عرض مشاركة مفردة
  #57  
قديم 02-08-2004, 09:34 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

آخر من يدخل الجنة

فرجل يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منكِ، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين.
فتُرفع له شجرة، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة؛ لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها.
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب، أدنني من هذه؛ لأشرب من مائها، وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها.
ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب، أدنني من هذه؛ لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول الرجل: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليها، فيدنيه منها.
فإذا أدناه منها، يسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب، أدخلني الجنة، فيقول له الله عز وجل: سل وتمن، ويلقنه الله ما لا علم له به، فيَسأل ويَتمنى مقدار ثلاثة أيام من أيام الدنيا، فيقول الله: يا ابن آدم، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ فيقول: يا رب، أتستهزئ مني وأنت رب العالمين! فيضحك الله تبارك وتعالى، ثم يقول له: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر، يا ابن آدم، لك ما سألت، وعشرة أمثاله معه.
فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين العباد، يفقد المؤمنون رجالا كانوا معهم في الدنيا، يصلون بصلاتهم، ويزكون بزكاتهم، ويصومون صيامهم، ويحجون حجهم، ويغزون غزوهم، فيقولون: أي ربنا، عباد من عبادك، كانوا معنا في الدنيا، يصلون صلاتنا، ويزكون زكاتنا، ويصومون صيامنا، ويحجون حجنا، ويغزون غزونا، لا نراهم! فيقول: اذهبوا إلى النار، فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه، فيجدونهم قد أخذَتهم النار على قدْر أعمالهم، فمنهم من أخذته إلى قدميه، ومنهم من أخذته إلى نصف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من أزرته، ومنهم من أخذته إلى ثدييه، ومنهم من أخذته إلى عنقه، ولم تغش الوجوه، فيَستخرجونهم منها، فيُطرحون في ماء الحياة، وهو غسل أهل الجنة، فينبتون كما تنبت الزرعة في غثاء السيل.
ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصا، فيُخرجونهم منها، ثم يتحنن الله برحمته على من فيها، فما يترك فيها عبدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها.
وتُدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد، الأول فالأول،
ثم يأتينا ربنا بعد ذلك،
فيقول: من تنظرون؟
فنقول: ننظر ربنا،
فيقول: أنا ربكم،
فنقول: حتى ننظر إليك، فيتجلى لنا يضحك، فينطلق بنا، ونتبعه، ويُعطى كل إنسان منا (منافق أو مؤمن) نورا، ثم نتبعه، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يُطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفا، لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوإ نجم في السماء، ثم كذلك، ثم تحل الشفاعة، ويشفعون، حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيُجعلون بفناء الجنة، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل، ويذهب حراقه، ثم يَسأل حتى تُجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها.

وعندما يجمع الله عز وجل الأوّلين والآخرين لميقات يوم معلوم، قياماً أربعين سنة، شاخصة أبصارهم، ينتظرون فصل القضاء،
يقول الرب تبارك وتعالى: ارفعوا رؤوسكم، فيرفعون رؤوسهم، فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يُعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يُعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يُعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من يُعطى أصغر من ذلك، حتى يكون آخرهم رجلاً يعطى نوره على إبهام قدميه، يضيء مرةً ويُطفأ مرة، فإذا أضاء قدّم قدمه، وإذا أُطفئ قام، فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب، ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرجل، حتى يمر الذي يُعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، تُمد يدٌ وتعلق يد، وتخر رجلٌ وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فلا يزال كذلك حتى يخلص،
فإذا خلص وقف عليها فقال: الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحداً، إذ نجاني منها بعد إذ رأيتُها، فيُنطلق به إلى غدير عند باب الجنة، فيغتسل، فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم، فيرى ما في الجنة من خلل الباب،
فيقول: رب أدخلني الجنة، فيقول له: أتسأل الجنة وقد نجيتُك من النار؟
فيقول: رب اجعل بيني وبينها حجاباً لا أسمع حسيسها، فيدخل الجنة، ويُرفع له منزل أمام ذلك، كأن ما هو فيه إليه حلم،
فيقول: رب أعطني ذلك المنزل، فيقول له: لعلك إن أعطيتكه تسأل غيره،
فيقول: لا، وعزتِك لا أسألك غيره، وأي منزل أحسن منه؟ فيُعطاه، فينزله.
ويرى أمام ذلك منزلاً كأن ما هو فيه إليه حلم،
فيقول: رب أعطني ذلك المنزل، فيقول الله تبارك وتعالى له: فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره،
فيقول: لا، وعزتِك يا رب، وأي منزل أحسن منه؟ فيُعطاه، فينزله، ثم يسكت.
فيقول الله جل ذكره: ما لك لا تسأل؟
فيقول: رب قد سألتُك حتى استحييتُك، وأقسمتُ حتى استحييتُك،
فيقول الله جل ذكره: ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه؟
فيقول: أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ فيضحك الرب تبارك وتعالى من قوله، ويقول: لا، ولكني على ذلك قادر، سل،
فيقول: ألحقني بالناس،
فيقول: الحق بالناس، فينطلق يرمل في الجنة، حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة، فيخر ساجداً،
فيُقال له: ارفع رأسك، ما لك؟
فيقول: رأيتُ ربي، أو تراءى لي ربي،
فيُقال: إنما هو منزل من منازلك. ثم يَلقى رجلاً فيتهيأ للسجود له،
فيُقال له: مه، فيقول: رأيت أنك ملَك من الملائكة،
فيقول: إنما أنا خازن من خزانك، وعبد من عبيدك، تحت يدي ألف قهرمان على ما أنا عليه، فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر، وهو من درة مجوفة، سقائفها وأبوابها، وأغلاقها ومفاتيحها، منها تستقبله جوهرة خضراء، مبطنة بحمراء، فيها سبعون باباً، كل باب يفضي إلى جوهرة خضراء مبطنة، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى، في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهن حوراء عليها سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء حللها، كبدها مرآته، وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضةً ازدادت في عينه سبعين ضعفا،
فيُقال له: أشرِف، فيُشْرِف، فيُقال له: ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصرك.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }