل من أمورٍ هو في حياته سمعها ونفاها ، كما نفاها تلاميذه من بعده . وهذا كتابه كتاب التوحيد ، وشرحه فتح المجيد ، وتيسير العزيز الحميد ، اقرأوها بتمعّن وتدقيق ، فإن رأيتم فيها شيئاً يخالف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلكم الحق في التشكيك ، ومثل ذلك رسائله ، ثلاثة الأصول ، وكشف الشبهات ، والقواعد الأربع ، وآداب المشي إلى الصلاة وغيرها .
3- أما الدكتور عباس الجراري وهو من هنا من المغرب ، ولست أدري هل اطلعتم على محاضرته عام 1399 هـ ، بجامعة الرياض ، جامعة الملك سعود حالياً التي قال فيها : إن التيار السلفي في المغرب ، قد ظهر مرة أخرى في بداية القرن الرابع عشر الهجري ، حيث وجه السلطان الحسن عام 1300 هـ ، رسالة إلى الشعب المغربي ، وقد نوّه عن هذا الناصري أيضاً ، كما حصل مثل ذلك عام 1185 هـ ، عندما أرسل الإمام عبد العزيز بن محمد ، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصيّن ، إلى والي مكة آنذاك لمناظرة علماء مكة ، فكان من علماء مكة المشايخ ، يحيى بن صالح الحنفي ، وعبد الوهاب بن حسن التركي مفتي السلطان ، وعبد العزيز بن هلال ، فتفاوضوا في ثلاث مسائل ، وقت المناظرة ظهرت منها لهم الحقائق المقنعة بسلامة هذه الدعوة .
ثم قلت : إن علماء مكة ذلك الوقت ، كان عندهم شبهة كما هي لدى علماء المغرب وغيرهم حسبما يتردد من إشاعات ، وما يصلهم من أكاذيب وافتراءات ينشرها المغرضون .
بعدما دخل الإمام عبد العزيز بن سعود مكة ثانية ، جرت مناظرات ، وإجابات على تساؤلاتهم ، وكان من علماء نجد : الشيخ عبد العزيز الحصيّن ، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر الذي عينه الإمام سعود قاضياً ومفتياً بمكة حتى توفي بمكة بعد ذلك . فحصلت القناعة من علماء مكة ، وصدرت بهذا وثيقة وقّعها الجميع بنفي الشبهات والأكاذيب حول الدعوة ، وطبعت عدة مرات .
ثم في عهد الملك عبد العزيز بعدما دخل مكة عام 1343 هـ ، حصل مثل ذلك .. مما أوجد قناعة بسلامة منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .
يتبع إن شاء الله
|