عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 09-08-2004, 07:58 AM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

غزوة الحديبية

لما كان ذو القعدة من السنة السادسة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا في ألف ونيف وقيل وخمسمائة وقيل وأربعمائة وقيل وثلاثمائة وقيل غير ذلك فأما من زعم أنه إنما خرج في سبعمائة فقط غلط
فلما علم المشركون بذلك جمعوا احابيشهم وخرجوا من مكة صادين له عن الاعتمار هذا العام وقدموا على خيل لهم خالد بن الوليد الى كراع الغميم وخالفه صلى الله عليه وسلم في الطريق
فانتهى صلى الله عليه وسلم الى الحديبية وتراسل هو والمشركون حتى جاء سهيل بن عمرو فصالحه على أن يرجع عنهم عامهم هذا وأن يعتمر من العام المقبل فأجابه صلى الله عليه وسلم الى ما سأل لما جعل الله عز وجل في ذلك من المصلحة والبركة وكره ذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وراجع أبا بكر الصديق في ذلك ثم راجع النبي صلى الله عليه وسلم فكان جوابه صلى الله عليه وسلم كما أجابه الصديق رضي الله عنه وهو أنه عبدالله ورسوله وليس يضيعه وهو ناصره وقد استقصى البخاري هذا الحديث في صحيحه فقاضاه سهيل بن عمرو على أن يرجع عنهم عامه هذا وأن يعتمر من العام المقبل على أن لا يدخل مكة إلا في جلبان السلاح وأن لا يقيم عندهم أكثر من ثلاثة أيام وعلى أن يأمن بينهم وبينه عشر سنين فكانت هذه الهدنة من أكبر الفتوحات للمسلمين كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وعلى أنه من شاء دخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شاء دخل في عقد قريش وعلى أنه لا يأتيه احد منهم وإن كان مسلما إلا رده إليهم وإن ذهب أحد من المسلمين إليهم لا يردونه إليه فأقر الله سبحانه ذلك كله إلا ما استثنى من المهاجرات المؤمنات من النساء فإنه نهاهم عن ردهن الى الكفار وحرمهن على الكفار يومئذ وهذا أمر عزيز ما يقع في الأصول وهو تخصيص السنة بالقرآن ومنهم من عده نسخا كمذهب أبي حنيفة وبعض الأصوليين وليس هو الذي عليه أكثر المتأخرين والنزاع في ذلك قريب إذ يرجع حاصله الى مناقشة في اللفظ
وقد كان صلى الله عليه وسلم قبل وقوع هذا الصلح بعث عثمان بن عفان رضي الله عنه الى أهل مكة يعلمهم أنه لم يجئ لقتال أحد وإنما جاء معتمرا فكان من سيادة عثمان رضي الله عنه أنه عرض عليه المشركون الطواف بالبيت فأبى عليهم وقال لا أطوف بها قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرجع عثمان رضي الله حتى بلغه صلى الله عليه وسلم انه قد قتل عثمان فحمي لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا أصحابه الى البيعة على القتال فبايعوه تحت الشجرة هناك وكانت سمرة وكان عدة من بايعه هناك جملة من قدمنا أنه خرج معه الى الحديبية الا الجد بن قيس فإنه كان قد استتر ببعير له نفاقا منه وخذلانا وإلا أبا سريحة حذيفة بن أسيد فإنه شهد الحديبية وقيل إنه لم يبايع وقيل بل بايع وكان أول من بايع يومئذ أبو سنان وهب بن محصن أخو عكاشة بن محسن وقيل ابنه سنان بن أبي سنان وبايع سلمة بن الأكوع رضي الله عنه يومئذ ثلاث مرات بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له بذلك كما رواه مسلم عنه
ووضع صلى الله عليه وسلم إحدى يديه عن نفسه الكريمة ثم قال وهذه عن عثمان رضي الله عنه فكان ذلك أجل من شهوده تلك البيعة
وأنزل الله عزوجل في ذلك لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك
وقال صلى الله عليه وسلم لا يدخل ممن بايع تحت الشجرة النار فهذه هي بيعة الرضوان
ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من مقاضاة المشركين كما قدمنا شرع في التحلل من عمرته وأمر الناس بذلك فشق عليهم وتوقفوا رجاء نسخه فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فدخل على أم سلمة فقال لها ذلك فقالت أخرج أنت يا رسول الله فاذبح هديك واحلق رأسك والناس يتبعونك يا رسول الله فخرج ففعل ذلك فبادر الناس الى موافقته فحلقوا كلهم الا عثمان بن عفان وأبا قتادة الحارث بن ربعي فإنهما قصرا ذكره السهيلي في الروض الأنف
وكاد بعضهم يقتل بعضا غما لأنهم يرون المشركين قد ألزموهم بشروط كما أحبوا وأجابهم صلى الله عليه وسلم إليها وهذا من فرط شجاعتهم رضي الله عنهم وحرصهم على نصر الإسلام ولكن الله عزوجل بحقائق الأمور ومصالحها منهم
ولهذا لما انصرف صلى الله عليه وسلم راجعا الى المدينة أنزل الله عز وجل عليه سورة فتح مكة بكمالها في ذلك
وقال عبدالله بن مسعود إنكم تعدون الفتح فتح مكة وإنما كنا نعده فتح الحديبية وصدق رضي الله عنه فإن الله سبحانه وتعالى جعل هذه هي السبب في فتح مكة
كما سنذكره بعد إن شاء الله تعالى

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }