الطفلتان والبحر
وقفت عند البحر.. طفلتان
حائرتان..
تبكيان..
فأصغى البحر لدمعهما واستكان
حائرتان..
لا تدريان..
من أين الشكوى تبدءان
من الزمان أم المكان..
طفلتان .. ما علهما تخفيان؟
حائرتان .. ما علهما تبغيان؟
ناظرتان .. ما علهما تأملان ؟
* * *
ناظرتان انبلاج الضوء من فجر جديد؟
آملتان اليوم يبدأ بالأمل السعيد
سائلتان العمر يغمره الحب المديد؟
أنى انبلاج الفجر إنْ عين سهيده؟
أنى سطوع الشمس إنْ بنت شريده؟
أنى الحب يغمر النفس البليده؟
طفلتان..
لا تدريان..
أين هما إن أصبحتا تمسيان
أو إن أمسيتا تصبحان
في الفضاء الواسع المزدان..
تركلهما القدمان .. تصفعهما اليدان
تهملهما العينان .. تنساهما الأذنان
يسلوهما القلب وينساهما الوجدان
أبدع البؤس في وصفهما وجاء بالألوان
طفلتان يحويهما الليل الأسود من كل مكان
فلا تكادان .. من تي الظلمة تُـبديان
كما هما بين الناس .. منسيتان
كما هما بين الدمع مختفيتان
كما هما أقرب موتٍ ترتجيان
سألتا ملك الموت يوماً أن يسرع الإحسان
وهنا ألف ألف ملك للموت اسمه الإنسان
وهنا ألف ألف قتيل يدفن اسمه الإحسان
وهناالفضائل والأخلاق والآداب كل من عليها فان
وهنا البرحة والضيق يجتمعان ..
فيصيرا سيان
سيان إن قيل هما حرتان
وسيان إن اقديدتا إلى مخفر السجان
فما الفرق بين سجن الطوب وسجن جدرانه الإنسان؟
وما الفرق إن صمت أذن أو خرس اللسان؟
وما الفرق إن شلت يدان أو أن يبتر الكفان؟
وما الفرق بين ميت عار وميت يسكن الأكفان؟
وما الفرق إذا قيل هما ماتتا أو إن قيل هما حيتان؟
حيتان في قبر في جحر في سجن.. في هوان
.. يستوي المكان
* * *
آه .. أيتها الطفلتان
انظرا إلى دمع عيني وإلى النصيحة استمعان:
إن رمتما الخلاص من بلواكما ..
ألقيا نفسيكما بالبحر يلتقطكما الحيتان
ففي فكهم الخلاص من الهموم والأحزان
فما عاد للرحمة في أرض . . مكان
* * *
المشرقيالإسلامي