عرض مشاركة مفردة
  #75  
قديم 02-08-2004, 09:45 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

وقد جاء في النسائي -يعني: في سنن النسائي- وفي غيره تقييد ما يحب هنا بما هو معلوم ، وهو قوله : ( حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ) وهذا ظاهر غير بين ، ولكن التنصيص عليه واضح .
أما أمور الدنيا فإن محبة الخير لأخيه كما يحب لنفسه هذا مستحب ؛ لأن الإيثار بها مستحب ، وليس بواجب ، فيحب لأخيه أن يكون ذا مال مثل ما يحب لنفسه هذا مستحب ، يحب لأخيه أن يكون ذا وجاهة مثل ما له هذا مستحب ،
يعني: لو فرط فيه لم يكن منفيا عنه ، لم يكن كمال الإيمان الواجب منفيا عنه ؛ لأن هذه الأفعال مستحبة ، فإذا صار المقام هنا على درجتين ، إذا كان ما يحبه لنفسه متعلقا بأمور الدين فهذا واجب أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه ، وهذا هو الذي تسلط نفي الإيمان عليه .

( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )
يعني: من أمور الدين أو من الأمور التي يرغب فيها الشارع وأمر بها أمر إيجاب أو أمر استحباب وكذلك ما نهى عنه الشارع ، فيحب لأخيه أن ينتهي عن المحرمات ويحب لأخيه أن يأتي الواجبات ، هذا لو لم يحب لأنتفى عنه كمال الإيمان الواجب ، أما أمور الدنيا -كما ذكرنا- فإنها على الاستحباب يحب لأخيه أن يكون ذا سعة في الرزق فهذا مستحب ، يحب أن يكون لأخيه مثل ما له من الجاه مثلا أو من المال أو من حسن الترتيب أو من الكتب أو… إلخ فهذا كله راجع إلى الاستحباب.

ويتفرع عن هذا مسألة الإيثار ،
والإيثار منقسم إلى قسمين : إيثار بالقرب ، وإيثار بأمور الدنيا ...،
أما الإيثار بالقرب فإنه مكروه لأنه يخالف ما أمرنا به من المسابقة في الخيرات والمسارعة في أبواب الطاعات ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {21} سورة الحديد وقوله تعالى ( وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {133}سورة آل عمران فالمسارعة والمسابقة تقتضي أن كل باب من أبواب الخير يسارع إليه المسلم ويسبق أخاه إليه وقوله تعالى ( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ {26}سورة المطففين .

والقسم الثاني الإيثار في أمور الدنيا يعني: في الطعام في الملبس في المركب في التصدر في مجلس أو ما أشبه ذلك فهذا مستحب أن يؤثر أخاه في أمور الدنيا كما قال -جل وعلا- في وصف خاصة المؤمنين : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {9}سورة الحشر ‏فدلت الآية على أن الإيثار بأمور الدنيا من صفات المؤمنين وهذا يدل على استحبابه ،
صلة هذا بالحديث ، قال : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) يحب للأخ ما يحب للنفس ، قد يقتضي هذا أن يقدمه ، فهل إذا كان في أمور الدنيا يقدمه على ما ذكرنا ؟
إن الإيثار بالقرب مكروه ، الإيثار في أمور الدنيا مستحب فحبه لأخيه ما يحب لنفسه من أمور الدنيا مستحب هنا أيضا ، يستحب أن يقدم أخاه على نفسه في أمور الدنيا .

هذا خلاصة ما في الحديث من البحث ، وبهذا يظهر ضابط قوله : ( لا يؤمن أحدكم ) وما يتصل بها من الفعل ( حتى يحب لأخيه ) ( حتى أكون أحب إليه من ولده ، ووالده والناس أجمعين ) إن هذا أمر مطلوب شرعا ، ( من لا يأمن جاره بوائقه ) إلخ .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

إنتهى شرح الحديث الثالث عشر

تحياتي

__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }