عرض مشاركة مفردة
  #68  
قديم 30-07-2004, 11:05 AM
فارس ترجل فارس ترجل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
المشاركات: 563
إفتراضي

الاقتباس من

كتاب ( التبيان في كفر من أعان الأمريكان)

للشيخ ناصر الفهد ، فك الله اسره


(( قالوا:

فقد ظاهر حاطب كفار مكة ومع ذلك لم يكفره النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا يدل على أن المظاهرة ومناصرة الكفار ليست كفراً !!!.

والجواب عن هذه الشبهة:

أنه لا يحتج مبطل على باطله بدليل من الكتاب أو السنة إلا وكان في ذلك الدليل ما ينقض باطله ويبين فساده – كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله – وسأذكر ما يدل على نقيض مرادهم من هذا الدليل نفسه، ويتبين هذا من وجوه:

الوجه الأول:

أن هذا الدليل من أصرح الأدلة على كفر المظاهر وارتداده عن دين الإسلام، وهذا يظهر من ثلاثة أمور في هذا الحديث:

الأمر الأول: قول عمر في هذا الحديث: دعني أضرب هذا المنافق، وفي رواية: فقد كفر، وفي رواية: بعد أن قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أوليس قد شهد بدراً ؟. قال عمر: بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك.

فهذا يدل على أن المتقرر عند عمر رضي الله عنه والصحابة أن مظاهرة الكفار وإعانتهم كفر وردة عن الإسلام، ولم يقل هذا الكلام إلا لما رأى أمراً ظاهره الكفر.

الأمر الثاني: إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لما فهمه عمر، ولم ينكر عليه تكفيره إياه، وإنما ذكر عذر حاطب.

الأمر الثالث: أن حاطباً رضي الله عنه قال: وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام.

وهذا يدل على أنه قد تقرّر لديه أيضاً أن مظاهرة الكفار (كفر وردة ورضا بالكفر)، وإنما ذكر حقيقة فعله.

الوجه الثاني:

أن حاطباً رضي الله عنه إنما أعان الرسول صلى الله عليه وسلم على أعدائه، وناصره بنفسه، وماله، ولسانه، ورأيه، في جميع غزواته، وشهد معه بدراً، والحديبية، وأهلها في الجنة قطعاً، وأعان الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة أيضاً; فقد خرج فيها غازياً مع المسلمين بنفسه وماله لحرب المشركين، ولم تقع منه مناصرة للكفار على المسلمين مطلقاً; لا بنفس، ولا مال، ولا لسان، ولا رأي، وله من السوابق ما عرفه كل مطلع.

ومع هذا كله:

فإنه لما كاتب المشركين يخبرهم بخروج النبي صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ذلك منه مظاهرة لهم ولا مناصرة; لأنه سيقاتلهم بنفسه مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد تيقن من الانتصار– فقد اتهمه عمر بالنفاق، وسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ونفى هو عن نفسه الكفر والردة، ونزل فيه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة وهو قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ…الآيات) (الممتحنة:1).

وهذا من أعظم الدلائل على أن من ناصر الكفار بنفسه أو بماله أو بلسانه أو برأيه ونحو ذلك فقد ارتد عن دين الإسلام والعياذ بالله.

الوجه الثالث:

أن رسالة حاطب رضي الله عنه لكفار مكة ليست من المظاهرة والإعانة لهم على المسلمين في شيء، فقد روى بعض أهل المغازي كما في (الفتح 7/520) أن لفظ الكتاب: أما بعد، يا معشر قريش، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام). وليس في هذا ما يفهم منه أنه مظاهرة ومناصرة لهم، بل هو قد عصى الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابته لهم، وهي معصية كبيرة كفرتها عنه سوابقه.

الوجه الرابع:

أن فعل حاطب رضي الله عنه اختلف فيه هل هو كفر أو لا ؟.

فإن قيل هو كفر: فهذا دليل على أن إفادة الكفار بمثل هذا الأمر اليسير كفر، فهو تنبيه على أن ما فوقه من المناصرة بالنفس أو المال أو غير ذلك كفر من باب أولى.

وإن قيل ليس بكفر: فإنما يكون هكذا لأنه في حقيقة فعله ليس مناصراً للكفار ولا مظاهراً لهم على المسلمين، ومع هذا فهو بريد للكفر وطريق إليه مع عدم وجود صورة المناصرة للكفار لما سبق في الوجه الأول، فلا يستدل بهذه الصورة على مسألتنا هذه، ولا تقدح في هذا الأصل.

الوجه الخامس:

أن حاطباً رضي الله عنه إنما فعل ذلك متأولاً أن كتابه لن يضر المسلمين، وأن الله ناصر دينه ونبيه حتى وإن علم المشركون بمخرجه إليهم، وقد جاء في بعض ألفاظ الحديث أن حاطباً قال معتذراً (قد علمت أن الله مظهر رسوله ومتم له أمره).

وقد أخرج البخاري رحمه الله قصة حاطب في كتاب (استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم) في (باب ما جاء في المتأولين).

وقد قال الحافظ في (الفتح 8/634): ”وعذر حاطب ما ذكره، فإنه صنع ذلك متأولاً ألاّ ضرر في").

ففرق كبير بين ما فعله وهو موقن بأن الكفار لن ينتفعوا من كتابه في حربهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين من ظاهرهم وأعانهم بما ينفعهم في حربهم على الإسلام وأهله !!.

الوجه السادس:

أن يقال للمستدل بهذا الحديث على عدم كفر المظاهر:

هل هذا الحديث يدل على أن جميع صور مظاهرة الكفار ومناصرتهم ليست كفراً وردة ؟.

فإن قال: نعم، فقد خرق الإجماع، ولا سلف له، فلا كلام معه.

وإن قال: لا.

فيقال: فما الصور التي يكفر بها المظاهر للكفار.

فأي صورة يذكرها يقدح فيها بحديث حاطب هذا، وأي جواب له على هذا القدح، فهو جوابنا عليه هنا. ))

انتهى الاقتباس